“التوقيت الصيفي”.. لماذا نقوم بتقديم الساعة؟
كعادته في كل عام، ذكّر مجلس الوزراء اللبنانيين بتقديم التوقيت المحلي ساعة واحدة خلال فصل الصيف اعتبارا من منتصف ليل آخر سبت- أحد من شهر آذار ولغاية منتصف ليل آخر سبت- أحد من شهر تشرين الأول، وذلك بموجب قرار رسمي.
هذه العادة التي تتكرر كل عام تطرح أسئلة، حول جدوى هذه الخطوة ومن اخترعها!
بداية، لا بدّ من التو ضيح أنّ التوقيت الشتوي هو التوقيت الطبيعي للكرة الأرضية، أما التوقيت الصيفي فهو من صنع الإنسان.
وطرحت هذه الفكرة في القرن الثامن عشر، بهدف توفير الطاقة إلى أقصى درجة ممكنة، وذلك باستغلال ساعات النهار وضوء الشمس، حيث ذكرت لأول مرة من قبل بنيامين فرانكلين في عام 1784، ولكنها لم تطبق في ذلك الوقت، ليأتي بعد ذلك اقتراح العالم جورج فيرمون عام 1895م بتغيير الساعة كي يحظى بساعات أكثر من النهار ليتمكن من جمع عينات الحشرات.
أما أوّل من حثّ على العمل بها فكان الإنكليزي وليام ويلت في كتيب صغير دعاه (هدر ضوء النهار) ونشر في عام 1907.
وفي العام 1908 وصل هذا المقترح إلى مجلس النواب، لكن لم يُعتمد كقانون وظلت المحاولات لكن لم يتم العمل بهذا الاقتراح إلا عندما قامت الحرب العالمية الأولي، فأعلنت ألمانيا تبنيها للفكرة عام 1916م ثم تبعتها بريطانيا وعدد كبير من الدول ثم بدأت القوانين والتشريعات في الظهور لإتباع التوقيت الصيفي.
وآنذاك تم تبني هذا النظام بهدف توفير الوقود اللازم لإنتاج الطاقة الكهربائية، لكن منذ استخدامه في بدايات القرن التاسع عشر وحتى الآن تغيرت أنظمة الطاقة بشكل كبير، بالتالي أصبح تأثير التوقيت الصيفي غير واضح، فهناك دراسات وجدت أنه بالفعل يُقلل استهلاك الطاقة في المساء، لكنه يزيد الاستهلاك الصباحي بشكل أكبر من المعتاد لدرجة يرتفع معها الاستهلاك الكلي، والسبب في تضارب الدراسات هنا أن استهلاك الطاقة لا يتأثر بساعات النهار فقط، بل التضاريس والمناخ وغيرها من المتغيرات، لذلك يصعب دراسة متغير واحد وتأثيره بشكل دقيق.
إلى ذلك لوحظ أن استخدام التوقيت الصيفي يزيد بشدة من عائدات بعض القطاعات خاصة الرياضية والترفيهية، وذلك لأنه يسمح بمزيد من الوقت المسائي، الذي يُستغل عادة في التسوق والتنزه وممارسة الرياضة، لكنه على النقيض يحد من عائدات القطاعات الزراعية لأنه يؤثر على أوقات الحصاد.
كذلك حاولت العديد من الإحصائيات دراسة تأثير التوقيت الصيفي على سلوكيات الأشخاص ونسبة الحوادث والجرائم، فوُجد انخفاض طفيف في حوادث السير خاصة المتعلقة بالمشاة، كما انخفضت نسبة الجرائم في العديد من المدن، لكن يصعب الجزم أنه السبب الرئيسي لذلك، بسبب تجاهل المؤثرات الأخرى.
من هي الدول التي تطبّق التوقيت الصيفي؟
لا تطبق جميع دول العالم التوقيت الصيفي، على الرغم من أن أكثر من 140 دولة قد طبقته في وقت ما، وحاليا أقل من 40% من بلدان العالم هي التي تطبقه.
حتى في الولايات المتحدة -التي كانت ثاني دولة تطبق هذا النظام- اختارت بعض الولايات عدم تطبيقه مثل هاواي، معظم أريزونا، بورتوريكو، جزر فيرجن، ورغم ذلك اقترحت 19 ولاية تشريعات أو قرارات لتبني التوقيت الصيفي الدائم، لكن هذه القوانين لن تدخل حيز التنفيذ إلا إذا أقرها الكونغرس.
لكن معظم أميركا الشمالية وأوروبا ونيوزيلندا وأجزاء من أستراليا تقوم بتغيير الساعة كل عام، وفي حين لا تقوم غالبية دول آسيا والقارة الأفريقية باعتماد التوقيت الصيفي، إلا أن مصر والمغرب درجتا على تغيير الساعة سنويا، كما تنقسم دول أميركا الجنوبية حول هذه المسألة، وفقا لمعلومات موقع الإحصائيات وأرقام السوق “ستاتيكا” (Statista).
ومع ذلك، فإن مشاركة أوروبا قد تتغير، إذ صوتت دول الاتحاد الأوروبي عام 2019 على إنهاء العمل بالتوقيت الصيفي بشكل إلزامي، لكن لم يتم الفصل في الأمر لانشغال دول الاتحاد بملفات أهم.
مواضيع ذات صلة :
لائحة أسعار جديدة للسجائر والمعسّل |