الحكومة مُربكة.. والحريري يحسم: لن نشارك
المشهد الداخلي بات أشبه بصندوق مفاجآت، يُنتظر أن تتمظهر تباعاً في الآتي من الأيّام، وتضبط البلد في هذه المرحلة على إيقاع تداعياتها المفتوحة على شتّى الإحتمالات التي يُخشى ان تكون متفجّرة سياسياً واقتصادياً ومالياً وقضائياً، وربّما غير ذلك.
الصورة السياسيّة الراهنة تبدو في أعلى درجات إرباكها، فالحكومة التي مُنحت تأشيرة العودة الى استئناف جلسات مجلس الوزراء، محكومة لضيق الوقت، وبالتالي ليست متيقّنة من تمكّنها من تحقيق إنجاز ما، من صندوق المهام الكثيرة الملقاة عليها، خلال فترة الأشهر الأربعة الفاصلة عن الإنتخابات النيابية في أيار المقبل.
وإذا كانت الحكومة تعوّل على موازنة السنة الحالية التي صار مشروعها في عهدتها تمهيداً لانطلاق رحلة النقاش فيه في مجلس الوزراء اعتباراً من الاثنين المقبل، إلّا أنّ طريقها لا تبدو ميسّرة وسلسة كما تشتهي، بل هي أقرب الى جلجلة حقيقيّة، حيث توحي المؤشّرات حول هذه الموازنة بأنّها، بمضمونها الذي تعتبره يحاكي الأزمة الاقتصادية والمعيشية في لبنان، ستشكّل مادة اشتباكية بدأت تطلّ مع بعض الأصوات التي وضعت الحكومة هدفاً للتصويب، واصفة الموازنة الظالمة ومفتقدة للتوازن والأساس فيها تعجيز المواطنين وإرهاقهم بأعباء اضافيّة لا طاقة لهم على حملها.
وعلى المقلب السياسي الآخر، تمترست تساؤلات كثيرة حول ما سيؤول اليه المشهد السياسي في المرحلة المقبلة ربطاً بالتطورات التي تتسارع على أكثر من خط. ترافقت مع علامات استفهام كثيرة بدأت تُثار حول مصير الاستحقاق الإنتخابي في الربيع المقبل، وتطوقه بطبقة كثيفة من الغموض.
وإذا كانت الجبهات السياسية التقليدية بين العهد وفريقه السياسي من جهة، وجبهة الخصوم من جهة ثانية، قد دخلت في هدنة سياسية غير معلنة، تراجعت معها المناوشات بين الجانبين من دون الخروج من خلف المتاريس، إلّا أنّ الشاغل الأساس في الساعات الماضية كان رصد اتجاهات الرياح الحريرية، وما سيقرّره الرئيس سعد الحريري في شأن الانتخابات النيابية، وخصوصاً انّه بدأ بالأمس سلسلة لقاءات واجتماعات على المستويات النيابية والسياسية والتنظيمية في تيار «المستقبل»، تمهيداً لإعلان الموقف النهائي من انتخابات أيار. ويندرج في ذلك الاجتماع الذي عقده بعد ظهر امس في «بيت الوسط» لكتلة تيار «المستقبل»، من دون ان يصدر أي بيان في ختامه. برغم انّ النقاش فيه اكّد وجهة موقف الحريري لناحية عدم ترشيح نفسه لهذه الانتخابات.
وقالت مصادر في كتلة «المستقبل» لـ«الجمهورية»، انّ الرئيس الحريري قدّم عرضاً للمشهد السياسي بصورة عامة، متوقفاً عند الآثار الكارثية التي حلّت بالوضع الاقتصادي والمالي، وجراء السياسات التي اتبعها العهد الحالي، وصولاً الى الاستحقاق الانتخابي.
وكشفت المصادر، انّ الحريري اكّد للمجتمعين بشكل واضح وصريح انّه قرّر عدم المشاركة نهائياً في الانتخابات لا هو شخصياً، ولا تياره السياسي، اي تيار «المستقبل».
واشارت المصادر، الى انّ بعض نواب الكتلة أعربوا عن رفضهم لهذا القرار إن كان سيُتخذ، وبعضهم الآخر عبّروا عن مخاوفهم منه، واصرّوا على ضرورة بقاء الرئيس الحريري في هذا الاستحقاق. الّا انّ الحريري اكّد إصراره على هذا الامر وهو نهائي ولا عودة عنه.
ولفتت المصادر، الى انّ الحريري صارح الحاضرين في الاجتماع بأنّ تيار «المستقبل» لن يقدّم أي مرشح لهذه الانتخابات، ولن يتبنّى أي مرشح، وسمع اعضاء كتلته منه انّه حتى ولو أراد ممن هم اعضاء حالياً في الكتلة، او ينتمون الى تيار «المستقبل»، ان يترشحوا للانتخابات، فإنّ ترشيحهم على مسؤوليّتهم ويكون بإسمهم الشخصي وليس بإسم التيار.
واشارت المصادر، الى انّ اجتماع الأمس، لم ينته الى قرار، حيث تمّ التوافق على استكمال النقاش في اجتماع ثانٍ للكتلة برئاسة الحريري يُعقد الاثنين المقبل، ويُعلن على إثره الحريري قرار عدم المشاركة..
وفي موازاة الحديث عن أنّ موقف الرئيس الحريري قد بات شبه محسوم لناحية عزوفه عن الترشّح في الانتخابات المقبلة، علمت «الجمهوريّة»، انّ حركة اتصالات مكثفة تجري لثني الرئيس الحريري عن قرار العزوف، وخصوصاً انّ خطوة كهذه قد تشرّع الباب على احتمالات غير محمودة.
وبحسب معلومات «الجمهورية»، فإنّ رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، بحسب ما يُنقل عنه، لا يحبّذ خروج الحريري، وإن حصل ذلك، يكون خطأ كبيراً.
وكشفت مصادر «اشتراكية» لـ«الجمهورية» عن انّ الاتصالات مع الرئيس الحريري لم تتوقف، وقالت انّ موقفنا من هذا الأمر خلاصته انّ الرئيس الحريري يشكّل ركناً سياسياً اساسياً وعنوان اعتدال، وغيابه عن المسرح الانتخابي، قد تترتب عليه مخاطر، أقلّها خلق خلل في التوازن الداخلي وفراغ قد يستغل من قِبل بعض الجهات والتيارات المتطرفة والمتشدّدة.
المصدر : الجمهورية