الآتي أعظم… هل سيبقى الأمن ممسوكاً؟

أخبار بارزة, لبنان 6 شباط, 2021

تتخبط الطبقة السياسية بعجزها عن التوصل الى تفاهم بشأن تأليف الحكومة العتيدة، وفيما المعنيون باتصالات التشكيل مختلفون على جنس الحقائب وتقاسم الحصص والثلث الضامن او المعطل، تكاد البلاد تنزلق أمنيا بعدما انزلقت اقتصاديا وماليا.

عند كل استحقاق انتخابي تسارع القوى الاساسية في البلد الى التسابق في ما بينها على استطلاع الاراء واجراء الاحصاءات من اجل الاطمئنان الى مستقبلها النيابي، لكن المفارقة تكمن في ان هذه القوى نفسها اسوة برئاسة الجمهورية ورئاستي مجلس النواب ومجلس الوزراء تكاد تكون في حكم الحاضر الغائب عما ينشر من دراسات وتقارير دولية ومحلية تؤكد أن لبنان تجاوز العتبة نحو الانفجار الاجتماعي، وهذا يعني أنه قد يكون في المرحلة المقبلة في مهب الانفجار الامني اذا لم تضبط الامور في المناطق كافة لا سيما مناطق الاطراف التي لم تعرها الدولة باجهزتها كافة منذ زمن الاهتمام المطلوب على كل الصعد.

عند كل مفترق طريق حاسم تجهد السلطة الحاكمة الى التصويب على التظاهرات وموجات الاحتجاج، فكلما تحرك الشارع وشكل جرس انذار للطبقة السياسية، كلما هبت الاخيرة محاولة اصطياد المنتفضين تارة بما يسمى بالطابور الخامس و تارة بسياسة القمع، غير ابهة بما حل وسيحل بالشعب باكمله من جراء تلكؤها عن اجتراح الحلول المرجوة للمعضلات الاقتصادية والمالية والمعيشية التي اثقلت كاهل اللبنانيين بمختلف توجهاتهم السياسية وفئاتهم المتوسطة والمنخفضة الدخل، مع ازدياد نسبة الفقر والبطالة المرتفعة وإغلاق المؤسسات في الآونة الأخيرة.

في المنطق، كل المؤشرات، وفق المتابعين، تؤكد أن الامور ذاهبة نحو الأسوأ وان الاتي أعضم على المستوى المعيشي مع استمرار غلاء اسعار المواد الغذائية والادوية والمحروقات حيث قفزت الأسعار بنسبة 144 في المئة وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، فضلا عن انقطاع الكثير من الادوية والمواد الاستهلاكية الاساسية من جراء سياسة الاحتكار التي دأب عليها التجار عند كل ازمة مفصلية يمر بها البلد، وهذا يؤكد ان الفساد ينخر مؤسسات الدولة من رأسها حتى اخمص قدميها، فالتحالف متين بين مافيا السياسيين ومافيا التجار والغرف السوداء في لعبة الشراكة بالنسب والعمولات، ولعل مؤشر مدركات الفساد لعام 2020 الذي اصدرته منظمة الشفافية الدولية خير دليل عما يصيب لبنان الذي احتل وفق المؤشر المرتبة 149 عالمياً من أصل 180 دولة.

ان من مؤشرات المرحلة المقبلة لعام 2021، فقدان الكثير من المواطنين فرص العمل، خاصة وان مبيعات القطاع الخاص في لبنان تراجعت خلال العام الماضي بنسبة 45 في المئة مع تسريح 23 في المئة من القوى العاملة في القطاع، عطفا على ان رواتب موظفي القطاع العام والعسكريين وعناصر الاجهزة الامنية كافة تكاد تكون فقدت ما لا يقل عن 80 في المئة من قيمتها في ظلّ تراجع قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الذي يتراوح سعر صرفه في السوق الموازية بين 8500 و9000 ليرة. وهذا يعني ان احدا من هؤلاء ليس بمنأى عن الازمة المعيشية التي تتفاقم يوما بعد يوم وتنذر بالكارثة في غياب اي خطط مالية واقتصادية.

اذا التشاؤم سيد الموقف عند اللبنانيين كافة، والقلق يكمن من ارتفاع نسبة الفقر المدقع والعنف والجوع، فهناك نحو 60 في المئة من اللبنانيين باتوا فقراء، ولا اشارات توحي بتحسن الاوضاع خاصة وان رفع الحد الأدنى للأجور ليس واردا على الاطلاق عند المعنيين في الوقت الراهن، فضلا عن ان قرار كهذا يتطلب مقاربة صحيحة وواقعية وحكومة تحظى بالثقة داخليا وخارجيا، وتقوم بالإصلاحات التي تنعش الاقتصاد، علما ان اي نتائج ايجابية على الصعيد الاقتصادي والمالي والاجتماعي، لو شكلت حكومة مهمة انقاذية، لن تظهر قبل عامين او ثلاثة اعوام، من هنا يبدي المراقبون خوفا من التسيب الامني وارتفاع حوادث السرقة على انواعها وجرائم القتل خاصة بعدما سجلت ارتفاعاً كبيراً خلال عام 2020.

واذا كان الامن لا يزال ممسوكا، فلأن القرار السياسي يصب في هذا الاتجاه في الوقت الراهن، لكن لكن ماذا لو التقت الفوضى الاقتصادية والاجتماعية مع الفوضى الأمنية والسياسية وتفلتت الاوضاع وخرجت عن اطارها في الأسابيع والاشهر المقبلة؟

الاسئلة السابقة الذكر مشروعة، لكن الاجابة عليها تبقى رهن الطبقة الحاكمة المسؤولة اولا واخيرا عما ستؤول اليه الامور على المستويات كافة فهي الممسكة بزمام تعطيل تاليف الحكومة، ضاربة عرض الحائط المبادرات الخارجية والوساطات المحلية لتأليف حكومة تحظى بثقة المجتمع الدولي.

 

لبنان24

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us