التدويل أم الفدرالية… أيهما افضل للبنان؟
منذ بداية البدايات، أي منذ بداية الحرب اللبنانية، طُرحت عدّة صيغ بديلة للنظام اللبناني غير صيغة 1943، التي لا تزال معتمدة حتى الساعة وكرسها اتفاق الطائف، ويحاول البعض من حين إلى آخر الإنقلاب عليها والدعوة إلى تغيير النظام، ومن بينهم رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، وكذلك “حزب الله” الذي يدعو إلى مؤتمر تأسيسي، مع ما يعنيه ذلك من فتح “باب جهنم”، على حدّ تعبير بعض الذين يطالبون بتطبيق إتفاق الطائف قبل تغييره أو تعديله.
صيغ كثيرة طُرحت، ومن بينها التقسيم، الذي كان يراود البعض، والفدرلة التي أُعيد طرحها مجدّدًا كصيغة يعتبرها البعض مقبولة لتنظيم الإختلاف بين اللبنانيين، إلى الدعوة التي وجهها مؤخرًا البطريرك الراعي لتدويل الأزمة اللبنانية بعدما تبّين له أن الحلول الداخلية غير متوافرة، وإن توافرت، فهي لن تأتي بالمن والسلوى ولا يمكنها أن تحّل المشاكل الكثيرة التي يعاني منها لبنان، وهي مشاكل مستعصية على الحل الداخلي، وبأدوات بالية أثبتت التجارب عقمها وعدم جدواها، طالما أن الطبقة الحاكمة تكرّر نفسها منذ ما يقارب العشرين سنة الأخيرة من عمر الأزمة اللبنانية.
وقد جاءت زيارة وفد “التيار الوطني الحر” لبكركي التي لم تكن مقررة قبل دعوة الراعي الى التدويل بھدف الإطلاع على وجھة نظر بكركي في ضوء الحديث عن مؤتمر دولي خاص بلبنان برعاية الأمم المتحدة، ووضعه في أجواء موقف “التيار” من الموضوع.
ويتردّد أن “التيار” غير مرتاح لدعوة الراعي الى عقد مثل هكذا مؤتمر. السبب المعلن ھو ان ھذه الدعوة تعزز الإنقسام الداخلي وتشكل التفافًا على المبادرة الفرنسية. أما السبب غير المعلن فهو أن المؤتمر الدولي ينسف مشروع مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا اليه باسيل الشھر الماضي، والذي من المقرر أن يعقد تحت اشراف وادارة رئيس الجمھورية، في ما لو أُتيحت له ظروف النجاح، وهي غير متوافرة بفعل الردود السلبية على إقتراح باسيل.
فكرة التدول غير جديدة، وهي طُرحت من قبل عندما تبيّن أن اللبنانيين لم يبلغوا بعد سن الرشد ليحكموا أنفسهم بأنفسهم، وقد تكون أزمة تشكيل الحكومة وجهًا من وجوه المراهقة اللبنانية. والدليل أن تشكيل الحكومات في زمن الوصاية السورية كان يتم بأمر يصدر عن “عنجر”، وليس من دمشق حتى.
فالتدويل الذي يطالب به الراعي ليس قرارًا ذاتيًا بقدر ما هو منسق مع الفاتيكان، الذي يتحرك على أكثر من صعيد عالميًا في هذا الإطار. وكان للبابا فرنسيس، أثناء لقائه اعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، كلام مهم عن لبنان، حيث تمنى أن “يشهد لبنان التزاما سياسيا، وطنيا ودوليا، يساهم في تعزيز الاستقرار في بلد يواجه خطر فقدان هويته الوطنية والانغماس داخل التجاذبات والتوترات الإقليمية”.وشدد على “ضرورة أن تحافظ بلاد الأرز على هويتها الفريدة من أجل ضمان شرق أوسط تعددي متسامح ومتنوع، يقدم فيه الحضور المسيحي إسهامه ولا يقتصر على كونه أقلية فحسب”.
فالتدويل قد يكون بمثابة الكيّ كآخر دواء لمرض لبنان العضال، الذي لا شفاء منه بالمسكنات والأعشاب الطبيعية، ويبقى افضل من أي طرح آخر كالفيدرالية مثلًا، لانه كفيل بالحفاظ على وحدة الشعب والأرض.
مواضيع ذات صلة :
معاريف: إسرائيل قد تقصف مبنى البرلمان اللبناني | بوريل في بيروت… دعم أوروبي للتهدئة واستقرار لبنان وتأكيد على ضرورة انتخاب رئيس | كنعان: الأمور ستذهب بالاتجاه الذي يتمنّاه اللبنانيون |