ظاهرة تُرى من باريس
نشر موقع La-Croix بعنوان:
في لبنان ، انتصار الائتلاف الثوري في الانتخابات النقابية يعطي أملاً جديداً
فاز ائتلاف متنوع من شخصيات المجتمع المدني ومن الأحزاب التقليدية المناهضة في انتخابات “نقابة المهندسين”. الأمر الذي له دلالة رمزيَّة قبل أشهر قليلة من الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في عام 2022.
إنها ظاهرة عابرة تُرى من باريس. فها قد عاد الأمل من جديد لدى جزء من اللبنانيين في إنهاء القبضة الخانقة للطبقة السياسية التي احتكرت السلطة منذ نهاية الحرب الأهلية في عام 1990. والحاصل أنه خلال الجولة الأولى، فازت القائمة التي يتزعمها عارف ياسين بأكثر من ثلثي مقاعد المندوبين (220 من أصل 283) وفي الجولة الثانية يوم الأحد 18 تموز، تمّ انتخاب جميع مرشحيها لرئاسة إحدى أهم النقابات العمالية في لبنان.
لتهدي بذلك انتصارًا لحركة “17 تشرين ” (2019 ، تاريخ اليوم الأول للاحتجاج على الطبقة السياسية) والتي انطلق منها أغلب أعضاء قائمة “النقابة تنتفض”.
فوز اللائحة دليل على أن عددًا لا يُحصى من منظَّمات المجتمع المدني والمجموعات الناشئة المناهضة للنظام يمكن أن يتفقوا على مرشَّح وبرنامج مشترك.
كذا ضمَّ التحالف أيضًا “حزب الكتائب اللبنانية” وهو الحزب التقليدي شبه الوحيد الذي استطاع السيطرة على الخطاب المناهض للنظام المتداول في لبنان. وذلك على الرغم من تزعّم سامي الجميل للكتائب، وهو ابن شقيق الرئيس بشير (اغتيل في 14 كانون الأول 1982) وابن الرئيس أمين الجميل، ويعتبر عضو في إحدى أقوى العائلات في البلاد.
هذه المعارضة الناشئة تُعتبر هبة من السماء، فقبل أشهر قليلة من الانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل. يصرِّح أحد الناشطين في حركة “بيروت مدينتي” _ والتي تأسست بعد أزمة النفايات في عام 2015_ : “هذه هي الخطوة الأولى، وسرعان ما سنكون قوَّة معارضة حقيقيَّة. فمع كل ما حدث في الأشهر الأخيرة ، يحتاج الناس إلى رياح التغيير “.
خوض الانتخابات النيابية- التوقيت مناسب لهم.
قبل 4 آب بأيام قليلة، في الذكرى الأولى للانفجار المأساوي في مرفأ بيروت ، اشتعلت “الثورة” من جديد. فاندلعت اشتباكات في طرابلس وبيروت ، الجمعة 16 تموز، إثر إعلان استقالة سعد الحريري ، الذي لم يتمكن من تشكيل حكومة خلال تسعة أشهر. الأمر الذي سيؤدي لارتفاع وتيرة الاحتجاج مع تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والإفلاس المحدق.
لدى المنتفضين جمهور انتقائي للغاية، لا سيما بين الأكثر تعليماً. هكذا يشير Heiko Wimmen مراقب مجموعة الأزمات الدولية في لبنان.
وليس هناك ما يخفى في غرف الاقتراع بلبنان، فيمكن للأحزاب تحديد من صوَّت لمن. وفي الانتخابات التشريعية، يُتوقع اعتماد الناخبين على دعم الأحزاب السياسية التقليدية، حيث يمكنهم الحصول على وظيفة والوصول إلى المستشفيات والمدارس العامة مقابل تصويتهم. ومع تزايد الفقر، من المرجَّح أن يكون هذا هو الحال”.
التفاهم بين التيارات المختلفة، والاتحاد في قائمة واحدة، نجح هذه المرة. لكنه عمل يصعب تكراره في الانتخابات النيابيَّة، حيث يجب التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية، مثل مستقبل سلاح حزب الله. بينما القوَّة اللازمة غير متوفرة حالياً”. فيمكن أن تحصل التنظيمات المناهضة للنظام على عدد قليل من المقاعد في المدن ذات المستويات التعليمية الأعلى. فحيازة عشرة إلى عشرين مقعدًا سيكون انتصاراً بالفعل.
وبدوره يؤكد Heiko Wimmen أن ذلك سيكون كافيًا لإحداث فرق ، لكن لا يجوز بأي حال من الأحوال فرض إصلاحات.
وتعترف ناهدة خليل عضو لائحة ” النقابة تنتفض ” بالقول: “يبدو أنه لا توجد موجة مد وجذر في الظهور حتى الآن. إن إرادة التغيير واضحة وبدأت تؤثر على الانتخابات. لكننا لا نمتلك القوة اللازمة للتواجد في كل الدوائر بنفس المستوى “، ويبقى أن نرى ما إذا كانت الانتخابات ستجرى بالفعل. باعتبار أنه تم تأجيل الانتخابات بشكل متكرر في التاريخ اللبناني الحديث.
ويحلل Heiko Wimmen بقوله: “عادةً لا تتم الانتخابات إلا بعد التوصُّل إلى اتفاق بين الأحزاب التقليدية على توزيع السلطة”.
فالانتخابات اللبنانية ليست سوى تأكيد رسمي لما يتقرر في المنبع.
المصدر : La-Croix