“الرابح الأكبر” هو المودع.. “شورى الدولة” يُنقذ المصارف من براثن الحكومة
في ظلّ الارتياح الكبير الذي تركه قرار مجلس شورى الدولة بإبطال قرار الحكومة الصادر في أيار 2022، والقاضي بالموافقة على استراتيجية النهوض بالقطاع المالي، ولا سيما لجهة إلغاء جزء كبير من التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية تجاه المصارف، من أجل تخفيض العجز في رأسمال المركزي، تتوالى ردود الفعل المرحّبة بالقرار القضائي.
في هذا الإطار، اعتبر كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل في حديث لـ “هنا لبنان”، “أنّ قرار مجلس شورى الدولة، جاء بعدما تقدّمت جمعية المصارف بمراجعة أمامه ضدّ الدولة (رئاسة مجلس الوزراء)، على ضوء المشروع الإصلاحي للحكومة الذي تقدّمت به في أيار 2022، والذي يتضمن شطب 60 مليار دولار من رأسمال مصرف لبنان (وهو مبلغ تعتبره الحكومة خسائر)، مع ما يترتب عن ذلك حتمًا من شطب 60 مليار دولار من ودائع المصارف التجارية بالعملات الأجنبية، هذا البند تحديدًا (الشطب) اعترضت عليه جمعية المصارف دون أن يكون اعتراضها على المشروع الإصلاحي، وتمّ إبطاله حسب قرار مجلس شورى الدولة واعتباره غير دستوري ومخالفًا للقوانين”.
غبريل أوضح أنّ مذكرة “ربط النزاع” مع الحكومة التي تقدم بها 11 مصرفًا من كبار المصارف في لبنان إلى وزارة المالية، والقرار الأخير لـ”شورى الدولة”، يعزّزان موقف القطاع المصرفي وموقف المودع أيضًا، مؤكّدًا أنّ الرابح الأكبر من هذا القرار هو المودع لأنّ الأموال هي أموال المودعين.
بدوره، أوضح الصحافي طوني أبي نجم لـ”هنا لبنان”، أننا “نتعاطى مع سلطة تقول أنا سرقت ودائعكم وطارت الودائع واليوم سأرى كيف أشطب كل شيء وأقوننه”، سائلًا: “كيف لحكومة تصريف الأعمال أن تتحمل هذا القرار، وأن تقدم مشروع قانون يرسم مستقبل لبنان واللبنانيين لـ60 سنة مقبلة”؟
أبي نجم أشار أيضًا إلى أنّه بعد قرار مجلس شورى الدولة الذي أبطل فيه قرار الحكومة، بات اجتماع مجلس الوزراء لمناقشة المشروع هو مخالفة قانونية، كاشفًا أنّ قرار “شورى الدولة” يخبرنا عن 62 مليار دولار سرقتها الحكومة من ودائع الناس.
كما اعتبر أبي نجم لـ “هنا لبنان”، أنّ “هذا القانون الذي هدفه شطب ودائع الناس، أتى أيضًا لينتهك أهم حق دستوري في لبنان وهو حق الملكية الخاصة”، مشددًا على أنّ الحكومة لا تريد تحمل المسؤولية لذا تأتي وتشطب ودائع الناس بفزلكات قانونية مرفوضة وبنفس الوقت تدمر القطاع المصرفي والاقتصاد”.
من جانبه، لفت محامي جمعية المصارف أكرم عازوري لـLBCI اليوم، إلى أنّ إعادة الأموال للناس هي مسؤولية السلطة وهي لن ترد إلا من خلال إعادة تكوين الاقتصاد، مؤكدًا أنّ على الحكومة تنفيذ حكم مجلس الشورى بحذافيره.
عازوري أوضح أنّه لا يوجد مصرف في العالم يتحمل رد جميع الأموال للمودعين في نفس اللحظة، وأنّ جمعية المصارف ستكون إلى جانب السلطة بعد تحمل مسؤولية رد الأموال للمودعين، مشيرًا إلى أنّ مجلس الشورى قال بصراحة أنّه لا يمكن تحميل المودعين مصاريف الدولة اللبنانية، وكشف أنّه “بالاتصالات مع صندوق النقد الدولي، تبيّن أنّ الصندوق أيضًا لا يتبنى قضية تصفير الودائع”.
كما شدد على أنّ تقاذف المسؤولية لا يؤدي إلى نتيجة ويجب معالجة الأزمة النظامية لتحريك عجلة الاقتصاد وإعادة الثقة بالمصارف التي ما زالت موجودة رغم كل شيء، معلنًا “أننا سنتقدم كمصارف بدعوى عن مصرف لبنان ضد الدولة اللبنانية واسمها دعوى غير مباشرة، لأن مصرف لبنان لا يطالب الدولة بتسديد ديونها سنطالب عنه برد الودائع إلى المركزي”، مضيفًا: “في 5 ديسمبر تقدّمنا بطلب إلى الدولة اللبنانية طالبناها برد ما استلفته من مصرف لبنان، وخلال شهرين إن لم ترد الدولة تكون قد رفضت ذلك”.
في السياق أيضًا، أكد المختص بالشأنين الاقتصادي والسياسي طوني بولس لـ “هنا لبنان”، أنّ “شطب الودائع بات ممنوعًا بقرار قضائي، بما يعني ممنوع إعفاء الدولة من ديونها، حيث لا يمكن للدولة أن تكون قد استدانت أموال المودعين وأنفقتها ومن ثم تعفي نفسها من سداد هذه الديون”.
وشدد بولس على أن “القضاء اللبناني أنصف المصارف اللبنانية بعد إبطال قرار الحكومة في إلغاء التزاماتها بالعملات الأجنبية تجاه هذه المصارف بالشكل وليس بالمضمون”.
وفي تعليق على ما صدر عن مجلس شورى الدولة، يؤكد الخبير الدستوري الأستاذ سعيد مالك لموقع “هنا لبنان” أن حكمه نهائي وملزم تحت طائلة تغريم كل من يمتنع عن تنفيذه.
أمّا جمعية مصارف لبنان، فكانت عقب اجتماع للجمعية العمومية للمصارف، بهدف اتخاذ القرارات المناسبة بعد صدور قرار مجلس شورى الدولة رقم 209/2023-2024 بتاريخ 6/2/2024، قد أشادت أمس في بيان، بالمبادئ التي أقرها قرار “شورى الدولة” المذكور.
كما شددت على أنّ “أية مفاوضات تجريها الجمعية أو الآراء التي تصدرها بخصوص أي مشروع قانون يتعلق بإعادة هيكلة المصارف يجب أن تستند إلى النقاط التالية كحد أدنى، ولا يجوز التراجع عنها بأي شكل قبل الرجوع إلى الجمعية العمومية من جديد:
1- أن يتضمن المشروع نصًا واضحًا وصريحًا لا يقبل التأويل أو الاجتهاد يوضح أن الأزمة المالية الحالية في لبنان هي “أزمة نظامية“.
2- أن تتحمل الدولة جميع التزاماتها القانونية خاصة فيما يتعلق بتغطية الخسائر في ميزانية مصرف لبنان، مما يعود بالمسؤولية على الدولة ومصرفها المركزي لإعادة جميع الإيداعات من مصرف لبنان إلى المصارف لكي تعيدها بالكامل إلى المودعين.
3- تؤكد المصارف مجددًا التزامها الدائم بالقانون، بما في ذلك الدستور اللبناني، وبالأحكام القانونية المعمول بها”.
مواضيع ذات صلة :
الحكومة توقع مذكّرة تفاهم مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي | طلب من الحكومة إلى الجمارك بشأن المساعدات | مذكرة مهمّة من الحكومة إلى هذه الجهات! |