جعجع: باسيل “عم يعلّي سعرو” عند الحزب.. والتركيبة اللبنانية “مش شغالة”
أكّد رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع أنّ ما يطرحه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من مبادرات ومدّ اليد لا يقع إلاّ في سياق المراوغة و”التعويم”.
إلى ذلك اعتبر جعجع أنّ الصيغة اللبنانية لم تعد “شغالة”، وأنّه لا بد من البحث بها.
وقال جعجع إنّ “الحديث عن إشكالية مسيحية هو كلام غير دقيق ونحن لا نريد تغيير الواقع أو التغاضي عنه، باعتبار أنّ لبنان يعاني بكل طوائفه من إشكالية وطنية “دولتية” كبيرة. ولكن جماعة الممانعة تحب المسيحيين إلى درجة “بِتكِبّ” طروحاتها كلها عليهم، وعلى سبيل المثال، تعزو هذه الجماعة سبب تعطيل الانتخابات الرئاسية إلى ارتباطها بالتفاهم الماروني – الماروني”، والجدير بالذكر أن المسيحيين تقاطعوا حول اسم جهاد ازعور سابقاً وخاضوا معركة لإيصاله”.
وأضاف: “اللبنانيون عموما والمسيحيون خصوصا لم يملكوا يوماً ترف الوقت انطلاقاً من حجم البلد والمخاطر المحيطة به، إلا أننا نشهد في الأشهر الأخيرة حملة مبرمجة بهدف رمي مسؤولية مشاكل البلد على ابناء هذه الطائفة”.
وتابع: “في السنوات الأربعين الأخيرة، كان قسم من المسيحيين ضائعاً، ما ساهم في ايصالنا إلى ما نحن فيه، غير أن الوضع بدأ بالتحسن بعد الانتخابات الأخيرة عام 2022، فقد ذكرت الدراسات الأجنبية والعربية والمحلية أن الصراع القائم اليوم في لبنان هو بين المسيحيين من جهة والثنائي الشيعي من جهة أخرى، بالإضافة إلى مشاكل عدة يتشارك الجميع بها”.
وأوضح أنّ “لا فراغ سياسيا على الصعيد الماروني، فالمسيحيون، وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، هم “الطرف الآخر” في البلد”.
وأشار جعجع إلى أنّ: “هناك فريق مسيحي شارك في السلطة بشكل جزئي وازن أو كلي منذ أكثر من 15 سنة، أي “التيار الوطني الحر”، وندرك جيداً آراءه ومقارباته وممارساته، و”ما طلع منو شي”، من هنا لا استشرف جدوى من هذه اللقاءات. وأرى أن أمامنا حلاً آخر يكمن في استجماع القوى المسيحية الأخرى، وهي متقاربة اصلاً، كحزب الكتائب والوطنيين الأحرار والمستقلين، والتي تتوافق على رأي موحد فيما يغرد “التيار” في سرب آخر”.
وأضاف: “أنا لست مقتنعاً بلقاء بكركي ونشارك فيه لأن ما من أحد له الحق بالحكم على الأداء من خلال التاريخ، فنقول “ربما في مكان ما…”، إلّا أننا تعلمنا انطلاقاً من تجارب الماضي عدم إعطاء “التيار” “قصقوصة ورق” قبل التزامه بمواقف معلنة. لذا وضعنا في “بكركي” النقاط على الحروف وفسحنا له المجال للتفكير”.
وأردف: “أنا شبه أكيد من أن رئيس “التيار” جبران باسيل يلعب على التناقضات “حتى يعلّي سعرو لدى حزب الله”، وفي حال قبل “الحزب” بالتفاهم مع باسيل على رئيس ما للجمهورية غير رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية فسيجلس معه. لذا من المرجح أن تكون لقاءات بكركي وللأسف “طبخة بحص”، ويبقى الأهم أننا بتنا نعرفه جيداً وندرك تماماً كيفية التعاطي معه”.
وقال جعجع: ” أنا أؤيد نظرية أن باسيل يستخدم بكركي لتعويم نفسه كمرجعية سياسية ويعود ذلك للطلب الفجائي من باسيل، متحججاً بشعارات يطرحونها عند الحاجة بعنوان “حقوق المسيحيين”، مضيفاً: ” “التيار الوطني الحر” لا يملك خطا تاريخيا. أنا لا أتجنى على باسيل، لكن استطاع الجنرال عون في مطلع التسعينيات تدمير المنطقة الحرة الوحيدة في لبنان وأسقط نحو 1000 قتيل تحت شعار “توحيد البندقية”. فحين كان لبنان بأكمله يتضمن “تنظيمات مسلحة”، وُجد تنظيم مسلح واحد سعى إلى الحفاظ على الجيش والدولة، وهو “القوات اللبنانية”، إلّا أنّه في العام 2005، وعندما أصبح هناك دولة قائمة بعد اتفاق الطائف، أجاز التيار وجود سلاح مع حزب الله خارج سلطة الدولة، بحجة عدم جهوزية الدولة. وبالتالي لا مسلّمات لـ”التيار” بل مصالح يتمسك بها تدفعه للتعاون مع من يؤمنها”.
وتابع: “في العام 2016 استأثر هذا “التيار” بالسلطة وبالحقائب المسيحية وكانت النتيجة وقوع المصيبة الأكبر في مرحلة كانت الأسوأ حيث لم ينجز أي شي، باستثناء قانون الانتخابات بعدما كانت “القوات” المحرك الرئيسي فيه إلى جانب رغبة التيار”.
وأردف جعجع قائلاً: “في البداية رشحنا النائب ميشال معوض الذي نال 47 صوتاً لننتقل إلى ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور فحاز على 59 صوت، من هنا خيارنا هو التقدم نحو إنهاء الشغور الرئاسي، فلو نال معوض أصواتاً أكثر لتابعنا معه حتى النهاية”.
ولفت جعجع إلى أنّ “هذه انتخابات رئاسية، وهناك فريق “يستعصي” ليجرنا إلى القبول بمرشحه. ولا بد من التذكير بأن هناك حواراً بشكل يومي، ولا يطرح فيه فريق الممانعة سوى ما هي مطالبنا للسير بفرنجية”.
وفيما يتعلّق طاولة الحوار قال جعجع: “إنّ طاولة الحوار التي يطرحها الرئيس نبيه بري ملهاة لن نقبل بالسير بها، فهدفها “تضييع الشنكاش” ورمي “فريق الممانعة” مسؤولية التعطيل على غيره، فضلا عن رهانه على احتمال نجاحه بـ”سحب كم نائب لجهته””، متابعاً:استغرب عدم اعتماد الآلية الدستورية في انجاز الاستحقاق الرئاسي، فيما يتم التمسك بها عند انتخابات رئاسة المجلس النيابي وتسمية رئيس الحكومة، وأجدد التأكيد على وجوب دعوة بري إلى جلسة بدورات متتالية إلى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد، فاتباع الآلية الدستورية يبقى الأساس”.
وسأل جعجع: ما الأجدى لإقامة حوار من أجله: الانتخابات الرئاسية أم إعلان الحرب في الجنوب، ولا سيما أن بعض النواب حاول في إحدى الجلسات إثارة الوضع في الجنوب ولكن الرئيس بري واجهه بالرفض”.
وفي موضوع حرب الجنوب قال جعجع: “حرب الجنوب كلفت زهاء 350 قتيلاً لبنانياً حتى الآن ومليار دولار خسائر مباشرة وملياراً آخر خسائر غير مباشرة، فمن يتحمل المسؤولية؟ الدولة تعوّض حين تكون صاحبة قرار الدخول في الحرب، وليس “لما مين ما كان بياخذ القرار عنها”، مضيفاً: المسيحيون يشعرون بأنهم خارج دائرة القرار لأن قسماً كبيراً منهم ساهم منذ العام 2006 إلى الأمس في هذا المنحى. اين كان “التيار” آنذاك؟ فهو “ضربة على الحافر وضربة على المسمار”، ليس من منطلق مبدئي من الحرب في الجنوب بقدر انتظاره المكاسب من “حزب الله”.
وأضاف: “لن نقف مكتوفي الأيدي في حال اتفاق باسيل مع حزب الله واعادة تموضعه ومن ثم انتخاب رئيس للجمهورية، وسنقابلهم بتصرف آخر. وفي اسوأ الأحوال سنلعب دور المعارضة الشرسة وسيزداد عدد المنضوين فيها، بعدما وصل الوضع في البلد إلى حد لا مجال فيه “لأرباع الحلول” من هنا، والتمييع والتكاذب من هناك”.
وأوضح جعجع أنّ ” نية “سفراء الخماسية” جدية، ولكن لا قدرة لديهم على إحداث خرق، هم يأتون من دول عريقة، ويدركون تماماً آلية الانتخابات الديمقراطية، وأن نجاحها يتطلب عقد جلسة بدورات متتالية لا بطاولات حوار”، هم لم يتبنّوا مطالب ورؤية الفريق الآخر ولكنهم حاولوا لعب دور الوسيط، من هنا فضلت وضع حدود للعبة”.
وفي الملف الرئاسي، أشار جعجع إلى أنّه “في جلسة 13 حزيران 2023، كان الخيار بين فرنجية وازعور، صاحب “بروفيل” المرشح الثالث بامتياز والخبير الاقتصادي، إلا أن النواب الـ25 الذين نتحدث عنهم فضلوا “الوقوف على جنب”، بدلا من ممارسة دورهم الدستوري واختيار من يرونه مناسبا، ولو لم يكن مرشحنا، على خلفية ان النهج الذي يعتمدونه يمدد الفراغ الرئاسي”، مضيفاً: “أرفض الدخول في أسماء مرشحين آخرين ولا مانع لدينا من مناقشة اسم مرشح ثالث، اذا كان هو الحل، شرط أن يتمتع بمواصفات أزعور، ولا سيما اننا وأزعور لسنا متمسكين بأشخاص”.
وتابع جعجع “لا معلومات لدي عما يحكى في الكواليس عن العودة إلى طرح اسمين من دائرة الاربعة الأقوياء، اي جبران باسيل، سليمان فرنجية، سامي الجميل وسمير جعجع، نظراً لدقة المرحلة، وفي حال طرح ذلك، ولو أنه قليلاً ما يحصل، فعندها من الواجب اعتماد إحدى معادلات “التيار”: “الأقوى في طائفته هو الذي يمثلها”، ونحنا هدفنا الوصول إلى حل وليس عرقلة الأمور”.
وعن الواقع في لبنان وسيناريو الحرب المفتوحة قال جعجع: “لا اعرف إن كانت إسرائيل مقبلة على حرب مفتوحة أو انه مجرد ضغط على “حزب الله”، و”هيدي قصة تبصير وما بدي بصّر هون”. وهنا أسأل، من اتخذ القرار بالدخول في الحرب؟ الجواب بسيط: “حزب الله”. ولكن، هل له الحق في زج الشعب اللبناني في الحرب لمجرد “السلبطة”، خصوصاً أن ثلثي الشعب اللبناني على الأقل لا يريد الحرب؟ “الحزب” يتصرف وكأنها ارض سائبة، ما ساهم بـ”انو يفرّخ” حواشي من مجموعات مسلحة تابعة له. فماذا بقي من الدولة في لبنان؟”، وتابع : “لا يمكن لمجتمع أن يعيش من دون دولة، إلّا أن هذه الدولة لم تعد مناسبة، لذا نحن نؤيد البحث وبقية الفرقاء في تركيبة جديدة للدولة كون السلطة كما هي اليوم ليست “شغالة” وتحتاج إلى إعادة بحث”.
وأضاف: “الرغبة في حل الميليشيات كانت السبب الرئيسي لحل حزب “القوات” فرضخنا والاشتراكي والتنظيمات المسلحة الصغيرة الأخرى لهذا القرار، في حين سُمح ببقاء حزب الله بذريعة أنه “مقاومة”. ولهذا السبب حُلَّ حزب “القوات” وبدأ الخلاف الرئيسي، فضلاً عن أن وجود الدويلة يعود ايضاً إلى مواقف بعض السياسيين في لبنان. انطلاقاً من هنا، يجب التوصل إلى تركيبة ينسجم معها هؤلاء السياسيون”.
وقال: “سبب التفاوض في ملف الجنوب مع حزب الله إلى “انه هو “من يقوّص” وليس البطريرك الراعي أو أنا على سبيل المثال. المفاوضات تتم مع الحزب على مسألة وقف إطلاق النار فقط وليس على الاستراتيجيات الكبرى ومستقبل لبنان، والمفاوضون والمندوبون الأجانب عمدوا على توضيح ذلك منذ البداية”.
وسأل جعجع: “كيف سيمنح المفاوض الأجنبي “حزب الله” مكاسب سياسية؟ أمِن “جيبة غيرن”؟ يجب ألّا نخاف، باعتبار أن القوى المحلية هي من تحدد مسار الأمور، واذا كان فعلاً “الحزب” باستطاعته فرض الأمر الواقع لكان اتى بسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية”.
مواضيع ذات صلة :
حمادة ينسّق زيارة جنبلاط إلى معراب | جعجع: الاستقلال آتٍ وإن تأخر | جعجع: برّي يفاوض عن “الحزب”.. والدولة استردّت 3 بُقع من بينها المطار |