ثلاثة أوجه للتدويل ومغالطات في تناوله
كتبت ثريا شاهين في موقع mtv:
في وقت يتم الحديث عن التدويل وتأتي ردود الفعل على ذلك، تؤكد مصادر دبلوماسية خبيرة في العلاقات الدولية، أن في لبنان مغالطات كبيرة في تناول هذه المسألة بحيث أن هناك خلطاً بين التدويل، والمؤتمر الدولي، وتدخل الأمم المتحدة. أي أن هناك ثلاثة أوجه للتدويل وكل واحد منها له حيثيّاته ومنطلقاته.
وتقول هذه المصادر إنّ الثّلاثة مختلفون، إذ أن مؤتمري الدّوحة والطائف هما تعريب على التدويل، ولم يتم من خلالهما إرسال جيوش إلى لبنان، ولا اللّجوء الى الفصل السّابع في الأمم المتحدة لتحقيق ما ورد من مندرجات في مقرراتهما. كذلك، ان مؤتمري سان كلو، وباريس ومتفرّعاته 1 و2 و3، هما تدويل من دون إرسال جيوش أو حصول حرب أهليّة، أو استعمال الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وتالياً، إنّ المؤتمر الدولي يختلف تماماً عن الفصل السابع.
والأمم المتحدة، عندما تتدخل وتعطي رأيها، عبر قرار يكون تحت الفصل السّادس، يعتبر هذا أيضاً تدويلاً. إن وجود القوة الدّولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” في مهمة تنفيذ القرار 1701 هو تدويل بالتّراضي. إنه حفظ للسلام وليس فرض السلام حيث أن الفرض يأتي تحت الفصل السابع مُضافاً إلى إرسال جيوش لهذه الغاية. ويوجد تدويل عبر إدارة الأمم المتحدة للبلد مثل الصومال، أو أن تحكم المنظمة الدولية البلاد مثل تيمور الشّرقية.
الجميع في لبنان يرد على مسألة التدويل وكأن لها معنى واحداً، في وقت أنه لهذه الكلمة ثلاث معانٍ كما أسلفنا. والتدويل يمكن أن يكون تحت الفصل السابع، لكنه يحتاج الى قرار من مجلس الأمن، من الصعب اتّخاذه الآن، سيّما من دون موافقة الدول الفاعلة على الساحة اللبنانية، خصوصاً وأن هناك حقّ النقض. وهناك تدويل آخر حيث يمكن أن يصدر عن مجلس الأمن بيان حول لبنان، وهذا أسهل تدويل ممكن. كذلك، إنّ حصول تدويل للأزمة اللبنانية عبر مؤتمر لا يذهب إليه لبنان، بفعل أن المشاركة فيه تحتاج الى موافقة جميع الفرقاء الداخليّين، لا معنى له، لا سيما وأن مؤتمراً كهذا يكون كناية عن حوار دولي حول لبنان.
إنّ هناك خلطاً بين المؤتمر الدولي لشرح الموضوع وبين الفصل السابع. والسابع صعب حصوله لأنه يحتاج الى تصميم من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن حول ذلك، في ظل وجود خطر على السلام الدولي. في اتخاذ القرارين 1559 و1701 كاد مجلس الأمن أن يصل الى الفصل السابع من النص لكنه تراجع في اللحظة الأخيرة.
وإنّ طرح المؤتمر الدولي لا يحتاج الى مثل الردود التي تحصل، لأنها تأتي بعد ربط الأمور ببعضها في هذا المجال، وأن التعاطي مع هذا الطرح بمغالاة في الحذر من المؤامرة ليس في محله. وليس من الضروري، وفق المصادر، أن تكون هناك سوء نية في الطرح للعمل على وقف الموضوع من أوله. و لو تلافى الأفرقاء اللبنانيّين الأخطاء بتلقي المعلومة وتصديقها وأخذ القرار حولها، لكانوا تلافوا أموراً كثيرة حصلت في الحرب اللبنانية.
مصادر دبلوماسية واسعة الإطلاع على العلاقات الدولية مع لبنان تؤكد أنه في هذا التوقيت، ليس هناك من جهة دولية تتفرغ للبنان، وكل الدول لديها مشاكل وأولوياتها لا سيما الداخلية.
وتدويل الأزمة اللبنانية يحتاج إلى طرف دولي يعمل على مسألة التدويل. وفرنسا لن تقوم بذلك، والأميركيون لديهم إدارة جديدة لا زالت في طور ترتيب أولويات الملفات الخارجية، وهي منشغلة في ذلك.
وتشير المصادر، الى أن الظروف الدولية غير مهيأة لطرح موضوع مثل موضوع لبنان دولياً، ولا يوجد أي طرف سيقوم بتبني هذا الأمر. كما أن الأطراف الداخلية التي تريد التدويل ليست لها الأدوات الخارجية للتدويل. وتالياً، لا يمكن أن يحصل التدويل أوتوماتيكياً. إنما هناك ظروف يجب أن تتهيأ لكي يتم ذلك. لذا فإنّ لا الظروف الداخلية ولا الظروف الخارجية متوافرة من أجل إنجاز هكذا عملية.
وتلفت المصادر الى أن حدود المساعدة والإهتمام الدوليين بلبنان تقف في الحدود التي باتت معروفة، أي تشكيل “حكومة مهمة”، من أجل أن تتجاوب الدول لمساعدة جدية، خصوصاً أن الدول تعتبر أن أزمة لبنان داخلية، وهي من صنع المسؤولين اللبنانيين والطبقة السياسية الفاسدة.
لذا، على اللبنانيين مساعدة أنفسهم لكي يساعدهم المجتمع الدولي. بمعنى أنها لو كانت الأزمة اعتداءً خارجيّاً على لبنان لكان تعاطي المجتمع الدولي معه بشكل مختلف. أما الآن، فإن الشعب اللبناني العالق ليست لديه قدرة على أن يقوم بشيء. ويحتاج إلى من ينقذه، ولن ينقذه المجتمع الدولي لأن الأزمة داخلية وليس لدى الشعب أدوات يؤثر من خلالها على دول العالم. وليس لدى المجتمع الدولي ظروفاً لمساعدة الشعب اللبناني مباشرة.
ويعتبر المسؤولون الدوليون أنّ العالم منزعج من كيفية إدارة المسؤولين اللبنانيين للبلاد بطريقة غير مسؤولة. وبدلاً من أن يتفقوا ويتفاهموا حول الحلول، يعملون على التعامل مع الإستحقاقات بطريقة غير جدية.
ويعتبر المسؤولون الدوليون أن لبنان محكوم من طبقة غير مسؤولة تجاه الشعب وتجاه العالم كله. كما يقولون إن الحكم هو مسؤولية وخدمة الناس، وغير ذلك لا لزوم له. إن الحكم هو عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وعندما يخل الحاكم بوظيفته الأساسية، يكون المحكوم في حل من العقد الإجتماعي. وعندما يتوقف الحاكم عن تمثيل مصالح الناس، لا بل أخذهم رهينة، فإنه يفتقد لتمثيل إرادة الشعب.
مواضيع ذات صلة :
ضمانات أميركية لإسرائيل بحرية العمل في لبنان! | موقف إسرائيلي إيجابي بشأن لبنان! | هوكشتاين ينفي الحصول على ضوء أخضر إسرائيلي: “ليس دقيقًا” |