أورتاغوس ومهمّة في سياق عارم بالسخط

ترجمة هنا لبنان 8 نيسان, 2025

كتب Michel Touma لـ”Ici Beyrouth“:

فلنضع الأمور في نصابها ولنتجنّب اللفّ أو الدوران… ما عادت المرحلة الحالية تحتمل المجاملة ولا التخاذل أو التردّد. وفي الأصل، مضى 20 عامًا على إحكام حزب الله قبضته على الساحة المحلية منذ عام 2005، لا بل تعود الحكاية للعام 1969 مع توقيع اتفاق القاهرة مع الفصائل الفلسطينية. مذّاك والشعب اللبناني يدفع أثمان حروب لا ناقة له فيها ولا جمل. حروبٌ عبثيةٌ بلا أفق، لا تخدم إلا مصالح جيوسياسية إقليمية لا تقل عبثيّة هي الأخرى. أما آن الأوان ليطمح الشعب اللبناني إلى حياةٍ عاديةٍ وطبيعية… على غرار سائر شعوب العالم؟

في هذا السّياق العارم الذي بلغ فيه السخط ذروته، تندرج زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إلى بيروت. زيارة حملت على الأرجح للمسؤولين اللبنانيين، رسالة واضحة وحازمة تتعلّق بثلاثة ملفات أساسيّة: ترسانة حزب الله العسكرية، ومصادر تمويله غير الشرعية والمخفية، والحاجة الملحّة للشروع في الإصلاحات.

دعونا لا نُخادع أنفسنا… لا جدوى من أي محاولة للتعافي الاقتصادي والمالي ما لم يُحسم موضوع السيادة، والمقصود هنا بالتحديد سلاح الحزب الموالي لإيران. وحتّى إنّ عهدنا من باب الافتراض، بجميع السلطات الرئاسية والتنفيذية والتشريعية والاقتصادية والمالية والعسكرية والأمنية في الدولة، للملائكة والقديسين، لا مفرّ من انزلاق البلاد إلى المآزق والانهيار وعدم الاستقرار، إذا أصرَّ حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه وتشبّث بتصرفاته الميليشيوية وبخطه السياسي الذي يخدم الجهات الإقليمية التي يتبع لها. وخير دليل، كلّ تلك التجارب التي خضناها على مرّ الأعوام الماضية…

البعض في أوساط السلطة وفي صفوف النّخبة الموالية لإيران يطرحون اليوم فكرة “حوار وطني” لمناقشة “استراتيجية دفاعية” كفيلة بحلّ قضية سلاح حزب الله. لكن من المؤسف أن يواصل أنصار هذا النّهج الترويج للخداع بهذه الصلافة في ظلّ الظروف الراهنة. وعندما يكذب طرف سياسي بهذه الوقاحة وبهذه الوتيرة، ويتّخذ الكذب قاعدةً لسلوكه، لا تقتصر الكارثة على كذبِه فقط، بل تنسحب على فقدان الثقة به بشكل تامّ، على حدّ تعبير الفيلسوف فريدريك نيتشه.

والجدير بالذكر أنّ زعماء ورؤساء الأحزاب السياسية في البلاد سبق أن اجتمعوا في حزيران 2006، برعاية رئيس البرلمان نبيه بري، تحديدًا لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية. وكان زعيم حزب الله الرّاحل حسن نصر الله قد أكّد خلال “مؤتمر الحوار” ذلك على ضرورة تجنّب أي عمل استفزازي في جنوب لبنان من شأنه أن يعرّض موسم الصيف للخطر. وللمفارقة، شنّ حزب الله بعد أسبوعين، في 12 تموز 2006، حربًا مدمرةً ضدّ إسرائيل استمرت لأكثر من شهر. ومنذ ذلك الحين، تضاعفت “المؤتمرات الوطنية” والدعوات المتكرّرة لتطوير “استراتيجية دفاعية” على مدى أكثر من تسعة عشر عامًا، خلال فترات الولاية الرئاسية المختلفة. واصطدمت كل الجهود بحائطٍ مسدود…

والأسوأ من ذلك بعد، أنّ حزب الله تراجع عن كل التزاماته عند كلّ مفصل حاسم، سواء بعد قرار مجلس الأمن 1701 (آب 2006)، أو بانتهاك اتفاق الدوحة (كانون الثاني 2011)، أو بإفراغ إعلان بعبدا (حزيران 2012) من مضمونه، أو مؤخّرًا، بالتنصّل من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في تشرين الثاني 2024.

كلّها محطات خديعة وحِيَل لا تعدّ ولا تحصى، ربما لم تغِب عن لقاءات المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس في بيروت، والتي ينبغي على بعض الوزراء الذين يميلون للمجاملة تذكّرها بشكل حازم. أمّا دعاة التشدّد من محور إيران، فلا يزالون يروّجون، على الرَّغم من كل الكوارث، لضرورة الاحتفاظ بسلاح الحزب لضمان دوره ومكانته، ومكانة الطائفة الشيعية برمّتها، في المعادلة السياسية ولاستكمال ما يسمّونه بـ”مقاومة إسرائيل”.

ولهؤلاء المتشبّثين بنهج لا عقلاني والمنقطعين عن الواقع، من المفيد التذكير بكلمات الرّاحل العلامة محمد حسن الأمين، بمناسبة الذكرى الرابعة لوفاته، حين قال في مقابلة: “سنكون أقوياء عندما نتمكّن من إنجاز ثورتنا العلمية والتِّكنولوجية والتنموية”… عبارة قصيرة توضح بلا تردّد، وبعيدًا عن ملّ الخطابات الإيديولوجية النارية، الطريق الذي يجب اتّباعه للعودة إلى المسار الصحيح والهروب من الهاوية التي أغرقت فيها التشكيلة الخاضعة لملالي طهران مجتمعها على مر السنين.

 

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us