السّعوديّة تحاصر الحزب في لبنان.. تصعيدٌ داخليٌّ وخارجي!
كتب أنطوني سمراني في “لوريان لو جور“:
بعد تصريحات وزير الإعلام جورج قرداحي عبر قناة “الجزيرة”، اتخذت المملكة العربيّة السّعوديّة، قرارها بوقف الواردات إلى لبنان واستدعاء سفيرها وليد بخاري وترحيل السّفير اللّبنانيّ من أراضيها.
وكان قرداحي قد انتقد الحرب السّعوديّة في اليمن، ومع أنّ كلامه هذا جاء قبل تعيينه وزيراً، إلا أنّ ردّة الفعل الصّادرة عن دول الخليج لم تكن “سلسة”، غير أنّ هذا الموقف يعدّ طبيعياً، إذا ما وضعناه في سياق سياسة لبنان الأخيرة والمواقف منها!
السّعوديّة لن تتقبّل أيّ خطأ آخر من لبنان، على المسؤولين اللبنانيين أن يفقهوا هذا الأمر، وبالتّالي كان على حكومة الرّئيس نجيب ميقاتي أن تتصرّف بما يتفّق وهذا الهدف، أي إعادة العلاقات مع دول الخليج، إذ من الواضح أنّ المملكة لن تتسامح مع أي شخصٍ يدلي بتصريحاتٍ معادية.
ومع أنّ الأزمة التي أحدثتها تصريحات قرداحي كانت كارثيّة، غير أنّ الأخير لم يستقل مستنداً إلى الدّعم الذي قدّمه إليه حزب الله، الأمر الذي يؤكّد أنّ المواقف الّتي صدرت ضدّ الخليج تتجاوز سياق التّصريحات.
وكانت السّعوديّة قد ابتعدت عن الملفّ اللّبنانيّ، منذ العام 2017، وهو العام الذي استقال فيه الرّئيس سعد الحريري من الرّياض، ليتراجع لاحقاً عن قراره هذا.
وتعتبر السعودية أنّ لبنان بات خاضعاً للهيمنة الإيرانيّة، وزادت قضية الكبتاغون ومحاولة لبنانيّين تهريب كمياتٍ منها إلى المملكة من التوتّر بين الدّولتين. وفي هذا السياق كانت قد اتّخذت السعودية قراراً في 25 نيسان الماضي يقضي بوقف استيراد المنتجات اللبنانيّة وذلك بعد مصادرة السّلطات السّعوديّة خمسة ملايين حبّة كبتاغون مخبأة في فاكهة الرّمان الواردة من بيروت.
وللسّعوديّة رأيها في التعامل مع الدّولة اللبنانية، فهي لا ترى مبرّراً لمساعدة بلدٍ خاضعٍ لحزبٍ يعاديها وهو حزب الله، والّذي يخرج مسؤولوه ويهاجمونها على الدّوام بشكلٍ علني.
مع العلم أنّه لا يمكن لأيّ دولةٍ سدّ الفراغ الذي خلّفه الانسحاب السّعوديّ، ولكن كي تعود السّعوديّة على لبنان أن يقوم بخطواتٍ، أبرزها تغيير المسار السّياسيّ ولاسيّما المتعلّق بدور حزب الله.
ويعمل اليوم مئات الآلاف من اللبنانيين في دول الخليج، وهؤلاء يساعدون عوائلهم في لبنان، وأيّ زعزعةٍ تصيبهم ستنعكس سلباً على الوضع الاقتصاديّ المتعثّر جداً.
إلى ذلك يصدّر لبنان إلى السّعودية بما يفوق المليار ومئتي مليون دولار.
من جهةٍ أخرى، فإنّ نهوض لبنان يحتاج إلى دعمٍ خارجيّ، وبالأخصّ الدّعم الخليجي، وانطلاقاً من هذا الواقع توجّه سفيرا فرنسا وأميركا إلى الرّياض في تموز الماضي في محاولة منهما لإقناع السّعوديّة بالقيام بخطوةٍ نحو لبنان، ولكن لم ينجحا بذلك.
سياسيّاً، يسلّط التّصعيد السّعوديّ الضّوء على حكومة الرّئيس نجيب ميقاتي، فالشّخص الّذي جاء لإنقاذ الوضع من الانهيار ولإعادة لبنان إلى المسار الصّحيح والعمل على إطلاق المفاوضات مع صندوق النّقد، ها هو اليوم أسير الخلافات السياسية من أحداث الطّيونة إلى المواقف الخليجية، والجامع بين الاثنين هو: حزب الله.
وعلى ما يبدو كما القوّات اللبنانية داخلياً، قررت السعودية على الصّعيد الخارجي التّصعيد ضدّ الحزب، ربما لدفع قوى المعارضة الشيعيّة إلى خوض غمار الانتخابات التّشريعية المقرر إجراؤها في 27 آذار، في خندقٍ واحد.
مواضيع ذات صلة :
بخاري من بكركي: انتخاب الرئيس هو المدخل الرئيسي لكل الحلول | الدعم العربي للبنان متواصل… والمساعدات الإنسانية تتوافد إلى بيروت لمواجهة الأزمة | طائرة مساعدات سعودية جديدة تحطّ في المطار |