سبق السيف العذل!
ترجمة “هنا لبنان”
كتب Marc Saikali لـ “Ici Beyrouth“:
ما إن ظهر بصيص أمل في أفق لبنان، حتى أعادت “جبهة الإسناد” إغراق البلاد في الفقر والخراب.. جبهة انطلقت بقرار أحادي وغير مشروع، ضربت في الصميم بلداً كان على وشك التحرر من سباته الاقتصادي قبل الثامن من أكتوبر. ولأي غاية؟ من أجل لا شيء. ومن لا يستذكر موجات الرحيل التي حملت اللبنانيين بعيداً عن بلادهم وأجهضت الآمال كلها؟
سبق السيف العذل!
قبل ذلك التاريخ المشؤوم، كان اللبنانيون المقيمون في الجنوب ينعمون بحياة هانئة. أما اليوم، طال الدمار نحو ستين قرية وقطع طرق الوصول إليها.
قبل ذلك التاريخ، تمحورت المفاوضات مع إسرائيل حول 13 نقطة متنازعاً عليها على طول الحدود.
أما اليوم، “اللي فات مات” ولا أحد يعلم إن كان لبنان سيستعيد أراضيه.
قبل ذلك التاريخ، كان احتواء التوترات الطائفية ممكناً. أما اليوم، يسود وقف إطلاق نار هش.. لا يعدو كونه أكثر من استسلام كامل للميليشيات الموالية لإيران على الرغم من شعارات “النصر” الفارغة. وما عادت الخدعة تنطلي على غالبية الشعب اللبناني التي تطالب بمحاسبة حزب الله.
قبل ذلك التاريخ، كانت صور “الشهداء” التي تضفي على بيروت طابع طهران، تفرض بالقوة على الرغم من أنها موضع انتقاد. أما اليوم، لم تعد هذه البروباغندا تحظى بدعم السواد الأعظم من السكان.
في السابق، كان أنصار السيادة يصطدمون بعائق الخوف. أما اليوم، ما عادت الأفواه مكممة وارتفعت الأصوات التي تصرخ: كفى!
في السابق، أخذت الإنتخابات الرئاسية رهينة وتمت عرقلتها لتضييق الخناق على البلد وتفجيرها. أما اليوم، بات بالإمكان ترقب وصول ساكن بعبدا الجديد.
في السابق، فرضت معادلة الشعب والجيش والمقاومة كعقيدة رسمية وترددت على ألسنة من يفتقرون للإرادة الحرة. أما اليوم، لا يحكم المعادلة إلا الجيش.. ووحده من يرفع راية الإنقاذ. وبالتوازي، ما عاد أحد يحتمل تواجد جيش ثانٍ بإمرة إيرانية على الأراضي اللبنانية.
في السابق، حملت شماعة “توازن الرعب” على اعتبار أنّ هذا التوازن وحده هو ما يردع أي حرب. لكن ما عاد ذلك العذر الواهي يخدع أحداً.
في السابق، كانت البلاد مشرعة الأبواب أمام الهجرة والإتجار بجميع أنواعه والإفلات من العقاب. لكن اليوم، دقت ساعة الرقابة، كي لا نقول الوصاية، الدولية.
ومع ذلك، لا يزال المتعنتون المتشبثون بمصالحهم يرفضون الاعتراف بالحقيقة ويصرون على التظاهر بأن شيئاً لم يتغير، والأسوأ بعد، يواظبون على إقناع الآخرين بذلك.. لكن الواقع مغاير.. وصفحة الأمس قد طويت. الثابت الوحيد في هذه المرحلة هي إمكانية استئناف الحرب في أي لحظة. لا بل وبأشكال أعنف بعد. بالتالي، يواجه حزب الله معضلة. إما أن يوافق على الاستسلام، واحترام ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، أو التعنت حتى يقضي القتال عليه نهائياً.
في السابق، جرفنا سوء التقدير والأخطاء الاستراتيجية إلى حرب مدمرة. فما عساه سيحدث تالياً؟
“الجنون هو أن تفعل نفس الشيء مراراً وتكراراً وتتوقع نتيجة مختلفة”.. قالها أينشتاين ويبدو أنّ لبنان لم يتعلم الدرس.. والجنون في بلاد الأرز فنون!