مصداقية “التربية” على المحك.. هل تُعدّل روزنامة شهادة “البريفيه” مجددًا؟!
تترقّب الأوساط التربويّة اليوم الاجتماع الذي أعلن عنه الوزير عباس الحلبي، ومن المقرر أن يُعقد في الوزراة لدرس موضوع المواد الاختيارية والامتحان الموحد للبريفيه، بالإضافة إلى وضع طلاب الجنوب، وما إن كانت ستُنتج قرارًا بالتراجع عن روزنامة الامتحانات الرسمية المعلنة قبل أيام، وذلك بعد أن رُفعت أمس إلى الحلبي توصيات مديري المدارس والثانويات والمعاهد الرسمية والخاصة في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون.
في هذا الإطار، شدّدت التوصيات على “عدم سلخ الجنوب تربويًا عن بقية المناطق وإجراء امتحانات استثنائية موحّدة، انطلاقًا من الروزنامة الجنوبية، والإبقاء على المواد الاختيارية التي كانت عليه في العام الماضي، وإلغاء الامتحانات الموحّدة الخاصة بشهادة البريفيه لعدم جدواها تربويًا، وتقليص إضافي للمنهج، ومراعاة المسابقات الجوانب النفسية والاجتماعية للطلاب”.
وفي حديث له اليوم لـ “إذاعة لبنان”، أكد وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي أنّ “الجنوب في قلب لبنان ولا نستطيع إطلاقًا أن نفكر لا بامتحان ولا بأي قضية تربوية أو وطنية أخرى بمعزل عما يجري هناك”.
وبالنسبة إلى مطالبة التلامذة بالمواد الاختيارية في مقابل مطالبة الأساتذة بإقامة الامتحانات كالمعتاد، أشار الحلبي إلى أنّ “روابط ونقابات المعلمين في التعليم الخاص والرسمي، يعتبرون أن السنة الدراسية كانت طبيعية وبالتالي لا داعي للمواد الاختيارية، في حين أن الطلاب اعتادوا في السنوات الأخيرة على وجود مثل تلك المواد، وهم وجدوا صعوبة في غيابها هذه السنة”.
وأكد أنه “ما من داع للمواد الاختيارية في الامتحانات طالما أن السنة الدراسية كانت عادية”، موضحًا أن “خيار المواد الاختيارية اتخذ في الأعوام السابقة لأنها لم تكن أعوامًا دراسية طبيعية، لكن هذه السنة كل شيء كان طبيعيًا في التعليمين الرسمي والخاص والجامعة اللبنانية وسائر مؤسسات التعليم”.
وأشار إلى أنّ “صرخة الطلاب مسموعة في وزارة التربية ولا يمكن إهمالها، وخصوصًا وأنها تترافق مع الكثير من المناشدات التي تصله”، واعدًا الطلاب بأنه سيضع الأمر قيد التداول مجددًا مع أركان العائلة التربوية لبحث ما يمكن فعله في هذا الصدد.
وفي ما يتعلق بالامتحان الموحد لشهادة “البريفيه”، أشار الحلبي إلى أنّ “قرارات إجرائية ستصدر لتفسير معنى الامتحان الموحد للناس، ولتعرف إدارات المدارس كيفية إجرائه، وهي قرارات أعدت وستصدر تباعًا في وقت قريب، ربما اليوم في حال جهوزيتها”.
محفوض: نرفض أي تعديل على برنامج الامتحانات الرسمية
بالمقابل، أشار نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمه محفوض في بيان اليوم، إلى أننا “تفاجأنا كنقابة للمعلمين بالاجتماع الذي دعا إليه وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي للبحث في المواد الاختيارية وتقليص البرنامج وتغيير المواعيد في الامتحانات الرسمية لهذا العام، وخصوصًا بعد الاجتماعات التي عقدت في الفترة الأخيرة في الوزارة وفي المركز التربوي وتداول فيها خبراء تربويون وأساتذة المواد بهذا الموضوع وخلصوا إلى وجوب إجراء امتحانات عادية تحافظ على مستوى الشهادة الرسمية التي تخوّل الطالب الدخول إلى الجامعة”.
محفوض شدد على أنّ “نقابة المعلمين ترفض إجراء أي تعديل على برنامج المواد في الامتحانات الرسمية كما ترفض اعتماد المواد الاختيارية للطلاب أو إجراء أي تغيير في مواعيد الامتحانات، وتتخوّف من أن يكون القرار قد اتّخذ في هذا المنحى تحت جنح الظلام، ولأسباب نجهلها، وتحذّر من مغبّة مثل هذه القرارات التي قد تصدر في اللحظة الأخيرة، وتصرّ على إجراء امتحانات رسمية كالمعتاد، وذلك احترامًا لوزارة التربية أولًا وللمعلم ثانيًا وللطالب الذي درس واجتهد طيلة العام الدراسي للحصول على شهادة بمستوى متقدّم. ونؤكّد أن المدارس الرسمية والخاصة قد تمكّنت هذا العام من إنجاز البرامج بأكملها وليس هناك ما يبرّر اللجوء إلى تخفيف قيمة هذه الامتحانات، بعدما أصرّ المعلّمون رغم رواتبهم التي فقدت قيمتها على إتمام المناهج والبرامج كالمعتاد”.
إلّا أنّ محفوض أكد وجوب مراعاة الظروف الأمنية في الجنوب في ظل القصف الإسرائيلي المتواصل، وتخصيص الطلاب هناك “بامتحانات تراعي ظروفهم لجهة تقليص البرامج واعتماد المواد الاختيارية بهم على نوع خاص، أما اللجوء إلى تطبيق الخاص على العام فهذا ما لا يفهمه عقل ولا منطق ولا يرضى به أي تربوي. ونتمنى على وزير التربية الالتزام بما اتُفق عليه حرصًا على مصداقية وزارة التربية والمركز التربوي للبحوث والإنماء”.
مصداقية التربية أصبحت على المحك!
بدوره، أشار الأمين العام للمدارس الكاثوليكية في لبنان الأب يوسف نصر، اليوم، إلى أنّ “الحديث اليوم يجري عن اجتماعات في وزارة التربية مع “الأسرة التربوية” لإجراء تعديلات على الامتحانات الرسمية المقررة نتيجة ضغوط سياسية، نكرر موقفنا من ضرورة إجراء امتحانات جدية ورصينة وعادلة تعبر عن المستوى التربوي الذي نطمح إلى تحقيقه في بلدنا لأننا أتممنا عامًا دراسيًا عاديًا رغم كل الظروف القاسية التي نمر بها، ويشهد لكل مدارسنا الرسمية والخاصة بذلك”.
أمّا بالنسبة إلى الأوضاع في الجنوب والظروف الأمنية والنفسية والمعيشية التي يعيشها التلامذة، اعتبر نصر أنّ “المنطقي أن يكون لهم امتحانات خاصة وعادلة كما جرى في السابق وفق معايير ملائمة. فلا يجوز إخضاع كلّ الامتحانات الرسمية لوضع خاص في المدارس المقفلة في الجنوب، كما لا نقبل أن يعامل تلاميذ المدارس المقفلة في الجنوب كسائر التلامذة في لبنان”.
نصر لفت إلى أنّ “مصداقية التربية أصبحت على المحك، ولم يعد تلامذتنا “يقبضون” بشكل جدي القرارت التي تصدر عن الوزارة، ولا عن إدارة مدارسهم إذ يراهنون على تغييرات اللحظة الأخيرة. لذلك، تقتضي الشراكة في العمل التربوي أن يتم التشاور مع كلّ المكونات التربوية من دون استثناء أحد وأن نحتكم في اتخاذ القرارت على معايير منطقية وعادلة خدمة للمصلحة العامة”.
الأساتذة المتعاقدون: لن نشارك بأعمال المراقبة والتصحيح
تأتي هذه التطورات، على وقع إعلان حراك الأساتذة المتعاقدين، في بيان أمس، أن “تطورات كثيرة دفعت الحراك إلى اتخاذ مواقف حاسمة ووطنية تجاه الامتحانات الرسمية وحقوق الطلاب والمتعاقدين”.
إذ أشار منسق الحراك حمزة منصور، إلى أنه “في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الجنوب ويتأثر بها كل لبنان، وتحديدًا العملية التعليمية التربوية، أصبح لزامًا على وزارة التربية اعتماد المواد الاختيارية وتقليص المناهج لجميع طلاب لبنان في ما يتعلق بامتحانات الشهادة الثانوية العامة”.
ودعا منصور إلى “إلغاء الامتحان الوطني للشهادة المتوسطة والاكتفاء بالاختبار المدرسي مدمجًا بالاختبارات الفصلية”، وقال: “طلبنا من وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، ومن أجل امتحانات رسمية سليمة، أن تدفع وزارة التربية، بالتنسيق مع اليونيسف، المستحقات المالية المتوجبة عن الدورة الثانية للامتحانات الرسمية عن العام الماضي من مراقبة وتصحيح وأعمال إدارية، إضافة إلى تعهد الوزارة من خلال قرار رسمي بإعطاء المعلمين حوافز مضاعفة عن العام الماضي، تغطي أعمال المراقبة والتصحيح والأعمال الإدارية للامتحانات المقبلة. كما أبلغنا وزير التربية أن عدم دفع حوافز تشجيعية للمعلمين لن يدفع بأي معلم إلى المشاركة في تلك الامتحانات”.
تابع: “طلبنا من وزير التربية أيضًا اتخاذ قرارات سريعة مرادفة لقرارات المواد الاختيارية تقوم على دفع كامل مستحقات المتعاقدين النازحين من القرى الحدودية”.