هذه الحياة في جهنم: اغتيالات وتعطيل وجوع
يحتار اللبنانيون في تفسير قول الرئيس ميشال عون عن الرحلة الى “جهنم” بعدما وعدهم “بي الكل” في مواقفه انه خشبة خلاصهم، لا يرون أي مسوغ له في ارتداده عن مسلمات وثوابت طالما اعتبرها اساسية ومبدئية وناضل مع جمهوره لأجلها، الذي كان بالأمس، “ابجدية” لنضالاته ضد الوصاية السورية وغياب الدولة اصبح اليوم في مهب الريح والمساومات والصفقات، ظهرت تفاصيلها بعد حين.
تحت رحمة الشيطان
اذاً تحكم “ابليس”، في المسلمات اللبنانية وأخذ اللبنانيين معه الى المحرمات، ها هُم وصلوا الى عقر داره، بعد استنزاف كل محاولات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الى تشكيل “حكومة بمهمة محددة” مؤلفة “من مجموعة مستقلة” وتحظى بدعم كافة الأطراف السياسيين في مهلة أقصاها أسبوعين، لكن ما حصل ان المهلة امتدت الى اسابيع واشهراً، في تفسير واضح هو “الفشل القاتل” في ما آلت اليه الامور، فباتت مساعي التشكيل تراوح مكانها .
زمن الاغتيالات
يُذكر أن لبنان قد عاش فترة اغتيالات مريرة انطلقت مع مقتل رئيس الحكومة رفيق الحريري عام 2005، التي اتهم فيها عناصر من حزب الله بتنسيق العملية التي هزت البلاد، إضافة إلى عمليات اغتيال أخرى كثيرة.
لكن شبح الاغتيالات عاد من “بابه الجهنمي العريض” الذي بدأ بتصفية ابرز ثوار 17 تشرين، وصولاً الى ظباط امنيين، وبالأمس أُطلق نفير الغضب إثر اغتيال الناشط السياسي المعارض لحزب الله، لقمان سليم.
فعلا أنها شجاعة استثنائية ومأثرة وطنية أن تكون معارضاً تحت ظل ديمقراطيات مزيفة مدججة بكاتم صوت و بحشود قتلة ملثمين وشبحيين .
ليس من السهل أن تكون معارضاً تحت ظل أنظمة ثيوقراطية ظلامية لا تقل قمعاً و إجراماً في البطش والتنكيل والقتل بالمعارضين لها، بعدما غَلَفتّ نفسها بأغلفة ديمقراطية زائفة وانتخابات مزورة .
حياة معطلة
إلى ذلك وأمام هذا الوضع الصعب، يتبادل السياسيون في لبنان إلقاء اللوم فيما بينهم، فحاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان قدّ قال سابقاً إن البنك المركزي لا يمكنه مواصلة دعم السلع الأساسية سوى لشهرين آخرين وإن على الدولة أن تخرج بخطة لعلاج الأزمة، فيما اعتبر رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، أن رفع الدعم عن السلع الحيوية دون مساعدة الفقراء قد يسبب “انفجارا اجتماعيا”.
بدوره، أكد البنك الدولي في تقرير المرصد الاقتصادي للبنان، أن الفقر سيواصل التفاقم على الأرجح، ليصبح أكثر من نصف السكان فقراء بحلول 2021.
الجوع “كافر”
يقول ميخائيل نعيمة: “لأن الجوع لم يترك لنا صحباً نناجيهم سوى اشباع موتانا!.
فإنا لا نذكر منهم إلا الرائعين .. الذين عانوا مما نعاني وترجموا صرخة الجوع حروفاً من ذهب.
من لم يجرب الجوع أكيد لا تعنيه عبارة “الجوع كافر”، واللبناني اليوم يدرك مدى الحاجة التي يشعر بها جراء الفساد الذي عاث في البلاد، اضافةّ الى نهبه وسرقته، واصبح هدفه الوحيد الطعام فقط لسد رمقه، ففي حالة انعدامه سيواجه خطورة الموت او الانتحار، وعندها تباح له كل الاعذار، كإرتكاب الجرائم والسرقة والنهب.
فهل تحققت التنبؤات؟ الحياة في جهنم.. اغتيالات، وتعطيل، ومجاعة.!