عن ماريان الحويّك و”ثروتها”…
جاء في موقع “mtv”:
خلال الأسبوع الماضي، استمع المحققون الأوروبيون، وفي طليعتهم القاضية الفرنسية أود بوريزي، إلى شهادة المديرة التنفيذية لمكتب حاكم مصرف لبنان ماريان الحويّك.
اللافت بدايةً، قبل الاستماع إليها وبعده، سلسلة التسريبات المغلوطة التي لا تنتهي أولاً عن ثروتها والتي قدّرها أصحاب الحملات المدفوعة بحوالي 15 مليون دولار في بعض الصحف والاعلام وعلى مواقع التواقع الاجتماعي، وربما تم تسريب أجواء مشوّهة عن جلسة الاستماع إليها بحيث تعمّد المسرّبون إهمال أجوبة الحويك ونفيها لهذه الأرقام المتعلقة بثروتها المزعومة. لا بل أن الإساءات لم تقف عند هذا الحد بل وصل الأمر ببعض المواقع إلى حد الإساءات الشخصية والتطاول والحديث عن الحويك ضمن إطار “نساء رياض سلامة” مع تعمّد وضع صورتها على المقالة!
ربما في هذا الإطار سقطت الأخلاقيات في التعاطي، واختفت الجمعيات أمثال “نسوية” وغيرها، بحيث يصبح التدخل في الحياة الشخصية لماريان الحويك، وإن بشكل كاذب، أو لرياض سلامة مباحاً وفق الأجندة السياسية، في حين أنه إن كان يتعلق الأمر بشخصيّة أخرى تصبح الأمور بمثابة المس بالمقدسات!
ولكن، بالحديث عن “ثروة” ماريان الحويك، يُغفل الثرثارون التنويه بمسيرتها العلمية، وهي الحائزة على إجازة في الاقتصاد من الجامعة اللبنانية- الأميركية (LAU) بدرجة تفوّق، والإجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية وكانت على لائحة الشرف، والماجستير في قوانين المصارف والأسواق من الجامعة اليسوعية وجامعة بانتيون- أساس وعلى لائحة الشرف.
لعل من يذكر ماريان الحويك بالخير من حيث يدرون هم أصحاب الشركات الناشئة في لبنان، بعدما قادت شخصيا تطبيق تعميم مصرف لبنان الشهير الرقم 331 المشهور بخصوص هذه الشركات (Startups) بهدف تأمين الدعم والتسهيلات للمصارف لدعم الشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا واقتصاد المعرفة.
ولعل ثمة من يذكرها بالخير من دون أن يعرف حقيقة أنها وراء منصة صيرفة التي تشكل عصب الاقتصاد اللبناني حالياً، والتي تؤمّن تداول الدولار الأميركي في الأسواق اللبنانية من دون أن تسمح بالانهيار الكامل لليرة، كما تؤمّن الدعم اللازم لموظفي القطاع العام والعسكريين وحتى القضاة والأساتذة الذين يتقاضون رواتبهم على سعر منصة صيرفة من يتيح لهم زيادة فعلية في قيمة رواتبهم في دولة عاجزة وحكومة فاشلة، كما سمحت المنصة لمصرف لبنان أن يفرض رقابة مشددة على كل عمليات بيع الدولار وشرائه.
المحافل الدولية والعالمية في لبنان تذكر أيضاً ماريان الحويك التي تولّت تنظيم أهم المؤتمرات العالمية في لبنان، وأبرزها تحت عنوان BDL Accelerate التي استضافت أهم الشخصيات المالية والاقتصادية العالمية وأصحاب الشركات والمستثمرين، وأهمهم ستيف ووزنياك الشريك في تأسيس شركة Apple، مخترع الـIpod والمشارك في ابتكار الـIphone طوني فاضل وغيرهم ما دفع كل وسائل الاعلام العالمية للحديث عن المؤتمر وفي طليعتهم CNN وفوربس وفايننشال تايمز ونيويورك تايمز.
ما سبق كلّه دفع الحويك إلى إطلاق شركة جديدة مسرّعة للأعمال هي كناية عن مبادرة تعاون بين الحكومة البريطانية ومصرف لبنان عُرفت باسم UK Lebanon Tech hub ما سمح بإرسال عدد كبير من الطلاب اللبنانيين الى المملكة المتحدة لمتابعة دراستهم وحتى البدء بأعمال هناك.
أما وفد صندوق النقد الدولي الذي أمضى الأسبوع المنصرم في لبنان في لقاءات مكثفة مع ماريان الحويك وفريق عملها في مصرف لبنان فيعرفها جيداً، وسبق له أن تولّى التنويه بأعمالها منذ العام 2016، كما يعمل معها بشكل وثيق اليوم على الانتقال بمنصة صيرفة إلى مستويات أعلى بحيث تتولى هذه المنصة تحديد سعر الدولار الأميركي في السوق اللبنانية بناء على حركة العرض والطلب على “صيرفة” بما يؤدي إلى إلغاء السوق السوداء وتعدد الأسعار.
لم تقتصر إنجازات الحويك على ما سبق مهنياً في عالم المال والأعمال، بل كانت السبّاقة في التطوير الداخلي في مصرف لبنان من خلال عمليات إعادة الهيكلة الشاملة، وتوحيد الموارد والتنسيق بين المديريات وتعميم برامج المعلوماتية المتطورة. كما وصلت جهودها إلى إطلاق مبادرة “مشروع السطح الأخضر” بالتعاون مع مشروع “سيدرو” التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. كما ساهمت في إنشاء أول متحف للعملة في لبنان.
نالت الحويك تكريمات لا تُحصى في لبنان والخارج. يكفي أن تكون مدرسة Fletcher للأعمال التابعة لجامعة Tufts أجرت دراسة معمّقة عن الإنجازات التي قامت بها الحويك واعمالها، كما دعاها المستشارون الماليون لحاكم دبي إلى طاولة مستديرة تولت فيها الحوار مع أهم الشخصيات حول الأوجه التقنية والهندسات المالية للشركات الناشئة.
لعل في ما سبق كلّه وغيره الكثير الكثير مما لا مجال لتعداده في مقالة تكمن “الثروة” الحقيقة لماريان الحويك التي قدّمت للبنان الكثير ولم تلقَ من بعض أصحاب الحملات المكشوفة إلا الجحود والإساءات والتطاول الشخصي… فهل من ينتفض لكرامة امرأة تكمن ثروتها في تحصيلها العلمي وإنجازاتها العملية والمهنية التي تتحدث عنها عوض أن تكون منطق الدفاع عن الكرامات لدى البعض مرتبط حصراً بـ”المؤخرات” وفبركة الأخبار والتجنّي والحملات المدفوعة للانتقام السياسي؟!
مواضيع ذات صلة :
بلبلة في البسطة الفوقا.. توقيف صاحب المبنى! | الاعتداء على مغارة الميلاد التي وضعت في ساحة فاريا | ونحن أيضاً أشلاء.. |