بري “يُهدّد” مبادرة “الاعتدال”.. انتخاب الرئيس يدور في “حلقة مفرغة” بانتظار التسوية!
لا تزال المراوحة تُسيطر على الملف الرئاسي، رغم كلّ اللقاءات والمساعي والمبادرات التي أطلقها أكثر من طرف، وآخرها تلك التي تُحاول إنجاحها كتلة “الاعتدال الوطني” التي تجول على مختلف الأفرقاء السياسيّين، في سبيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في ظلّ الأزمات الأمنيّة والاقتصاديّة والسياسيّة التي تعصف بالبلاد.
وفي آخر التطورات على هذا الصعيد، برز اليوم البيان الذي أصدرته الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، مشيرة إلى أنّه “اختلط الأمر على الرئيس نبيه بري فاعتبر أن رئاسته لمجلس النواب تمنحه الحقّ بأن يكون ولي أمر النواب والكتل النيابية، وما يطرحه حول طاولة حوار رسمية تدعو إليها الأمانة العامة في مجلس النواب ويترأسها الرئيس بري يعني أنّ كل الاستحقاقات الدستورية، بدءًا برئاسة الجمهورية، مرورًا بتكليف رئيس حكومة، وصولًا إلى تأليف الحكومة، تمرّ عن طريق طاولة الرئيس بري بالتحديد، وهذا مخالف للدستور، ويتناقض مع ميثاق العيش المشترك، وهذا ما لن يسير به أحد”.
بري يتلاعب بمفهوم الحوار
أضاف البيان: “ما يطرحه الرئيس بري يعني وكأن الكتل النيابية ليس لديها حرية الاجتماع بعضها مع بعض، الأمر غير الصحيح إطلاقًا، فيما مهمة الرئيس بري والأمانة العامة لمجلس النواب محصورة بالدعوات إلى جلسات الهيئة العامة والعمل المجلسي، ولا علاقة لهم بتلاقي الكتل النيابية أو عدمه بالحوارات الجانبية، أو التشاور في أي موضوع أو خطوة تراها الكتل النيابية مناسبة.
لقد سخّف الرئيس بري ومزّق وتلاعب مئات، لا بل آلاف المرات بمفهوم الحوار الذي يمكن أن يؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومعلوم أن الحوار الجدي يتم خارج الإعلام وفي الغرف المغلقة، وهذا الحوار بالذات لم يتوقّف لحظة واحدة بين الكتل النيابية في محاولة للتوافق على رئيس جديد للجمهورية، ولكن من دون نتيجة حتى الآن بسبب إصرار الممانعة على آلية غير دستورية، أي طاولة حوار (بِريّة)، ورفضها للآلية الدستورية بالذهاب إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية، كما إصرارها على مرشّح غير قادرة على انتخابه ورفضها الخيار الثالث ومواصلتها للنهج التعطيلي نفسه.
لقد أضاع الرئيس بري، ويا للأسف، أكثر من سنة و4 أشهر حتى الآن بتعطيله الانتخابات الرئاسية، وهو يهدِّد بإصراره على حواره (البري) مبادرة تكتل “الاعتدال الوطني” التي تنص على التداعي والتشاور لجلسة واحدة وليس على الحوار المعلّب مسبقًا بهدف إيصال الوزير السابق سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، والمرفوض تحويله أيضًا إلى عرف يسبق كل استحقاق دستوري.
مرتا مرتا تطرحين أمورًا كثيرة يمينًا وشمالًا، إنما المطلوب واحد: الدعوة إلى جلسة انتخابات رئاسيّة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية”.
وكان الرئيس بري قد أكد لـ”الشرق الأوسط” أنّ الأمانة العامة للبرلمان هي مَن توجّه الدعوة للكتل النيابية للمشاركة في الحوار الذي سيترأسه شخصيًا بلا شروط مسبقة، “لعل التلاقي على طاولة مستديرة يؤدي إلى التوافق على اسم مرشح معيَّن من شأنه أن يسهّل انتخابه، لأن الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان تتطلب منا اليوم قبل الغد وضع حد لاستمرار الشغور في رئاسة الجمهورية”.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة “الجمهورية” أنّ الرئيس بري تلقّى بعد ظهر أمس اتصالًا هاتفيًا من الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، جرى خلاله البحث في ضرورة الحوار والتوافق من أجل انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن لمواجهة التحديات المتراكمة على أكثر من صعيد. وقد وصف الاتصال بأنه في إطار مواكبة المساعي الدبلوماسية لإيجاد حل رئاسي.
انتخاب الرئيس.. ليس نهاية المطاف!
وفي المواقف على الصعيد الرئاسي أيضًا، اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، من دار الفتوى، أن “انتخاب رئيس للجمهورية ليس نهاية المطاف، بل هو بداية أمل من أجل الإصلاح والحل في البلد”.
وردًا على سؤال حول هل يتوقع انتخاب رئيس الجمهورية قريبًا، قال ميقاتي: “أتمنى أن تجري الانتخابات في أسرع وقت ممكن، واليوم قبل الغد، لأن الانتخاب ضروري لكي تستقيم المؤسسات الدستورية وتبدأ ورشة الإصلاح المطلوبة”.
في السياق، يقول أحد نواب التكتل لـ “أخبار اليوم”، إنّ الأجواء إيجابية واللقاءات ستستمر وستبقى قائمة إلى حين التوافق على عقد جلسات انتخابية، ويشير إلى أنّ التكتل سيلتقي سفراء اللجنة الخماسية وعلى الأرجح كل على حدى وأن المساعي ستبقى جارية على قدم وساق للوصول إلى اقرب تفاهم، فضلًا عن أن الرئيس نبيه بري كان إيجابيًا جدًا في التعاطي مع هذه المبادرة، كما أن عددًا من الأطراف رحبت بها ودعت لاستكمالها وشجعت على ذلك فيما الأمور الأخرى بالنسبة للمبادرة تبقى شكليات والمهم هو إجراء الانتخابات الرئاسية.
الرئيس.. بانتظار تسوية إقليمية كبرى!
كما تقول مصادر نيابية أخرى لـ “أخبار اليوم”، إن تحرك التكتل ربما لن يقدم شيئًا بانتظار التسوية الإقليمية الكبرى والذي أصبح لبنان مرتبطًا بها وعلى ضوئها يحدد اسم الرئيس وإعادة تكوين السلطة وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة دوران العجلة الاقتصادية لأن كل ما يحصل الآن، هو حسب المصادر، دوران في حلقة مفرغة علمًا أن بعض الأطراف والقوى تطالب بفصل لبنان عن الوضع الإقليمي.
إلى ذلك، برز اليوم أيضًا اللقاء الذي جمع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، اليوم في بنشعي، مع السفيرة الأميركية الجديدة لدى لبنان ليزا جونسون، يرافقها مستشار الشوؤن السياسية والاقتصادية جايمي أوماليا وفادي حافظ، حيث كانت مناسبة لمناقشة الأوضاع السياسية العامة والمستجدات الراهنة على الساحتين اللبنانية والإقليمية.