موسم البطاطا في أصعب مراحله: أراضٍ شاسعة بلا زراعة
كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
يستنكف العديد من المزارعين في عكار هذه السنة عن زراعة البطاطا بسبب ارتفاع أكلافها والمواد الأولية المستخدمة فيها، وقرر مزارعون كبار ومتوسطو القدرة التوقف عن زراعتها هذه السنة لتبقى أراضيهم بوراً.
يعدُّ موسم البطاطا من أهم المواسم التي يعتمد عليها الأهالي المزارعون في عكار؛ فاضافة الى انه يزرع بوفرة في مساحات شاسعة، لا سيما في سهل عكار، فإن مردوده السنوي يشكل مصدر دخل أساسي للعائلات. ولأن الإنتاج كان دائمًا وفيراً والإستهلاك المحلي لا يتعدّى الثلث، في أفضل الأحوال، فإنّ الحاجة إلى التصدير للخارج كانت دائماً موجودة، حيث يعتبر السوق الخليجي والسوق الأوروبي الأهم في هذا المجال.
الكميات المزروعة وكذلك الإنتاج هذه السنة، من المتوقع أن ينخفض إلى ما دون النصف تقريباً، والسبب الرئيسي في ذلك هو عدم قدرة المزارعين على تأمين أكلاف هذه الزراعة من العملة الصعبة، لا سيما في غياب أي تسهيلات أو قروض قد تمنح إلى المزارعين من المصارف أو عبر الدولة.
يشير رئيس الجمعية التعاونية لمزارعي البطاطا في عكار رئيس اتحاد بلديات نهر اسطوان عمر الحايك إلى أن “زراعة البطاطا تعتبر قطاعاً غذائياً أساسياً في عكار، وهناك اعتماد كبير للعائلات عليه فتزرع عكار حوالى 5000 طن؛ أي ما يعادل 25 ألف دونم. هذا الموسم سيزرع المزارع العكاري البطاطا بقلق كبير، أمام كلفة عالية جداً. فلا هو قادر على أن يبيع ضمن نفس الكلفة ولا المواطن قادر أن يشتري بأسعار عالية”.
ويضيف: “هناك غلاء فاحش في ما خصّ المواد الأساسية التي تحتاجها هذه الزراعة بالإضافة إلى الإرتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية. وأمام هذه المشكلة، على الدولة والوزارة المعنية مساعدة المزارع في فتح اعتمادات في المصارف أو تأمين التسهيلات من أجل الإقتراض من المصارف والشركات كما كان يحصل سابقاً، سيما وأن المزارع عليه أن يدفع ثمن البذار والأسمدة والأدوية بالدولار قبل أن يستلمها ومن دون ذلك فإن هذا القطاع الرئيسي والحيوي يسير نحو النهاية”.
أما زاهر المصري وهو من مزارعي البطاطا في عكار فيقول: “هناك أزمة حقيقية أمام مزارعي البطاطا وأمام المزارعين بشكل عام هذه السنة.. فسعر الطن من بذار البطاطا يتراوح ما بين الـ 900 دولار أميركي فريش و الـ 1100 دولار، ناهيك عن المازوت وسعره المرتفع وأسعار السكر وغيرها من المواد، هذا مع إضافة مشكلة الشحن وارتفاع تكاليفه، وتأخير وصول البذور من أوروبا إلى لبنان ومشكلة التصدير، كلها مشاكل تضع هذه الزراعة ومزارعيها في مهب الريح. ووفق هذه المؤشرات، لن يكون بمقدور الكثير من المزارعين أن يتابعوا زراعتهم هذه السنة”.
لا شك أنّ غياب الدعم والتشجيع، وترك الدولة للمزارع يتخبّط وحده وسط الأزمة، كلها أسباب تدفع إلى التساؤل: هل تخلت الدولة عن المزارع العكاري بالكامل؟ وهل هناك خطة ممنهجة للقضاء على القطاع الزراعي بدل دعمه والإستفادة من مواسمه؟
مواضيع ذات صلة :
الخليج يبتكر في عالم الزراعة… تقنيات واعدة وذكاء توليدي | الحاج حسن: كارثة حقيقيّة ألحقت بالإنتاج الزراعي الجنوبي | ماذا كان يأكل البشر قبل الزراعة؟ |