بكركي بريئة من هذا الإثم!
كتبت ريتا العضيمي في وكالة “أخبار اليوم”:
بين تشكيل حكومة وأُخرى، يعيش اللبنانيون واقعاً مُكرّراً من سمفونيات السياسة اللبنانية: حقوق الطوائف، صلاحيات الرؤساء، حصص الأفرقاء، أحجام الكتل، الثلث المعطّل وغيرها. ولا شكّ أنه مع التيار الوطني الحر قد باتت معزوفة “حقوق المسيحيين” هي الأكثر رواجاً على الإطلاق، حيث دخلت في قاموس حملاته السياسية والترويجية وباتت حجر الأساس لكلّ إستحقاق يخوضه.
شعار “استعادة الحقوق” الذي سعى “التيّار” لتحقيقه قد منحه، إضافة لعوامل وأسباب أُخرى، مساندة مسيحيّة عارمة بلغت ذروتها في استحقاق الانتخابات النيابية العام ٢٠٠٥ كما في العام ٢٠٠٩ مع تدعيمها بمحاربة “الداعشية السياسية والمالية” التي تُمثّلها الأكثريّة السنيّة في لبنان والتي تُشكّل خطراً مُحدقاً على المسيحيين وفق قول “التيّار”؛ وقد حلّ خريف العام ٢٠١٦ كالفرصة الذهبية ليُثبت “التيّار” مصداقيّة عمله لاستعادة الحقوق وليقطع شكوك أخصامه باليقين وهو الذي بات مُسلّحاً بموقع رئاسة الجمهوريّة، أكبر كتلة نيابيّة مُدعّمة بأكثرية حليفة، فريقاً ضخماً من الوزراء والحقائب الدّسمة، عشرات المواقع الاداريّة، سيطرة شبه مُطبقة على الاجهزة والمؤسّسات وإحكام تامّ على كافّة مفاصل الدولة.
لكن ماذا حصل؟ تقوقعت حقوق المسيحيين لحدود حقوق العائلة وتمرمغت الدّاعشيّة الطائفيّة إلى قلب الاحضان الانتخابيّة وترنّحت الصّلاحيات بين انعدام فعاليّتها في جريمة ٤ آب وقوّة جبروتها في استدعاء ناشطي مواقع التّواصل الاجتماعي. تشرّد المسيحيون مثلهم مثل باقي اللبنانيين بين أبواب المستشفيات والصيدليات في انتظار أبواب الهجرة مع انقضاء وباء كورونا.
الدولة في موت سريري تكاد لا تفقه سوى تعداد الشّهداء والضحايا ومازال البعض يتجرأ في التّعنّت لأجل حقوق وصلاحيات زائلة.
المسيحيون لا يريدون حقوقاً في مزرعة بل حضوراً في دولة، يرفضون العيش الذليل لأجل حفنة مناصب لأنّهم ناضلوا على مدى ١٤ قرناً لأجل حرّيتهم وكرامتهم، يرذلون كلّ صلاحيّة أو قوّة تجعل من وجودهم عبيد مال أو تطبع على جباههم شهوة السّلطة؛ المسيحيون في لبنان قاوموا لقيام الدولة العادلة، القادرة القوية، التي لا تُشيطن الآخر ولا تستخدم المصافحة الأخويّة لغاية ثمّ تنقلب عليها.
صوت المسيحيين يصدح في نداءات بكركي، التي عرّت كلّ من يتصارع لأجل مكسب خاص ويتذّرع بحقوق النّاس التي تموت يومياً. صرخة البطريرك الراعي في بريّة العهد الزائل كانت ساطعة، مجد لبنان براء من الذين أغرقوه وجعلوه معزولاً مرذولاً منكوباً مُضرّجاً بالفقر والألم.
حقوق اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، ستنتصر مع بكركي وأبنائها الصّالحين، لأنّه هناك فقط تسقط آثام دويلات القهر والاذلال، لأجل دولة الحقّ والعدالة.
مواضيع ذات صلة :
عربيد من بكركي: مستقبل لبنان عملية تشاركية لا يجب أن يتفرد بها أحد | القمة الروحية تظهر التباين الشيعي | البيان الختامي لقمة بكركي: تشديد على وحدة اللبنانيين ودعوة للشروع بتطبيق الـ1701 |