ترامب و”إسطبلات أوجيان”
كتب Mario Chartouni لـ” This Is Beirut”:
على أعتاب تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في 20 كانون الثاني، تفرض سلسلة معقدة من التحديات نفسها. فما هي أهم أولويات الرئيس الجديد في ظل الاستقطاب الشديد الذي يستدعي توحيد الشعب ومعالجة قضاياه الملحة؟
الاقتصاد: أولوية قصوى
الإقتصاد في قائمة أولويات ترامب الذي تعهد منذ البداية بوضع حد للتضخم وتخفيف أعباء الغلاء في الولايات المتحدة. وذلك بعد تسجيل مستويات غير مسبوقة من التضخم منذ الثمانينيات. وبلغ التضخم ذروته عند 8.3٪ في عام 2022 – وهو أعلى مستوى له منذ 40 عامًا، في ظل إدارة جو بايدن. ومع ذلك، تبقى قدرة ترامب على التأثير بشكل مباشر على الأسعار محدودة بسبب استقلالية بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (الفيدرالي).
وباعتباره مؤيدًا قويًا لاقتصاديات الموارد الجانبية، يسعى ترامب إلى زيادة إنتاج الطاقة المحلية ودفع مشاريع تطوير الإسكان على الأراضي الفيدرالية.
ترويض الضرائب
الأرقام الصادرة عن وزارة الخزانة الأميركية مثيرة للذهول: في العام 2024، جمعت الحكومة 4.92 تريليون دولار من الإيرادات، في المقام الأول من ضرائب الدخل الفردية. ومع ذلك، بلغ إجمالي النفقات 6.75 تريليون دولار، مما أدى إلى عجز قدره 1.83 تريليون دولار.
أما الأكثر إثارة للقلق فهو أنّ الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2024 بلغ 28.83 تريليون دولار، وهو ما يقل عن الدين الوطني، الذي يبلغ 35.46 تريليون دولار، مما أدى إلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 123٪.
وغالبًا ما يبرز مصطلح “التقشف” بشكل مقلق بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون معناه. ويشير هذا المصطلح إلى التدابير الرامية إلى خفض العجز في الميزانية والحد من نمو الدين العام، وعادة من خلال خفض الإنفاق، أو زيادة الضرائب، أو مزيج من الاثنين. وبعبارات بسيطة، يمكن أن يعني “العيش في حدود إمكانياتنا” دون تأجيج الفقاعات الاقتصادية.
عدا عن ذلك، أكدت الأبحاث الشاملة والمفصلة لخبراء الاقتصاد ألبرتو أليسينا وكارلو فافيرو وفرانشيسكو جيافاتزي، أنّ خفض الإنفاق العام وبالتالي الضرائب – أكثر فعالية في تخفيف عجز الميزانية. كما أظهرت البيانات التجريبية أنّ خفض الإنفاق أكثر فعالية عادة في خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من زيادات الضرائب. وعلاوة على ذلك، قد تشير مثل هذه التخفيضات لاحتمال تخفيض الضرائب في المستقبل، وبالتالي تحفيز الاستثمار.
وضمن استراتيجيته لخفض الإنفاق الحكومي، يخطط ترامب لإنشاء وكالة جديدة، وزارة كفاءة الحكومة، بقيادة إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي. وستسعى الوزارة لتبسيط وترشيد العمليات الحكومية، من خلال التخلص من اللوائح غير الضرورية والحد من البيروقراطية الفيدرالية. كما يقترح ترامب جولة جديدة من التخفيضات الضريبية، بما في ذلك تمديد إصلاحات الضرائب لعام 2017، وخفض معدل ضريبة الشركات إلى 15٪ وإلغاء ضريبة دخل الضمان الاجتماعي.
السياسة الخارجية لترامب متجذرة في الانعزالية، وإعطاء الأولوية للحد من مشاركة الولايات المتحدة في الشؤون العالمية، وتقليص التحالفات الدولية ووضع المصالح الوطنية في المقام الأول. وينعكس هذا النهج في رفضه للتدخلات العسكرية المطولة في الخارج وسياسة التجارة الحمائية وتفضيل الاتفاقيات الثنائية بدلاً من تلك متعددة الأطراف. وسبق أن أثارت معارضته لتقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا وانتقاده لحلف شمال الأطلسي مخاوف بين الحلفاء الدوليين وشكلت خروجاً صارخا عن سياسة إدارة بايدن في دعم أوكرانيا.
ولعل أكثر العناصر المثيرة للجدل في حملة ترامب، وعده بحل الصراع في أوكرانيا في غضون 24 ساعة. وأثار هذا البيان انتقادات حادة، حيث شكك بعض المحللين في واقعية ومسؤولية مثل هذا الوعد. ومع ذلك، يعول ترامب على علاقاته مع فلاديمير بوتن وفولوديمير زيلينسكي للتفاوض على وقف إطلاق نار سريع.
المناخ: مقترحات مثيرة للجدل
في الملف البيئي، يخطط ترامب للحد من اللوائح البيئية والتراجع عن سياسات بايدن في مجال التحول في مجال الطاقة، وتحديداً تلك المتعلقة بالمركبات الكهربائية.
ومن ضمن تدابيره، إلغاء “تفويض المركبات الكهربائية”، وهي سياسة تلزم شركات صناعة السيارات بزيادة إنتاج المركبات الكهربائية لتلبية معايير التلوث التي حددتها وكالة حماية البيئة.
وبالنسبة لترامب، تشكل هذه القواعد التنظيمية عبئاً على صناعة السيارات وتعيق نمو قطاعات الطاقة التقليدية مثل النفط والغاز الطبيعي. كما اقترح إعادة إنتاج الطاقة المحلية على الأراضي الأميركية، بما في ذلك رفع حظر الحفر البحري وتوسيع مشاريع استخراج الوقود الأحفوري.
ووصف ترامب بالفعل “الصفقة الخضراء الجديدة” بأنها “خدعة خضراء”، وهو برنامج يزعم أنه يضر بمنتجي الطاقة والأسر الأميركية. وكان قد تعهد بإنهاء دعم الطاقة المتجددة، والتركيز بدلاً من ذلك على إحياء تطوير الوقود الأحفوري، والذي يراه حيويًا للنمو الاقتصادي للبلاد.
ويبقى أن ننتظر لنرى ما إذا كانت هذه الوعود الجريئة ستمثل نقطة تحول في تاريخ الولايات المتحدة وتبشر بعصر جديد من الرخاء والقوة.
مواضيع ذات صلة :
مستشار ترامب: حماس لن تحكم قطاع غزة أبداً | مستخدمون يخطّطون لترك “إكس” يوم تنصيب ترامب… وتطبيق يتيح لهم الاحتفاظ بمتابعيهم | من هم عمالقة التكنولوجيا الذين سيحضرون مراسم تنصيب ترامب؟ |