الزراعة: بين التحدّيات المُناخيّة والأمنيّة
ترجمة “هنا لبنان”
كتبت Christiane Tager لـ “Ici Beyrouth“:
في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة المستمرّة، يواجه القطاعُ الزّراعي في لبنان تحدّيات متزايدة تُفاقِم من معاناةِ المزارعين. ويمكن تلخيصُ هذه التحدّيات بنقطتَيْن: التحدّيات المُناخية والشّتاء غيْر المعهود وتداعيات الحرب. وبالتّوازي مع تسجيل شتاءٍ معتدلٍ يهدّدُ المحاصيل، تتعرّض البنية التحتيّة ووسائل الإنتاج لضغوطٍ إضافيةٍ نتيجةَ الأوضاعِ الإقليمية المتوتّرة، ما يزيد المشهد الزراعي تعقيدًا.
ويواجه القطاع الزّراعي في لبنان حالةً من الضبابيّةِ بسبب التحدّيات المُناخيّة والجيوسياسيّة التي تعرقلُ الممارسات الزّراعية، مما ينعكس بشكلٍ مباشرٍ على الإنتاجيّة وجودةِ المحاصيلِ وعلى التّوازنات الاقتصاديّة.
وفي هذا السّياق، أكَّد مستشارُ وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، عبد الله نصر الدين، أنَّ المناخَ الربيعي المعتدلَ بالإضافة إلى قلّةِ الأمطار وعدمِ انتظامها، من العوامل الأساسيّة التي تؤثّرُ في القطاع الزراعي في لبنان، والذي يعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على الظّروف المناخيّة. وأوضحَ أنَّ الزراعةَ قد تواجِهُ تحدّياتٍ كبيرة في حال تزايد هطولِ الأمطار بشكلٍ غيْر منتظم، مما قد يتسبب بفيضاناتٍ مفاجئةٍ أو فتراتِ جفافٍ تؤثّر سلبًا على الإنتاجيّة الزراعيّة.
وفي الواقعِ، قد تؤدّي درجاتُ الحرارة غيْر المعتادة وانخفاضُ معدّل هطولِ الأمطار، لتسريعِ نموّ الفواكِه والخضراوات، مما يدفع بعض النباتات للتّبرعم مبكّرًا. كما قد يُلحِقُ الصّقيع المتأخر وعواصف البرد، أضرارًا جسيمةً بالنباتاتِ الهشَّة التي نَمَت قبل أوانِها، مما يهدّدُ المحاصيلَ ويؤثّر في الإنتاج الزّراعي.
بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ غيابَ شتاءٍ قاسٍ يخلُّ بتوازنِ دورةِ السّكون لدى بعض النباتات. فالكثيرُ من المحاصيلِ تحتاجُ إلى درجاتِ حرارةٍ منخفضةٍ خلالَ فصل الشتاء للدخولِ في مرحلةِ راحةٍ ضروريةٍ لنموّها السليم. وعند عدم توفُّر هذه البرودة، تصبحُ النباتاتُ أكثر عرضةٍ للظروف المناخيّة غير الملائمة أو للأمراض، مما قد يؤثّر سلبًا في إنتاجيّتها وجودتِها.
انخفاض هطول الأمطار 70%
بالإضافة إلى ذلك، انخفضت معدّلاتُ هطولِ الأمطار بنسبة 70% مقارنةً بالسنوات السابقة. ونتيجةً لذلك، تعاني النباتاتُ من صعوبةٍ في النّموّ بغيابِ المخزونِ الكافي من المياه في التّربة. ويؤدّي الجفافُ إلى تأخيرِ عمليةِ الإنباتِ والنّموّ، مما يؤثر سلبًا في المحصولِ النّهائي. علاوةً على ذلك، يقلِّلُ استمرارُ الجفافِ لفترات طويلة من احتياطي المياه اللازم للريّ خلال فصل الصيف، وهذه مرحلةٌ حاسمةٌ لنضجِ الفواكه والخضراوات.
ومع انخفاضِ المحاصيل، ترتفعُ التداعياتُ الاقتصاديّة، إذ يواجِه المزارعون تراجعًا في الأرباحِ بسبب ارتفاع تكاليف الريّ، في حين أنَّ تدهورَ جَوْدَةِ المنتجات قد يؤثّر سلبًا في أسعارِها في الأسواق، مما يزيد من الضّغوط الاقتصاديّة على القطاع الزراعي.
الحرب وتحدّياتها
وعدا عن تأثيراتِ درجاتِ الحرارة غيْر المعتادة، يواجِهُ القطاعُ الزراعي اللبناني تحدِّياتٍ إضافيّةٍ نتيجةَ الأضرار التي خلّفتها الغارات الإسرائيليّة الأخيرة على المناطق الزّراعية في جنوبِ لبنان، على حدِّ تعبير مستشار وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عبد الله نصر الدين. وتسبَّبَت الحربُ بتدميرِ المحاصيلِ وإلحاقِ أضرارٍ بالبنية التحتيّة الزراعيّة وبخسائرَ فادحةٍ، خصوصًا في المناطقِ الحدوديّة حيث دُمرت مساحاتٌ واسعةٌ من الأراضي الزراعية، مما فاقم أزمةَ الأمن الغذائي في بعض المناطِق.
وأخيرا، تأثرت سبلُ عيشِ المزارعين في هذه المناطق، ما دفع وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن، لإطلاقِ خطّةٍ وطنيةٍ لدراسةِ وتقييم الأضرارِ الزراعيةِ الناجمةِ عن القصْف. وتهدفُ هذه الخطّة إلى تحديدِ حجمِ الخسائر في المحاصيلِ الزراعية، مع التركيزِ على القطاعاتِ الأكثر تضرُّرًا، كزراعةِ الزيتون والأفوكادو، حيث الخسائرَ هائلة. كما تشملُ الخطةُ تقديمَ الدّعم للمزارعين المتضرّرين عبر برامجِ تعويضاتٍ، إضافةً إلى توفيرِ المساعداتِ اللّازمة لإعادةِ تأهيلِ الأراضي الزّراعية المتضرّرة.
مواضيع ذات صلة :
القطاع الصحي خلال الحرب… وأرقام صادمة! | الجيش يعزّز انتشاره جنوبًا… ودعم أوروبي بقيمة 60 مليون يورو لتعزيز إستقراره | إتفاقية وقف إطلاق النار: سلام هش أم فخ دائم؟ |