“الجنوب” في مرمى النيران.. فهل تنقذه الورقة الفرنسية؟
لا تزال الأوضاع جنوباً متوترة، والتصعيد مستمرّ مع تخوّف من انفجار الجبهة، في السياق نفّذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات مستهدفةً بلدات جنوبية ومنها طير حرفا ومارون الراس وصربين. وشنّ “الحزب” بالتوازي عملية عنيفة استهدفت مستوطنة ميرون ردّاً على القصف الذي طاول بلدات القوزح، مركبا وصربين.
وكان الطيران الحربي الإسرائيلي قد شنّ فجراً سلسلة غارات عنيفة في القطاعين الغربي والأوسط، تركّزت على بلدتي طير حرفا ومارون الراس.
وأفادت المعلومات عن إصابة مسعف بجروح طفيفة في طير حرفا.
كما أسفرت الغارات عن تدمير بعض المنازل غير المأهولة، وتردّدت أصوات انفجار الصواريخ إلى خارج المنطقة الحدودية.
وردّاً على الغارات الإسرائيلية التي طاولت القرى الجنوبية والمنازل المدنية وخصوصاً بلدات القوزح ومركبا وصربين، أعلن “الحزب” قصف مستوطنة ميرون والمستوطنات المحيطة بها بعشرات صواريخ الكاتيوشا.
ومساء أمس السبت، أصيب 14 شخصاً كانوا متواجدين في محيط مكان المنزل المستهدف بالغارة الجوية الإسرائيلية على بلدة صربين، سوريَّين و12 لبنانياً.
إلى ذلك أعلن “الحزب” عن أنه قصف مستوطنة ميرون في الجليل الأعلى شمال إسرائيل ومستوطنات محيطة بها بعشرات من صواريخ الكاتيوشا.
ونقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن الجيش الإسرائيلي قوله إنه تم إطلاق 26 صاروخا على الأقل من لبنان سقطت في أراض فضاء.
فيما ذكر الجيش أن الهجوم لم يسفر عن إصابات أو أضرار.
وفي وقت سابق قال الجيش في بيان إن صفارات الإنذار دوت في الجليل الأعلى دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وفي وقت سابق السبت أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض هدف جوي اجتاز الحدود من لبنان إلى منطقة المنارة بشمال إسرائيل، في حين أعلن “الحزب”، عن قصف موقعين عسكريين إسرائيليين بالمنطقة بالطائرات المسيرة والصواريخ.
كما قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه رصد إطلاق العديد من الصواريخ المضادة للدبابات من لبنان باتجاه منطقة المنارة، مشيرا إلى أن قواته ردت بقصف مصادر إطلاق الصواريخ.
بنود الورقة الفرنسية المعدلة لتسوية الوضع في الجنوب
في السياق، كشفت “الديار” عن بنود الورقة الفرنسـية المعدلة لتسوية الوضع في الجنوب، وتشمل:
– وقف الاعمال العسكرية بين حزب الله والجيش الاسرائيلي، انسجاما مع نص القرار 1701.
– عودة آمنة لسكان المناطق الاسرائيلية الشمالية (المستوطنون الاسرائيليون في المستوطنات الشمالية )، وعودة امنة للمواطنين اللبنانيين الى بلداتهم وقراهم الجنوبية.
– انتشار الجيش اللبنان في المناطق الحدودية وعلى الحــدود بعديد يبلغ حوالي 15 الف عسكري جنوب الليطاني، ما يستلزم تعزيزه بحوالي 5 الاف ضابط وجندي بتجهيزات كافية.
– الاتفاق على تثبيت النقاط الحدودية الـ 13 المختلف عليها بين لبنان وإسرائيل، مع العلم ان هناك 7 نقاط منها حسمت لصالح لبنان، وبقيت 6 نقاط يطالب ويؤكد عليها لبنان منها نقطة الـ B1.
وفي شأن تكريس منطقة خالية من الوجود العسكري لحزب الله بعمق 8 كيلومتر عن الحدود الجنوبية، لم يتضح ما اذا تعدل هذا البند في الورقة الفرنسية المعدلة او جرت صياغته بطريقة اخرى، مع العلم ان لبنان يشدد قبل اي شيء على التزام الجيش الاسرائيلي بتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته خصوصاً انه خرقه منذ اللحظة الاولى وبلغ عدد خروقاته قبل المواجهات الاخيرة 35 الف خرق.
كذلك، يركز لبنان على استعادة تلال كفرشوبا والغجر ومزارع شبعا، ووقف الخروقات الجوية والبحرية والبرية الاسرائيلية.
في المقابل، كشفت “النهار” أنّ الورقة كانت قد أثارت لغطاً كبيراً بعدما سلمها سيجورنيه في زيارته الأولى لبيروت إلى المسؤولين اللبنانيين في مطلع شباط الماضي، بعدما وصفها لبنان بغير الرسمية إذ تسلمتها وزارة الخارجية مرفقة بكتاب من السفارة الفرنسية يشير إليها بالمذكرة المستند “non papier” وفيها “اقتراحات للحد من التصعيد وإنهاء أزمة الحدود اللبنانية الإسرائيلية في شكل مستدام، بناءً على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701.
وقد ترجمت الورقة التي أتت تحت عنوان “اقتراح بشأن إجراء ترتيبات أمنية بين لبنان وإسرائيل إلى اللغتين الفرنسية والعربية.
وردت السلطات اللبنانية على الورقة ولكن بشكل مبدئي وعام من دون أن تدخل في تفاصيل البنود الواردة فيها، مكتفية بتأكيد التزامها القرار الدولي الصادر عن مجلس الأمن، مع التشديد على أن لا بحث في هذا الالتزام قبل وقف إطلاق النار في غزة. وبعدما مضى وقت غير قصير على الرد اللبناني وعدم صدور أي متابعة لمصير الاقتراحات الواردة فيها، فيما المواجهات جنوباً تتصاعد وتيرتها في شكل متسارع، عادت الورقة إلى الضوء من طاولة قصر الإليزيه لتقترح باريس إدخال تعديلات عليها أحيطت مضامينها بالسرّية.
وكشف مرجع لبناني مسؤول لـ “الأنباء الكويتية” عن معطيات مرتبطة بالمحطتين الإسرائيلية واللبنانية، وقال: “أموس هوكشتاين الذي تعمد الإعلان ان زيارته إلى إسرائيل عائلية، أراد عدم تحميل التوقعات من الحراك المرتبط بمسار الأمور في غزة ربطا بلبنان، أي تبعات يتم تفسيرها وفق الأهواء والغايات المحلية. ولو اعلن ان زيارته مرتبطة بتطور ما يرتبط بالجبهة الجنوبية ولم يحصل هذا التطور، فإن الأمور ستذهب إلى مزيد من التعقيد. لذا لم يعلن عن زيارة لبنان، علما انه وفريق عمله استحصلوا قبل مغادرتهم الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات المجاملة من السفارة اللبنانية، وبالتالي فإن تحقيق خرق نوعي من خلال المبادرة المصرية، سيؤدي حكما إلى هدنة ولو غير معلنة على الجبهة اللبنانية. وهذا يحفز هوكشتاين على الانتقال فورا إلى لبنان لبدء البحث في مسار تثبيت الحدود والتطبيق الكامل للقرار 1701”.
وأضاف: “المهمة الأساسية الموكلة أميركيا إلى فرنسا هي بدء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الاتصالات للتحضير لمؤتمر دولي للمانحين مخصص لدعم الجيش اللبناني، حتى يكون الجيش جاهزا في حال بدء سريان الهدوء وتنفيذ القرار الدولي 1701”.
وتابع المرجع: “المطلوب من الجيش نشر ما بين 10 إلى 15 ألف جندي في منطقة جنوبي الليطاني اي منطقة عمل قوات “اليونيفيل”، وبالتالي اذا اختتم سيجورنيه زيارته لبنان بمؤتمر صحافي في قصر الصنوبر مقر السفارة الفرنسية، فإن الإعلان الأساسي سيكون عن مؤتمر دعم الجيش”.
أما الأهم الذي كشفه المرجع فهو “ان هناك نقاشا جديا جدا بعيدا من الأضواء، يتمحور حول مصير الحرب في غزة ربطا بلبنان. وهذا النقاش الغربي – اللبناني يقول انه في حال الدخول في الهدنة، عندها تنطلق الأمور سريعا لتطبيق القرار 1701. أما إذا تعثرت الجهود ونظرا إلى قدرة حزب الله على التراجع، فيمكن بدء الخفض التدريجي للمواجهات على الجبهة الجنوبية وصولا إلى حصرها فقط في مزارع شبعا والتي هي خارج القرار 1701. وبذلك يكون الحزب حافظ على دور الإسناد لغزة وفي الوقت عينه أوقف تبادل النار من منطقة عمل اليونيفيل، بما يتيح عودة النازحين من الجانبين إلى بلداتهم وقراهم (…) وعلينا الانتباه إلى مسألة أساسية، وهي ان الحزب ركز في الاسبوع الاخير عملياته القتالية على مزارع شبعا في مؤشر على تطور ما في هذا الاتجاه”.