أردوغان “الحربوق” و”كبش المحرقة” العربي
ترجمة “هنا لبنان”
كتب Marc Saikali لـ “Ici Beyrouth“:
لا شك بأنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثبت قدرته على الصمود ونَفَسه الطويل باستراتيجية مدروسة. وخير دليل، ضربة “المعلم” التي قام بها مؤخراً: الإطاحة بنظام بشار الأسد بضوء أخضر أميركي وموافقة ضمنية من الروس. ذلك “الحربوق” الذي انفضّ الجميع من حوله ذات يوم، والذي اتهم بتهميش علمانية مصطفى كمال أتاتورك، والذي لاقى المنافسة في صناديق الاقتراع، عاد كلاعب محوري على الساحة الجيوسياسية الشرق أوسطية. قد ينظر إليه الجميع بعين الريبة، ولكن قلما يهم! لا يمكن تجاهله أبداً. وأعداؤه التاريخيون أي الأكراد كانوا أول من أدرك ذلك المعطى الجديد. وهذا ما ترجم بهدوئهم الحذر شمال شرق سوريا، تحت مظلة الوجود العسكري الأميركي. أقله في الوقت الحالي..
وها هي أنقرة قد استحالت، منذ عدة أيام، محطة تتقاطع فيها الموجات الدبلوماسية.. ومن الوافدين، رئيس الوزراء اللبناني. الوفود تتدفق من كل صوب للقاء سلطان الباب العالي الجديد. فكم تطلب الأمر من العرب؟ لا شك أنهم قد بذلوا جهداً كبيراً لإثبات عجزهم حتى آلت الحال لما هي عليه اليوم!
وتكثر الأمثلة على ذلك، فها هي الجامعة العربية عاجزة عن التعامل مع أبسط المشاكل فما بالك بأكثرها تعقيداً.. من غزة إلى لبنان، مروراً بسوريا والسودان واليمن وليبيا، الملفات تتكدس تباعاً دون تسجيل أي مبادرة جدية. ولا واحدة حتى! ثم تأتيك البيانات الصحفية الرتيبة لتوقع شهادة الفشل على جميع الجبهات. حتى نكاد تقريباً ننسى وجود الجامعة العربية لولا بعض المناوشات: 22 دولة عربية تقف عاجزة عن وضع تصور مشترك بالحد الأدنى حتى في ما يتعلق بإحدى الدول الأعضاء وبمستقبلها. وبما أنّ السياسة تكره الفراغ بطبيعتها، سارعت قوى أخرى لاتخاذ القرارات نيابة عن 400 مليون عربي. هذه القوى ليست سوى إيران وتركيا وإسرائيل.. ثلاثي يسعى لمصالح متباينة ويزيد، بلا هوادة، ذلك الشرخ داخل “العالم العربي”.
وبعد أن عملت إيران منذ العام 1979 على تصدير “ثورتها”، تحطم الهلال الشيعي الذي بنته طهران بصبر. وسواء أأعجب ذلك المعنيين أم لا، هزمت إسرائيل حماس وحزب الله بعد قطع مصادر الإمداد بالأسلحة والمال وإمساك مناهضي التدخل الإيراني بالسلطة في دمشق.
أما في العراق، وجه العراقيون رسائل سياسية واضحة إلى ميليشياتهم الشيعية، مفادها أنّ مواصلة التصعيد وعرض العضلات لن يؤديا إلا إلى هزيمة حتمية. والرسالة قد وصلت على ما يبدو، حيث أعلنت هذه الميليشيات وقف الهجمات ضد إسرائيل انطلاقًا من العراق. وفي المقابل، لا يزال الحوثيون في اليمن مُصِرون على المغامرة دون بصيرة والمضي قدمًا في مشروعهم دون الإلتفات للعواقب. ولذلك يرتقب انضمامهم خلال أسابيع قليلة، إلى قائمة الخاسرين في هذا الصراع الإقليمي. وذلك قبل “تصفية الحسابات الكبرى” مع إيران. إسرائيل تحصد النصر بينما يتراجع نفوذ إيران في كل مكان. وفي هذا السياق المضطرب بالذات، أبدعت تركيا في اختيار التوقيت الأنسب للبروز على الساحة الإقليمية.
وهكذا، يصبح أردوغان الرابح الأكبر.. وها هو المحاور الرئيسي الذي ينطق بلسان العالم العربي السني. ومن الآن فصاعداً، لا بدّ من موافقة النسخة الجديدة من الإمبراطورية العثمانية قبل الشروع بأي خطوة! هي فعلاً حكاية أردوغان “الحربوق” و”كبش المحرقة” العربي!
مواضيع ذات صلة :
جنبلاط يلتقي أردوغان | أردوغان: انتهاك وحدة أراضي سوريا خط أحمر بالنسبة لتركيا | “المرحلة المقبلة ستكون أكثر تعقيداً”… أردوغان يُعلّق على تعيين نعيم قاسم أميناً عاماً لـ”الحزب” |