“لبنان واحد لا لبنانات”.. إعلان مبادرة “طاولة حوار المجتمع المدني” من بكركي
انطلقت اليوم مبادرة “طاولة حوار المجتمع المدني”، من الصرح البطريركي في بكركي، بحضور البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، ومشاركة الرئيس الاسبق امين الجميل، والنائبين اشرف ريفي واديب عبد المسيح، والسيدة حياة ارسلان، وعدد من الفاعليات.
وفي مستهل إعلان المبادرة قال البطريرك الراعي: “أنا سأكون مستمعاً لأني أريد التعلم من المتكلمين نظرتهم ورأيهم ومشاعرهم”، وتابع: “أقول كلمة شكر للأميرة حياة أرسلان وإلى السيدات والسادة الذين ينظمون معها هذه الطاولة الحوارية لإطلاق تجمع لبنان الكبير”.
وأردف: “تحية خاصة إلى المتكلمين وأشكرهم مسبقاً على ما سيقولون عن لبنان الكبير وأنا أحتفظ برأيي إلى وقت النقاش”.
من جهته تناول الرئيس الجميّل في كلمته في مؤتمر بكركي حول “لبنان الكبير” البعد الايجابي لدولة ١٩٢٠ والثغرات التي عانت منها.
وجاء فيها:
“أول الإمتحانات كان سنة 1949، مع قيام دولة إسرائيل وطموحات بعض مؤسسيها التوسّعية، فتوحّد اللبنانيون وواجهوا هذه التحديات.
في نهاية الخمسينيات كاد لبنان أن يسقط وإهتزّ منطق الولاء للوطن،إلا أن بعض الظروف الإقليمية الطارئة ساهمت في تصحيح مسيرته الإستقلالية، وتعزيز نظامه المميّز في المنطقة.
في الستينيات واجه لبنان مشروع الوطن البديل على أرضه، فواجه العرفاتية وأتباعها في الداخل والخارج، وتحوّلت الحالةُ الفلسطينية الى أكثر بكثير من وجود وأقل بقليل من دولة احتلال لدرجة كادت الحركة الفلسطينية أن تقضي على الكيان لولا المقاومة اللبنانية الشجاعةلهذا المشروع التي حفظت لبنان حين توفّرت الظروف الإقليمية المؤاتية.
في السبعينيات كذلك، واجه لبنان الأطماع السورية من خلال الهيمنة الكاملة على الوطن ومقدّراته، بمباركة دولية مغرضة. فكان 〔الاحتلالُ〕 الفعلي للبنان. احتلالٌ لم يحررْهُ سوى وحدتِنا الداخلية المنبثقة من فلسفةِ لبنانَ الكبير وقد جسدّها حديثاً بكل معانيها تجمعُ قرنة شهوان ولقاءُ البريستول تحت شعار لبنان اولاً وقافلةُ الشهداء التي دفعنا ثمنها وجعاً كبيراً.
في الثمانينيات، تعرًض لبنان لمؤامرة من نوع جديد استندت الى الديموغرافيا العددية وسلطة المال المتوحشة والعسكريتاريا الشرسة، يقودها النظام الإيراني بحجة تحرير الأرض العربية، فزعزعت النظام اللبناني ولم تزل لحينه تثير الفوضى مما فرض على الشعب اللبناني وقفة وطنية من أجل لبنان الحر والديمقراطي.
استعرضتُ هذه المراحل لنستخلصَ معاً النتائجَ المرجوة.
أولاً لا مفرّ من إحياء دولة ١٩٢٠ أي الدولة الواحدة، وإحياء دولة ١٩٤٣ أي الدولة-الدستور، لأن البديل، بالخلاصة، هو العودة الى اللا دولة والتفرقة، أي دولة الطوائف، دولة المذاهب، دولة السفارات، دولة توزيع الولاءات واستدراج دول الاقليم، مع ما تفترضه من نزاعات عسكرية في الداخل وولاءات سياسية للخارج.
ثانياً: كما واجه اللبنانيون وصمدوا وأبقوا الرهان (السياسي) هو الأساس، لا بدّ من تحصين النظام بحركة تحديثية نهضوية تقوم على اعتماد اللامركزية الموسعة التي توفر لكل جماعة حقوقها من دون المسّ بحقوق الجماعات الأخرى. كما من شأن اللامركزية اذا أُحسنَ تطبيقُها ان تنمّي مركزية لبنان في المشرق العربي.
ثالثاً- لا بدّ من معالجة فورية لمشكلتي الخوف والغبن لدى جميع اللبنانيين، لننتقل عندها من نظام الامتيازات المفروضة واللامساواة الى نظام الدولة الراعية والضامنة، وتحصين لبنان عن التدخلات الخارجية.
رابعا- لا مفرّ ايضاً من استعادة حالة لبنان السيادية، الاستقلالية، الوحدوية بتثبيتُ حياد لبنان، فلبنان هو أصلاً غيرُ منحاز منذ دولة لبنان الكبير التي شكل اعلانُها حياداً عن الغرب وعن الشرق.
آن الأوان ان ينقذَ لبنانُ نفسه بأن تتلبنن كل المكونات، فتكتمل الحالة اللبنانية وتتكامل دون امتيازات، فقط بضمانة الدولة القوية والقادرة، الا اذا أردنا لبنانَ لبناناتٍ موزعة الى مناطقَ نفوذٍ وفق سايكس-بيكو جديد وفرنسيين جدد وإنكليز جدد وهم كثر في الجوار وأبعد من الجوار.
آن الاوان بعد مئة عام لتثبيت الكيان على قيم الجمهورية في الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان، أسسٌ من دونها لا قيام للدولة، ومعها يعود لبنان الى مفهوم الوطن الرسالة ويقوى اللبنانيون على خوض غمار المئوية الثانية، وطناً سيداً ومواطنين متساوين متحدين متكافلين متضامنين””.
فيما قال النائب أشرف ريفي: “نتعهّد بأن نمنع تحويل لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية وبأن نعيد للدولة هيبتها، ونتعهّد أن نواجه السلاح الميليشياوي ومشاريع التصفية والاغتيال والإرهاب”
أما النائب أديب عبد المسيح فبدأ كلمته بالقول: “نحن أبناء هذا الزمان ولبنان الكبير واقعنا شاء من شاء وأبى من أبى لا نريده أصغراً أو مجزءاً وإنّما نريده وطناً للبنانيين وأن يكون الجميع متساوياً بالحقوق والواجبات والمسؤوليات”.
وتابع: “لبنان جعلناه ساحة صراع طائفية وأرض محاصصة وما يجمعنا اليوم هو فشل لبنان الكبير الوطن، وما يجمعنا أيضاً هو أنّ الفشل أضمن طريقة للنجاح فالإنسان يتعلّم من الفشل أكثر مما يتعلّم من النجاح”.
وأكّد: “لا خلاص لبنان سوى الإنطلاق من ثقافة الاحترام المتبادل وتقبل الآخر”.
وسأل: ” هل يعقل أنّ لبنان الذي لم يقبل بإسقاط دستور جمهورية فرنسا الثالثة أن يقبل اليوم بتعطيل دستوره، هل يمكن أن نقبل باستمرار منطق التعطيل؟ هل سنبقى باقتصاد حرّ؟ بينما اقتصادنا نقيض للحالة الاجتماعية؟ لا يعقل أن نستمر بفقدان دورنا الريادي كمستشفى وجامعة للشرق؟”.
وفي الختام كان كلمة للأميرة حياة أرسلان التي قالت: “مررنا ونمرّ بصعوبات جمّة وبأزمات بل بكوارث ليس أقلها تفجير المرفأ ولا الشغور الرئاسي وهنا لا بد من القول إنّه مهما رغبنا وطالبنا بانتخاب رئيس للجمهورية ولكن طريق بعبدا لن تمرّ عبر الممارسات غير القانونية”.
مواضيع ذات صلة :
سامي الجميّل: “الحزب” يخطف الدولة والحياة الديمقراطية في لبنان | الجميل: لضرورة حماية لبنان من الصراعات في المنطقة | الجميّل: استهداف إسرائيل لمواقع الجيش تعدٍّ على السيادة اللبنانية |