كلودين عون من مقر قوات “اليونيفيل”: من واجب الدولة حماية المرأة اللبنانية
استضافت قوات “اليونيفيل” برئاسة رئيس بعثتها في لبنان وقائدها العام اللواء ستيفانو ديل كول، في مقرها العام في الناقورة، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة كلودين عون، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة وتزامنا مع انطلاق حملة الـ16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
حضر اللقاء نائب القائد العام لليونيفيل العميد إيرفين أرييتي، مديرة الموارد في “اليونيفيل” ميلفا كراوتش، رئيس أركان اليونيفيل العميد جان بيار فاغ، وإلى جانب عسكريين ومدنيين من اليونيفيل، وأدارته رئيسة وحدة شؤون النوع الاجتماعي في “اليونيفيل” عفاف عمر.
وألقت عون كلمة قالت فيها: “في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، نجتمع في المقر العام لقوات اليونيفيل في الناقورة لنجدد التزامنا، مرة أخرى، العمل على تحقيق المساواة الكاملة بين النساء والرجال وعلى حماية المرأة من مختلف أشكال العنف، وكذلك، لنؤكد إيماننا الثابت والراسخ بقدرة المرأة على لعب دور أساسي في الحؤول دون وقوع النزاعات وفي حفظ السلام وبناء المجتمعات”.
أضافت: “إن قضايا المرأة هي واحدة في كل المجتمعات، والنضال من أجل حقوقها عمره عقود عديدة، رغم تفاوت نسب الاجحاف بحقها من مجتمع إلى آخر، لكن دعم وكالات وهيئات الأمم المتحدة حول العالم لتمكين النساء وحمايتهن يبقى من الركائز الدولية التي تعتمد عليها المجتمعات للنهوض بأوضاع النساء والفتيات فيها على الأصعدة كافة”.
وتابعت: “لعل من أبرز الإعلانات التي تجسد التزام الأمم المتحدة قضايا المرأة ومناصرتها لها، جاء في عام 2000 من خلال قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، الذي أبرز الدور الذي للمرأة أن تلعبه في تحقيق شروط السلام والأمن في المجتمعات الإنسانية، واعترف بأهليتها التامة إسوة بالرجل في بناء المجتمعات وقيادتها في المسار الإصلاحي توصلا إلى حالات السلام والأمان. وأكدت محاور القرار الأربعة رغبة الأمم المتحدة الظاهرة والصريحة في تعميم مبدأ حماية المرأة وتكريس دورها كمواطنة كاملة الحقوق والعمل على تطبيق هذا المبدأ من خلال إعلان أممي عالمي، فتلخصت هذه المحاور بحماية النساء من العنف ومن انتهاكات حقوقهن خلال النزاعات، والوقاية من حصول مثل هذه الانتهاكات واستفادتهن من الإغاثة والإنعاش في حال حصولها، ومشاركتهن في عمليات بناء السلام والأمن والمساهمة في الحؤول دون نشوب النزاعات”.
وأردفت: “في خطوة إيجابية، رغم مرور سنوات على القرار الأممي، كلفت رئاسة الحكومة اللبنانية الهيئة الوطنية لشؤون المرأة بإعداد خطة عمل وطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن. وأعدت الهيئة هذه الخطة بنهج تشاركي مع مختلف الوزارات والإدارات العامة المعنية ومنظمات المجتمع المدني وبدعم من وكالات وهيئات الأمم المتحدة. وبعد أن أقرتها الحكومة في أيلول 2019، ها هي اليوم الدولة اللبنانية في صدد تنفيذ الخطة التي تهدف بشكل رئيسي إلى زيادة مشاركة المرأة في صنع القرار على المستويات كافة، وإلى منع نشوب النزاعات، كما إلى حماية النساء والفتيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي، وإلى تلبية احتياجاتهن في الإغاثة والإنعاش، وإلى تعديل القوانين والسياسات واعتمادها وتنفيذها من أجل منع التمييز ضدهن وحمايتهن من كل أشكال العنف والاستغلال”.
وقالت: “في هذا الإطار، تصب أهداف حملة ال16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة، التي تطلقها اليوم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، بالتعاون مع وكالات وهيئات الأمم المتحدة وفريق العمل المعني بالعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي تتمحور حول موضوع “السلامة من العنف حق للجميع: السلامة في المنزل والسلامة في العمل والسلامة في الشوارع والسلامة على الإنترنت والإبلاغ الآمن”. وتهدف حملتنا هذا العام إلى زيادة التوعية على ضرورة مكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي والاتصال بقوى الأمن الداخلي على الخط الساخن 1745 المخصص لتلقي شكاوى العنف الأسري، خصوصا مع تزايد نسب هذا العنف بشكل كبير مع أزمة جائحة كوفيد-19. ويسرنا أن نستهل حملتنا هذا العام من مقر قوات اليونيفيل لحفظ السلام في لبنان، إيمانا منا بتقاطع مهماتنا وأهدافنا”.
وتابعت:” إن مهمتكم في جنوب لبنان في إعادة السلام والأمن الدوليين ودعمكم لدور النساء اللواتي يشكلن مثالا يحتذى للمرأة المناضلة والقوية والكفوءة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، كما عملكم على مشاريع لتعزيز المساواة بين النساء والرجال وعلى زيادة عدد النساء اللواتي يخدمن في عمليات حفظ السلام، هي من المبادرات الأساسية والجوهرية من أجل النهوض بوضع المرأة وحمايتها وتفعيل دورها في بناء السلام المستدام. وبدورها، تعمل الهيئة الوطنية لشؤون المرأة جاهدة على حمل المشرع على إقرار قوانين تؤمن المساواة بين النساء والرجال وتعديل تلك التي ما زالت تميز ضد المرأة، ومن أهم تلك القوانين، تعديل قانون “حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري” وتعديل قانون الجنسية للاعتراف بحق المرأة اللبنانية بنقل جنسيتها إلى أولادها، وإقرار القانون الذي يرمي إلى تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه، وإقرار قانون يمنع تزويج الأطفال، وتضمين القانون الانتخابي النيابي والبلدي كوتا نسائية، وتعديل قانون الضمان الاجتماعي لإحقاق المساواة بين المضمون والمضمونة وغيرها”.
كما أكدت أن “الهيئة الوطنية تنفذ، بالتعاون مع شركائها، برامج تهدف إلى التمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة، وتعمل بالتعاون مع الجهات الأمنية على زيادة نسبة الإناث في الجيش اللبناني والقوى الأمنية. وكذلك، تتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي من أجل إدماج مفهوم النوع الاجتماعي في المناهج الدراسية، بغية الوصول إلى تغيير الثقافة التقليدية التي تكرس مفهوم المجتمع الذكوري”، وقالت: “أنتم وأنتن من أكثر العارفين بخطورة الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والصحي الذي يمر به لبنان حاليا، إضافة إلى الآثار المأسوية التي خلفتها كارثة انفجار مرفأ بيروت الذي دمر قسما من عاصمتنا وأودى بحياة ما يقارب مئتي شخص وسبب بجرح الآلاف. كما تدركون أن النساء والفتيات هن من الفئات الأكثر عرضة لتداعيات الأزمات الكبرى، وإنهن الأكثر تعرضا للعنف المبني على النوع الاجتماعي”.
وفي ظل هذا الواقع، توجهت إلى كل امرأة في لبنان والسيدات الحاضرات بالقول: “أنت مواطنة كاملة الحقوق ومن واجب الدولة حمايتك من كل أشكال العنف كما وتعزيز حقوقك. أنت قادرة على المشاركة في صنع القرار لخدمة المجتمع وتطويره، وعلى المشاركة في القوى العاملة لتعزيز النمو الاقتصادي. أنت مؤهلة لتحمل المسؤوليات الوطنية والمشاركة في بناء السلام. أنت تتحملين تداعيات الثقافة الذكورية منذ عقود، لكن الوقت حان لكسر الصورة النمطية التي يضعونك بها، وأنتن سيداتي من خلال عملكن في اليونيفيل، تشكلن مثالا للمرأة الجريئة التي تحدت الظروف والعقبات والتحقت في صفوف قوات حفظ السلام. أنت مكون أساسي من مجتمعك، وعلى الحكومات تحمل مسؤولياتها في حمايتك ودعمك وإتاحة الفرص أمامك”.
وختمت: “نؤكد أننا مصرون على مواصلة النضال، لا بل إن هذه الصعوبات تشكل حافزا لنا للعمل بجهد أكبر، وربما بأسلوب مختلف لتكريس حقوق المرأة، ولكم كقوات اليونيفيل وكوكالات الأمم المتحدة دور متواز مع دورنا في تحقيق هذا الهدف، وكلنا ثقة بالوصول إلى أهدافنا يدا بيد. حضرة اللواء ديل كول نشكر لكم استضافتكم الكريمة، ونحيي كل الضباط والعناصر والعاملين في قوات اليونيفيل ونخص بالذكر النساء من بينكم… نفتخر بكن وبمسيراتكن الشخصية والمهنية”.
من جهته، قال ديل كول: “يشرفني أن أكون بينكم اليوم للاحتفال بهذا اليوم المهم للغاية، وهو اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، حيث أن العنف ضد المرأة يشكل مذلة لحضارتنا وانحطاطا للانسانية. ومع ذلك، لا يزال منتشرا في كل أنحاء العالم، ويمكن للعنف ضد النساء والفتيات أن يتخذ أشكالا متنوعة بدءا من العنف العائلي والاتجار، مرورا بالعنف الجنسي في حالات النزاع وزواج القاصرات، وصولا إلى تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وقتل الإناث”.
أضاف: “إن العنف ضد النساء والفتيات، هو في جوهره قلة احترام عميقة وفشل الرجال في الاعتراف بالمساواة والكرامة المتأصلة للمرأة، هذا انتهاك لحقوق الإنسان للمرأة. يرتبط العنف ضد المرأة بمسائل ذات صلة بالسلطة والسيطرة في هذا المجتمع المتصف بعدم المساواة بين الجنسين. وطالما المرأة غير متساوية مع الرجل ستبقى ضعيفة أمام العنف. ويتجلى عدم المساواة بين الجنسين بأشكال مختلفة في أنحاء العالم، مثلا في بعض المناطق تميز قوانين الأسرة التي تحكم الميراث والحضانة والطلاق ضد المرأة”.
وتابع: “من ناحية أخرى، يؤدي التفاوت في القدرة على الوصول إلى الموارد المالية بين الرجل والمرأة إلى رضوخ المرأة في المواقف المسيئة. إضافة إلى ذلك، تؤدي أنظمة إنفاذ القانون والمحاكم التي لا تصدق ضحايا العنف أو تفشل في وضع سياسات الحماية إلى التغاضي عن العنف وتعزيزه. وفي السياق عينه، كان لوباء COVID-19 تأثير اجتماعي واقتصادي شديد، حيث عمق هوة عدم المساواة القائمة، بما في ذلك عدم المساواة بين الجنسين. كما أدى على الصعيد العالمي إلى زيادة مستويات العنف العائلي والجنسي والجنساني إلى مستويات غير مسبوقة، فلبنان ومنطقة عملياتنا في جنوب لبنان ليست باستثناء. وتحتاج النساء والفتيات أكثر من أي وقت مضى إلى الحماية والأمن. وهنا، أغتنم هذه الفرصة لأهنئ الحكومة اللبنانية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على اعتماد خطة العمل الوطنية اللبنانية لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1325. كما أهنئ لبنان على ريادته واحدة من أوائل هذه الخطط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أحييكم على العمل الشاق الذي قمتم به لوضع هذه الخطة المهمة للغاية ولكل الجهود الاستثنائية التي تبذلونها لتنسيق تنفيذ الخطة الآن. تفخر اليونيفيل بدعمكم في جهودكم والعمل معكم من أجل مستقبل أفضل للنساء والفتيات اللبنانيات”.
وأردف: “في مجال العنف الجنسي والجنساني، تعمل اليونيفيل مع مراكز التنمية الاجتماعية في منطقة عملياتها ومع مجموعة العمل المعنية بالعنف الجنسي والجنساني في جنوب لبنان للحؤول دون وقوع مثل هذه الحوادث والتعامل معها من خلال إيجاد مساحات آمنة للنساء الضحايا وإشراك المستجيبين الأوائل في تدريب اجتماعي نفسي للعمل مع الناجيات من العنف الجنسي والجنساني. وفي الواقع، تأتي الناجيات من هذا الانتهاك ومناصروهن في منظمات المجتمع المدني في طليعة محاربة العنف الجنسي والجنساني”.
وختم: “يعتبر العنف ضد النساء والفتيات آفة ينبغي على البشرية أن تسعى جاهدة للقضاء عليها. ومن هذا المنطلق، تلتزم اليونيفيل حملة الوحدة التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة الهادفة إلى القضاء على العنف ضد المرأة بحلول عام 2030. ولذلك، فإن اليونيفيل ثابتة في دعمها بقية أسرة الأمم المتحدة ولبنان والعالم في جهودها لمنع العنف ضد النساء والفتيات في كل أنحاء العالم والقضاء عليه. وتقع الحماية والأمن والنمو الاقتصادي للنساء والفتيات في صلب عمل الأمم المتحدة بغية تحقيق عالم أكثر أمنا وازدهارا لا يتخلى عن أحد”.
واختتم اللقاء بأغنية للسيدة مونيتا يوسف.
MTV