كيف ستتعامل بكركي مع “لغة التّهديد”؟
كتب سعد الياس في “القدس العربي”:
تتجه العلاقة بين بكركي وحزب الله إلى مزيد من التوتّر والقطيعة بعد طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عقد مؤتمر دولي خاص من أجل لبنان، وهو ما رأى فيه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تدويلاً وغطاء لاحتلال جديد وأرفقه بتعليق «ما حدا يمزح معنا».
هذه اللغة في مخاطبة بكركي لم ترُق للصرح البطريركي الذي يشكو أصلاً من التهويل على اللبنانيين بالسلاح غير الشرعي، كما لم ترُق لحزب القوات اللبنانية الذي خرج رئيسه سمير جعجع ليرفض أي نوع من التهديد لبكركي، فيما ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شنّوا حملة على نصرالله ورفعوا هاشتاغ «لكل احتلال بطريرك».
فهل قطع الأمين العام لحزب الله الطريق على دعوة البطريرك الراعي إلى التدويل؟ وكيف ستتعامل بكركي مع لغته التي حملت نوعاً من التهديد؟
يجيب مستشار البطريرك الماروني الوزير السابق سجعان قزي في حديث إلى»القدس العربي» إن «دعوة البطريرك لانعقاد مؤتمر دولي موجّهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة وبالتالي من يقرّر مصيرها ليس أمين عام حزب الله بل الأمين العام للأمم المتحدة واستطراداً لا يمكن لأي طرف داخلي أن يمنع انعقاد مؤتمر دولي خاص للبنان إذا كان هناك قرار دولي ومدعوم من دول مجلس الأمن. والدعوة التي أطلقها البطريرك منفصلة عن موضوع تدويل الأزمة اللبنانية بوجهها الاقتصادي والحكومي أو بموضوع تدويل الأمن اللبناني من خلال البند السابع. فالبطريرك لا يدخل في هذه الزواريب الدولية وبلعبة البنود والمواد، إنما لديه شعور أن لبنان في خطر حقيقي وجودي وكياني أبعد من موضوع النظام والحكومة، ورأى أنه بعد فشل كل المحاولات لانقاذ الوضع اللبناني لم يعد إلا الأمم المتحدة لتلعب دورها، وهذا واجب عليها وليس خياراً لأنها مسؤولة عن مصير كل دولة عضو فيها، وأساساً أنشئت الأمم المتحدة للحفاظ على السلم داخل الدول وعلى بقاء هذه الدول بغض النظر إذا كان الخطر من الداخل أو من الخارج.
وهكذا فدعوة البطريرك سالكة ولكن تحتاج إلى جهد كبير على الصعيد الداخلي وعلى الصعيدين العربي والدولي. الاتصالات الأولى ايجابية وإنما غير حاسمة بعد. على الصعيد الداخلي التأييد يكبر أكثر فأكثر بإستثناء طبعاً حزب الله الذي يرى في التدويل أو في المؤتمر الدولي بأي بند من البنود خطراً على وجوده كحزب عسكري منفصل عن الشرعية والقرار اللبناني المستقل. أما بشأن ردّ البطريرك على تهديدات أو مواقف حزب الله، فالبطريرك ليس فريقاً سياسياً كي يردّ على فريق سياسي، هذا أمر متروك للأحزاب السياسية المناهضة لحزب الله لكي تردّ هي عليه. البطريرك وبكركي فوق كل الأحزاب والمؤسسات ولا تدخل في مهاترات ولا في ردّ تهديد بتهديد. بكركي قوتها في موقعها بموقفها الوطني وليس بالدخول في سجالات مع أحد».
ولدى سؤاله هل يمكن للبطريركية المارونية أن ترعى لقاء وطنياً كـ»لقاء قرنة شهوان» في عهد البطريرك مار نصرالله بطرس صفير؟
يقول قزي «أظنّ أن هذا الأمر غير متوافر حالياً لأن الظروف التي انعقدت فيها قرنة شهوان مختلفة عن الظرف الذي نعيشه اليوم. خلال لقاء قرنة شهوان كانت القيادات المسيحية الأساسية غائبة إن في السجن أو في المنفى، والأحزاب المسيحية كانت منقسمة على بعضها البعض، فالقوات كانت مشلّعة وكذلك الكتائب والتيار كان مبعثراً. أما اليوم فالأحزاب موجودة والقيادات السياسية المدنية موجودة، والبطريرك لا يزاحم الأحزاب في هذا الإطار، إنما يمكن أن يكون حول البطريركية فريق عمل سياسي يواكب مواقف البطريرك على الصعيد الوطني والسياسي والإعلامي وهذا موضوع قيد البحث الجدي».
وماذا عن مبادرة البطريرك حول الحكومة وأين أصبحت دعوته للقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري؟
يقول قزي «لقد طرح البطريرك الأفكار للقاء بين الرئيسين عون والحريري ونجح في جعلهما يجتمعان مع بعضهما مرتين، ولكنهما لم يتفقا في اجتماعهما، والفشل يقع عليهما وليس على البطريرك. فليس البطريرك الذي يؤلف حكومة، فالنجاح نجاحهما والفشل فشلهما، والبطريرك مستمر في اتصالاته ولكن يعرف أن اللعبة ليست داخلية فقط وأن العقد الموجودة مصدرها الأساسي خارجي ويجري تكبيرٌ للعقد الداخلية للتغطية على العقدة الخارجية التي هي إيرانية المنشأ وهي تعبر من خلال حزب الله إلى الوضع اللبناني».
وعن النظرة إلى كف يد المحقق العدلي عن قضية انفجار مرفأ بيروت؟
يعتبر قزي «أن وضع القضاء في لبنان ليس متوقفاً على مصير المحقق العدلي صوّان الذي كان مكلّفاً بإجراء تحقيق في انفجار المرفأ. فكل الوضع القضائي في لبنان بحاجة إلى إعادة نظر، والقضاء ليس بأفضل من الطبقة السياسية وأصلاً هذا القضاء من هذه الطبقة. وبالتالي يفترض أن يجري تلقيح للجسم القضائي ضد الفساد والجبن وتلقيح ضد التردّد والتحزّب والتطيّف والتسيّس لأن القضاء اللبناني لا يساوي عدالة، وهو يخيف أصحاب الحقوق أكثر مما يخيف أصحاب الجرائم، ويحتاج إلى تقويم وتطهير وإلى استعادة مكانته وثقة الناس فيه وثقه الرأي العام. ولم نرَ في أي دولة في العالم حتى في الدول المتخلّفة أن لدى القضاء عميراً قضائياً وساعي بريد قضائياً ووسيطاً قضائياً وصحافيين قضائيين هم ينقلون المواقف والمحاكمات ويقررون أي ملف يُفتَح وأي ملف لا يُفتَح ويتكلمون بإسم القضاة. فهل يُعقَل أن يتحدث صحافيون أو منظّرون على الشاشات بإسم القضاة؟ ونحن اليوم ننظر إلى مجيء وزير عدل متحرّر يتعاون مع مجلس القضاء الأعلى لاعادة هيكلة القضاء اللبناني واستعادة دوره التاريخي».
مواضيع ذات صلة :
عربيد من بكركي: مستقبل لبنان عملية تشاركية لا يجب أن يتفرد بها أحد | القمة الروحية تظهر التباين الشيعي | البيان الختامي لقمة بكركي: تشديد على وحدة اللبنانيين ودعوة للشروع بتطبيق الـ1701 |