الأملاك البحرية: نهاية الفساد أم مجرد تخدير؟

ترجمة هنا لبنان 19 نيسان, 2025

كتبت Liliane Mokbel لـ“Ici Beyrouth”:

في سابقةٍ هي الأولى من نوعها في تاريخ لبنان الحديث، استردّ مجلس الوزراء مراسيم إشغال الأملاك البحريّة التي أصدرَتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وشرّعَت خلافًا للقوانين المعمول بها الإستيلاء على أكثر من 140.000 متر مربع من الأملاك العامة البحرية في مناطق رأس مسقا (البحصاص) وذوق بحنين (عكار) والقلَيلة(صور). هذا القرار يأتي بعد عقودٍ من التساهل والإفلات من العقاب،فهل تغيرت المعادلة أخيرًا في لبنان؟ وهل هي نهاية الفساد أم مجرّد استعراض وتخدير للرأي العام؟
وتكسر هذه الخطوة بادئ ذي بدء تقليدًا طويلًا من الانتهاكات حيث إن الدولة اللبنانية عمدت منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، إلى غضّ الطرف عن التعديات الفاضحة على الشاطئ اللبناني: خصخصة الشواطئ بشكلٍ غير قانوني وإنشاء مرافئ ونوادٍ بحرية عشوائية وبناء منتجعات سياحية على الأملاك العامة. وعلى الرَّغم من أن القانون الرقم 64/2017 حاول ضبط هذه العشوائية، اقتصرت تسوية الأوضاع بالتعديات التي سبقت عام 1994، بيْد أن المراسيم المُلغاة تجاوزت ذلك.
منح المرسوم الرقم 14331 على سبيل المثال، مساحة 76.140 مترًا مربعًا على شاطئ البحصاص لكيان خاص، فيما منح المرسومان 14331 و14620 على التوالي لجهات خاصة أراضٍ في بحنين (53.000 م²) والقليلة (14.560 م²)، بعضها غير مسجّل قانونًا.

خطوة جريئة… ولكن هل تكفي؟
وفي هذا السّياق، يؤكد وزير المالية ياسين جابر أنّ “الهدف ليس بيع أصول الدولة وإنما إدارتها بذكاء”، لتحقيق منفعةٍ للخزينة العامة والاقتصاد الوطني. إلّا أنّ مصداقية هذا التوجّه السياسي تبقى منوطةً بالإصلاح الشامل والذي يبدأ بإعادة النّظر في بدلات الإشغال الهزيلة المفروضة حاليًا.
ووفقًا لجدول 2018، تم تقسيم الساحل إلى 30 منطقة، وحدّد مثلًا بدل إيجار سنوي بقيمة 40.000 ليرة للمتر المربع في العريضة، مقابل 9 ملايين ليرة في سوليدير. أرقام هي أبعد ما يكون عن الواقعية في ظل الانهيار المالي للعملة الوطنية.

“شواطئ رهينة”
وحسب تقريرٍ لوزارة الأشغال العامة (2017)، سُجلت 1.068 حالةإشغال غير قانونية على الشاطئ اللبناني، وضمنها 333 مجمعًا سياحيًا تحتل وحدها 1.5 مليون متر مربع. ويُقدّر مجموع التعديات اليوم بحوالي 5.5 ملايين متر مربع من الأملاك البحرية العامة نصفها شرعي بينما النصف الآخر غير قانوني. وهذه الأرقام في تزايدٍ مستمر.
وتجدر الإشارة إلى أن المؤسسة العسكرية استهلت في العام 2024، عملية شاملة لترسيم خرائط الشاطئ اللبناني، لكنّ هذه العملية توقّفت في الجنوب بسبب الحرب بين حزب الله وإسرائيل. المهمّة شاقة ولكن ضرورية لاستعادة سيادة الدولة على ممتلكاتها، تمامًا كما يحصل في الجنوب.
وختامًا، يبقى السؤال: هل يشكّل استرداد هذه المراسيم نقطة تحوّل حقيقية في إدارة الأملاك العامة، أم إنه لا يعدو كونه أكثر من محاولةٍ لتخدير الرأي العام المُحبط بالفعل من إفلات أصحاب النفوذ من المحاسبة باستمرار؟.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us