“حزب الله” ضعيفٌ وسط الأزمات.. انتقادات من داخل البيئة وخارجها!

ترجمة هنا لبنان 2 أيلول, 2021

نشرت “إندبندنت” التقرير التالي:

ينتقد الكثير من اللبنانيين، وبشكل علني حزب الله المدعوم من إيران، ويحملّون إياه جزء كبير من مسؤولية الفقهر والانهيار الذي وصل إليه لبنان.
وليس بعيداً، ما قام به لبنانيون منذ مدّة، في منطقة حاصبيا، حيث احتجزوا شاحنة تحمل منصة صواريخ تابعة لحزب الله استعملت لقصف إسرائيل. هذه الحادثة من الحوادث النادرة التي تؤكد أنّ اللبنانيين لن يقبلوا بتحويلهم إلى ساحة حرب جديدة مع اسرائيل.
ويلقي اللبنانيون باللوم على حزب الله، إلى جانب السلطة السياسية، في مسؤولية الأزمات المدمرة التي تعصف في البلاد، وفي مقدمّتها الانهيار في العملة والنقص الحاد في الأدوية والوقود.

ووفق المحلل سياسي في المركز العربي لنزاعات الشرق الأوسط في واشنطن، جو معكرون، فإنّ حزب الله يواجه حالياً أكبر تحدّ له، ويتمثل هذا التحدّي في الحفاظ على سيطرته على النظام اللبناني، إضافة إلى الحفاظ على البيئة الحاضنة والتي تدعم مقاومته ضد اسرائيل.
وتحوّل الحزب بفضل الغضب الشعبي عليه، وحتى المسيحي، إلى الموقف الدفاعي، كما امتد الغضب إلى بيئته الحاضنة، حيث اعترض كثيرون على الأوضاع المعيشية الصعبة، والأزمات التي تضرب اللبنايين، كأزمة الكهرباء والبنزين وانهيار العملة.
وما زاد من وتيرة هذا الغضب، أنّ حزب الله يدفع رواتب عناصره بالدولار الأميركي، في وقت يتقاضى معظم اللبنانيين رواتبهم بالليرة اللبنانية، مع الإشارة إلى أنّ 90% من هذه الرواتب فقدت قيمتها.

وشهد لبنان مؤخراً، مواجهات واشتباكات على محطات وقود، وامتدت بعض هذه المظاهر إلى المناطق التابعة لحزب الله، وكان لافتاً قيام بعض المظاهرين بإغلاق الطريق المؤدية إلى الجنوب.

وفي خطابه الأخير، بدا أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، غاضباً من كل هذه الأحداث، وحمّل ما أسماه الحصار الغربي مسؤولية الأزمات، كما اعتبر أنّ الفوضى التي يعاني منها لبنان تنطلق من “غرفة سوداء” داخل السفارة الأميركية.

ويرى متابعون أنّ حزب الله وبدلاً من أن يضغط باتجاه الإصلاح، يقوم بدعم حلفائه الذين يرفضون التغيير. ويشير هؤلاء إلى أنّ حزب الله يدفع لبنان باتجاه إيران من خلال المساعدات، مع العلم أنّ العقوبات الأميركية ضد إيرن وحزب الله هي التي تسببت بتأزيم الوضع.

وفي مرحلة سابقة، كان حزب الله بالنسبة للبنانيين، يدافع عن قضية نبيلة لا يمكن المساس بها، وهي الأرض، من خلال قتاله اسرائيل. ولكن اليوم اختلفت الصورة فمعظم اللبنانيين ينظرون إلى الحزب كجزء من الطبقة السياسية المسؤولية عن الفساد والانهيار.
ومع ذلك لا يزال الحزب يلقى الدعم من بعض اللبنانيين في موضوع قتال اسرائيل.
ويعمل حزب الله وفق معارضيه على تأسيس دولة داخل الدولة، أو ما يسمونها بالدويلة، وقد حاول الحزب منذ بداية الأزمة تخفيف الأعباء على مؤيديه، فكان السبّاق في إصدار البطاقات التمويلية لأبناء بيئته، في وقت ما تزال الحكومة اللبنانية حتى اليوم تعمل لإصدارها بهدف مساعدة العائلات الفقيرة.
وكان الحزب قد أصدر نوعين من هذه البطاقات، الأولى بطاقة سجاد، والثانية النور، وذلك لمساعدة مقاتليه وعناصره وموظفيه، وهؤلاء عددهم حوالي 80 ألفاً، أما شعار حزب الله الذي يقدم نسبةً إليه هذه الخدمات فهو “سوف نخدمكم برموش أعيننا”.
ومن يحملون بطاقات سجاد، لا يحصلون فقط على المنتجات المدعومة من العديد من المتاجر – وهي بمعظمها من السلع الأساسية المصنوعة في لبنان وإيران وسوريا – بل تتيح لهم هذه البطاقة أيضاً الحصول على العلاج الطبي والاستشارة في 48 عيادة ومراكز طبية يديرها حزب الله في لبنان.
إلى ذلك عمل الحزب مؤخراً، على تأمين ممر بحري لنقل النفط من إيران إلى لبنان للمساعدة في التخفيف من نقص الوقود، ووفق ما أعلن أمينه السيد حسن نصرالله فإنّ الناقلة الأولى في طريقها إلى لبنان.
وأشاد مؤيدو حزب الله بهذه الخطوة، فيما انتقدها الخصوم بشدّة باعتبار أنّها سترتد على لبنان بمزيد من العقوبات.

وبالعودة إلى ما حصل على الحدود اللبنانية، فقد اعترض قرويون دروز عدداً من مقاتلي حزب الله بعدما قاموا بإطلاق مجموعة من الصواريخ باتجاه منطقة متنازع عليها تسيطر عليها إسرائيل، وعمد القرويون إلى احتجاز العناصر مع قاذفة الصواريخ، قبل أن يتم تسليمهم إلى السلطات اللبنانية التي أفرجت عنه في اليوم نفسه.
في سياق آخر، أطلق مناصرو حزب الله حملة شعواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استهدفت البطريرك بشارة بطرس الراعي، وهو رئيس الكنيسة المارونية في لبنان. واتهمه هؤلاء بالخيانة على خلفية انتقاده لعملية إطلاق صواريخ من لبنان باتجاه مواقع اسرائيلية.
ووجد الحزب نفسه في مواجهة انتقادات واسعة، واتهامات بإسكات المعارضين، وتسهيل التهريب إلى سوريا، إضافة إلى التسبب بعزل لبنان عربياً ووقف المساعدات. وأخطر ما اتهم به حزب الله، هي شحنة نيترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت يوم 4 آب.
ووفق متابعين، فإنّ الحزب قد استورد هذه المواد الكيميائية نيابة عن النظام السوري، الذي استخدمها بدوره في البراميل المتفجرة. مع الإشارة إلى أنّ هناك نوع من السيطرة من قبل حزب الله على المرفأ.
هذه الاتهامات، دفعت رئيس حزب الكتائب سامي الجميل إلى السؤال: “لماذا السيد حسن نصرالله فوق أي استجواب؟”.

ومع أنّ الحزب كان قد نفى أيّ صلة له بهذه المواد، غير أنّه تسبب بغضب شديد في أوساط عائلات الشهداء، وذلك بعدما خرج أمينه منتقداً المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، مقترحاً استبداله.
ووصف نصرالله البيطار بـ”المسيس”، على خلفية توجيهه اتهامات لنواب ولوزراء سابقين متحالفين مع الحزب.

في المقابل، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية صادق نابلسي أنّ “هناك محاولة لشيطنة حزب الله وتشويه صورته”، وأضاف النابلسي، الذي يفخر بانتمائه إلى حزب الله، بأنّ “القوى الأجنبية بما في ذلك السعودية والإمارات وإسرائيل وأميركا تسعى إلى إثارة الفتنة الداخلية بين الشيعة والسنة في لبنان بهدف إضعاف حزب الله”.
وأشار إلى أنّ حزب الله سبق وتغلّب على محاولات كهذه في الماضي.

أما الاختبار الأكبر لحزب الله، فهو ما حصل في خلدة، بعدما أطلق العشائر النار على جنازة تابعة لأحد عناصره على خلفية ثأرية، فقتل في هذه الحادثة 3 من عناصر الحزب فيما أصيب 16. ولم يرد الحزب هذه المرة، بل اضطر في ظلّ المناخ المتشنّج ضدّه إلى الاحتكام للقضاء.

في السياق نفسه كتب مايكل يونغ، من مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أنّ “عدداً متزايداً من اللبنانيين يدركون أن مفهوم الدولة اللبنانية لا يتعايش مع ميليشا مسلحة تخدم قوة خارجية”.
فيما اعتبر المحلل السياسي جو معكرون أنّ حزب الله لن يكون هو نفسه بعد الأزمة وأنّه سيتعيّن عليه التكيف لضمان البقاء السياسي على المدى الطويل. وقال: “ما يمكن للحزب فعله في هذه المرحلة هو الحد من الخسائر قدر الإمكان”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us