الجنوب “أرضٌ محروقة”.. تهافتٌ دوليّ على لبنان و”جوابٌ منتظر” على الورقة الفرنسيّة!
لا تزال الورقة الفرنسيّة محور اتصالات ونقاشات بين باريس وبيروت، لا سيّما في ظلّ إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ “الجواب اللبناني” سيصل إلى فرنسا بين اليوم والغد، في وقت يستمر القصف المتبادل بين إسرائيل و”حزب الله”، وسط تزاحم المساعي الدولية الهادفة إلى منع الانزلاق نحو الحرب الشاملة.
وفي آخر التطورات الميدانية، أغار الطيران الحربي الإسرائيلي قرابة منتصف الليل على بلدتي عيتا الشعب وأطراف الضهيرة، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية بالممتلكات والمزروعات والمنازل المجاورة.
كما أطلقت المدفعية الإسرائيلية بعد منتصف الليل عددًا من القذائف الثقيلة على أطراف بلدات حانين وعيتا الشعب ورامية.
وحتى صباح اليوم، أطلقت القوات الإسرائيلية القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق وحلق الطيران الاستطلاعي فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط وصولًا حتى مشارف مدينة صور، وحلّق الطيران الحربي فجرًا فوق الجنوب.
بالمقابل، أعلن “حزب الله” في بيان، أنّه استهدف عند الساعة 11:25 من مساء يوم الخميس، مقر قيادة الفرقة 91 في ثكنة برانيت بالأسلحة الصاروخية وأصابه إصابة مباشرة.
اتصالات متواصلة مع بري!
إلى ذلك، علمت “الجمهورية” من مصادر نيابية في “الثنائي الشيعي” أنّ اتصالات الفرنسيين والأميركيين متواصلة خصوصًا مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، من أجل حصول ترتيبات حول معالجة موضوع تثبيت الحدود البرية وحَل الخلاف حول نقاط التحفّظ اللبنانية المتبقية عند الخط الأزرق، وهناك حديث عن جدول زمني يتم البحث فيه للتنفيذ، من ضمن ما وصفته الدبلوماسية الفرنسية التوصّل إلى “اتفاق إطار” عام، يمكن البناء عليه بعد توقّف حرب غزة للوصول الى اتفاق نهائي على موضوع الحدود لاحقًا، ومن ضمنه البحث في مصير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
جوابٌ منتظر على الورقة الفرنسية!
في هذا الوقت، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه سيجيب اليوم أو غدًا على الورقة الفرنسية التي تسلمها من سفارة فرنسا لدى لبنان.
وقال بري لصحيفة “الشرق الأوسط” إن الورقة الفرنسية تضمنت نقاطاً مقبولة وأخرى غير مقبولة لا بد من تعديلها، مفضلاً عدم الدخول في التفاصيل كونها متروكة للنقاش وتخضع للأخذ والرد، و”من غير الجائز التداول فيها إعلاميًا قبل الوقوف على رد فعل الجانب الفرنسي ومدى استعداده للتجاوب مع الملاحظات التي سنوردها في ردنا على الورقة بنسختها الثانية التي كُتبت باللغة الإنجليزية بدلاً من الفرنسية، وهذا ما شكّل مفاجأة لنا”.
ولفت بري إلى أن وقف النار في غزة ينسحب تلقائيًا على جنوب لبنان، محذّرًا من تمادي “إسرائيل” في تدميرها الممنهج للبلدات والقرى الأمامية الواقعة على الخط الأول المتاخم للحدود، وقال إنها تمعن في تدميرها أسوةً بما يصيب غزة اليوم، بغية تحويلها إلى أرض محروقة خالية من سكانها.
وكشف بري عن أن تدمير إسرائيل القرى والبلدات الأمامية يتلازم مع استخدامها القنابل الفوسفورية المحرّمة دولياً لتحويل أراضي تلك القرى، ولسنوات عدة، إلى مناطق لا تصلح للزراعة، وأكد أنه يولي اهتمامه بما تُقدم عليه إسرائيل، ويتصدّر لقاءاته بالموفدين الدوليين الذين يتهافتون على زيارة لبنان، في محاولة لإعادة الهدوء إلى الجنوب، مشدداً على وضع حد لتماديها في تحويل المناطق الحدودية إلى أرض محروقة بكل ما للكلمة من معنى.
إلى ذلك، فمع استعداد بري للإجابة على الورقة الفرنسية التي تتقاطع في معظم بنودها مع الورقة الأميركية التي سبق للوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، أن طرحها في تنقلاته المكوكية بين بيروت وتل أبيب، لمنع الأخيرة من توسعة الحرب الدائرة في غزة لتشمل جنوب لبنان، علمت “الشرق الأوسط” أن بري، من موقعه التفاوضي مع وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه، ومن قبله هوكشتاين، وبالإنابة عن حليفه حزب الله، وبتسليم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.. لم ينقطع عن التواصل معهما عبر معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، الذي يعقد لقاءات مفتوحة، وتحديدًا مع قيادة الحزب بشخص المعاون السياسي لأمينه العام حسين خليل، في حضور المعنيين بملف الجنوب، بتكليف من أمين عام “حزب الله” حسن نصر الله.
تأييد غير مشروط من “الحزب” وميقاتي على رسالة بري!
بدوره، أكد مصدر بارز في “الثنائي الشيعي” أن الرسالة التي يُعدّها الرئيس بري للإجابة على الورقة الفرنسية تحظى بتأييد غير مشروط من “حزب الله” والرئيس نجيب ميقاتي، الذي كان السباق في تسليط الضوء على ما لديه من ملاحظات على الورقة الفرنسية بنسختها الأولى عندما التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقال المصدر لـ”الشرق الأوسط” إن المفاجأة كانت في عدم ترجمة الوعود الفرنسية، رغم أن باريس أبدت تفهمًا لتلك الملاحظات، وهذا ما تبين من خلال نسختها الثانية.
ورأى المصدر أن إجابة الرئيس بري على الورقة الفرنسية تبقى تحت سقف الأخذ والرد، إفساحًا في المجال أمام استعداد باريس للتعاطي بإيجابية مع الملاحظات، لتفادي الإخلال بالتوازن في تطبيق ما ورد فيها لتهدئة الوضع في الجنوب، انطلاقًا من تهيئة الأجواء السياسية والأمنية لتطبيق القرار 1701.