الاشتباك السياسي ينتظر حلاً خارجياً… والاشتباك في طرابلس مضبوط على تحرك الجيش
وفي اليوم الخامس، سيطر الهدوء الحذر على عاصمة الشمال طرابلس، التي عاشت ليلة صعبة اعتبرت الأشد دموية، تبعها اجتماعات أمنية، وبيانات سياسية، حاولت القفز عن وقائع ما جرى في المدينة، وسط مخاوف جدّية من انهيارات أمنية، لا تتوقف عند طرابلس أو صيدا أو بيروت، بل تمتد إلى كل لبنان، الذي يفتقد الحصانة السياسية، ممثلة بحكومة.
هذا في الشق الأمني، أما في الشق السياسي، فلا يزال الملف الحكومي عالقاً في ادراج القصر الجمهوري على وقع حرب بيانات ما بينه وبين “بيت الوسط”. الاّ أن ما شكّل محطة لافتة أمس كان التصريح الذي أدلى به الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقناة “العربية” حيث أعلن انه سيقوم “بزيارة ثالثة إلى لبنان، بعد التحقق من أمور أساسية، معتبرا ان النظام اللبناني بمأزق بسبب الحلف بين الفساد والترهيب، مقترحا ضم المملكة العربية السعودية إلى أي مفاوضات، بشأن اتفاق مع إيران، مشددا على ان التفاوض مع طهران سيكون صارما جدا، لمنعها من حيازة السلاح النووي “فالوقت قصير جدا”.
ماكرون يعود على الخط
ولاحظت مصادر ديبلوماسية ان مواقف الرئيس الفرنسي تجاه تعثر تنفيذ المبادرة الفرنسية وتحميله الزعماء السياسيين مسؤولية هذا الفشل ونعتهم باوصاف لم يسبق ان قالها بحقهم منذ زيارته الاخيرة الى لبنان، تحمل في طياتها لاول مرة توصيفا دقيقا لمتسببي هذا التعثر وتقسيمهم الى فئتين، فئة الفساد وفئة الترهيب، وهي المرة الاولى التي يتهم فيها المعرقلين بهذا التوصيف،الذي يصوب فيه بوضوح على الفاسدين من السياسيين المعروفين في حين ان ما قاله عن الترهيب يحمل في طياته الاشارة إلى من يملك مقومات الترهيب ويمارسه في الواقع السياسي اللبناني وفيه تصويب على “حزب الله” من دون ان يسميه لأنه هو الجهة الوحيدة التي بامكانها ممارسة الترهيب بالسلاح ألذي تمتلكه دون الاطراف الآخرين.اما ما قاله عن التوجه الفرنسي الجديد للسير قدما في تشكيل الحكومة الجديدة ولو بمواصفات غير مكتملة فيحمل في طياته أكثر من تفسير ويطرح تساؤلات واستفسارات عن المقصود بهذا التعبير، وهل يعني صرف النظر عن حكومة الإنقاذ من الاختصاصيين والتوجه لحكومة مغايرة الشكل، قد تكون مطعمة من سياسيين واختصاصيين او سياسية صرفة او استثناء بعض الأطراف منها أو اي نوع من الحكومات المعنية، وهذا يتطلب ايضاحات من المسؤولين الفرنسيين بما يعنيه ماكرون من توصيفه للحكومة الجديدة بالتمام والكمال.
وفي السياق نفسه حول كلام ماكرون، قالت أوساط سياسية لـ “اللواء” أنه من المبكر التعويل على ما قاله الرئيس الفرنسي في ما خص الوضع في لبنان، وأشارت إلى انه إلى حين تحريك الاتصالات الفرنسية بشكل فعال فإن الملف الحكومي يبقى من دون أفق في ظل الرد والرد المضاد بين بعبدا و”بيت الوسط”.
وأشارت إلى ان لا معلومات محددة لدى المعنيين، عن أي اتصالات فرنسية جاهزة، باستثناء كلام الرئيس ماكرون بشأن استمرار مبادرته.
في المقابل، أعرب مراقبون، عبر “نداء الوطن” عن خشيتهم من أن يستمر العناد الرسمي اللبناني عصياً على تنفيذ المبادرة الفرنسية، ربطاً بالموقف المتشدد الذي أبداه ماكرون أمس إزاء الملف النووي الإيراني، خصوصاً وأنّ طهران التي لم تتعاون سابقاً مع باريس في عملية الإفراج عن ورقة الحكومة اللبنانية وفضّلت انتظار مفاوضاتها المباشرة مع الإدارة الأميركية الجديدة، لا يبدو أنها ستقابل اليوم بارتياح كلام الرئيس الفرنسي حول وجوب أن يكون التفاوض النووي معها “صارماً جداً” هذه المرة، مع ضرورة تجنب تكرار الولايات المتحدة والدول الكبرى “خطأ عام 2015 عندما استُبعدت القوى الإقليمية عن الاتفاق مع إيران”.
وبانتظار الضوء الأخضر الإيراني، وما سيعقبه من ضوء “أصفر” يليه “برتقالي” على الساحة الداخلية إيذاناً بولادة الحكومة، ستستمر عملية عرقلة التأليف فصولاً تحت ستار الدفاع عن الدستور والمادة 53 منه، وليس ثمة ما يشي بأنّ أياً من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، في وارد التراجع والاستسلام على حلبة الكباش الوزاري، بل على العكس من ذلك، دلّ تصاعد حدة التراشق الإعلامي على جبهتي بعبدا وبيت الوسط خلال الساعات الأخيرة على أنّ الأمور بدأت تسلك مسلك “نشر الغسيل” الحكومي وفضح المستور من نقاشاتهما خلال اجتماعات القصر الجمهوري.
وجاء الموقف الأبرز من تطورات طرابلس في بيان لرؤساء الحكومة السابقين فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وسعد الحريري وتمام سلام اذ شددوا على أن “طرابلس التي طال أمد إهمالها وتهميشها ليست ولن تكون بؤرة لأصحاب المشاريع المجرمة والفاسدة. ولن تكون مغلولة الأيدي حيال استهداف عنفي مجرم، ظاهره اجتماعي وباطنه سياسي فاقع يعطل تأليف الحكومة ويسترهن طرابلس من ضمن استرهان الدولة لتفريغها من مقوماتها ولتقزيم دورها وإسقاطها”.
ولفتوا الى “اقدام أولئك المخربين على الاعتداء وإشعال النيران في المؤسسات الرسمية والبلدية على مرأى من أعين وحدات الجيش. ويأتي فوق ذلك كله من أقدم على منع أجهزة الإطفاء وعطل أعمال الاغاثة والإنقاذ بشكل مريب وإجرامي لتظل النيران مشتعلة في المبنى التاريخي لبلدية طرابلس. علما أن أغلب من ارتكب تلك الأعمال المستنكرة معروف ومرصود من الأجهزة المخابراتية والأمنية المختصة، بالأسماء والهوية”.
الهدوء الحذر يسيطر على طرابلس
وأمس سيطر الهدوء الحذر على ساحة النور في طرابلس، اذ برزت استعدادات حازمة للجيش وقوى الامن الداخلي حالت دون تجدد اعمال الشغب وافتعال الحرائق ومنعت مجموعات المتظاهرين من بلوغ السرايا والتجمع في ساحة النور . وبعدما حال الخلاف بين الرئيس عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب على انعقاد المجلس الاعلى للدفاع ومجلس الامن المركزي ، عقد امس وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي في مكتبه في الوزارة اجتماعاً أمنياً، شارك فيه القادة العسكريون والأمنيون شدّد فهمي على ضرورة تعزيز التنسيق بين الأجهزة الامنية كافة .
وفي المعطيات التي سربت عن الاجتماع ان المعلومات الأمنية اكدت ان مجموعات الثوار لم تكن وراء رمي القنابل اليدوية على السرايا في طرابلس وتوافرت صور لمن قاموا بذلك وهم ليسوا لبنانيين لديهم إنتماءات معينة . كما اعلن الجيش توقيف ثلاثة أشخاص بينهم سوري، كانوا موجودين داخل مبنى بلدية طرابلس في ساحة التل يشتبه بمشاركتهم في أعمال التخريب وإضرام النيران في مبنى البلدية . كما أوقف الجيش في شارع المائتين والتبانة شخصين على خلفية مشاركتهما في أعمال الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة وإعاقة عناصر الدفاع المدني والإطفاء من الوصول إلى مبنى البلدية.
اطلاق لبنانيين
وفي بقعة ضوء وسط هذا الصخب المقلق، اعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ان الموقوفين اللبنانيين في الإمارات سيفرج عنهم بعد ساعات. واكد أنه على تواصل مع مسؤولين إماراتيين منذ زهاء سنتين “لحل هذه الملفات”. وردا على سؤال بشأن عدد الموقوفين، قال إن العدد “وصل إلى 30″، قبل أن يكشف أن “نصفهم سيعود خلال ساعات”.
مواضيع ذات صلة :
وقف التصعيد في لبنان من أولويات ماكرون | ميقاتي وضع بري بنتائج زيارته لفرنسا ولقائه ماكرون | تفاصيل الإجتماع بين ماكرون وميقاتي! |