“الرشوة الأوروبية” جريمة موصوفة.. من يتآمر على لبنان؟
أثارت “رشوة” المليار يورو التي منحها الاتحاد الأوروبي للحكومة اللبنانية، لمكافحة تسرب اللاجئين السوريين إلى أوروبا، الجدل بشأن هذا الملف، حيث يعيش لبنان تحت عبء كبير منذ العام 2011.
ودافع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن قبوله “رشوة المليار” مؤكداً أن “هذه مساعدة غير مشروطة للبنان واللبنانيين حصراً وتشمل القطاعات الصحية والتربوية والحماية الاجتماعية والعائلات الأكثر فقراً إضافة إلى مساعدات الجيش والقوى الأمنية من أمن عام وقوى أمن داخلي لضبط الحدود البرية وزيادة العديد والعتاد، وكل ما يقال خلاف ذلك مجرد كلام فارغ واتهامات سياسية غير صحيحة”.
وتلقّى رئيس مجلس النواب نبيه برّي دعوةً من ميقاتي لعقد جلسة نيابية عامة تُناقش موضوع النازحين عبر اتصال بين الطرفين بحثا فيه الأوضاع الراهنة والمستجدات.
وأشارت النائب ستريدا جعجع إلى أنّ “الوجود السوري في لبنان غير شرعي، مؤكدة أن لبنان بلد عبور وليس أبداً بلد لجوء، وأنّه لم يعد بالإمكان تحمّل أي تراخ أو تساهل في حلّ هذا الملف الذي يهدّد لبنان واللبنانيين على الصعد كافة”.
ووصف رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل ما جرى بأنه مسعى لـ”استئجار لبنان على أربع سنوات من الأوروبيين لمصلحة السوريين مقابل 250 مليون يورو سنوياً”.
وفي محاولة لتمرير المسألة بشكل طبيعي، أكَّد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان إيفو فرايسن أنَّه “لا توجد مؤامرة دولية لإبقاء اللاجئين السوريين في لبنان، كما أنَّه لا توجد أجندة خفية في هذا الشأن”.
وكشف ممثل مفوضية اللاجئين، إيفو فرايسن، في مقابلة مع “الشرق الأوسط”، أنَّ المفوضية ستدعو خلال مؤتمر ببروكسل في 27 أيار الحالي، لـ”زيادة الدعم” للنازحين “داخل سوريا، وكذلك في البلدان المجاورة”. وشدَّد على أنَّ الحل لأزمة النازحين هو داخل سوريا، معتبراً أنَّه “إذا أرادت سوريا والمجتمع الدولي عودة مزيد من اللاجئين (إلى بلادهم)، فتجب تهيئة ظروف العودة بشكل أكبر. وهذه مسؤولية تقع على عاتق السلطات السورية”.
جريمة موصوفة
بدروه، رأى النائب غسان سكاف أن ما أعلنته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن تقديم الاتحاد الأوروبي حزمة مالية بقيمة مليار يورو للبنان حتى 2027، “مرفوض بالمطلق”.
وقال في حديث إلى “الأنباء” الكويتية: “لا يمكن شراء سكوت لبنان عن مخاطر النزوح السوري على كيانه، لا بمليار يورو ولا بحزم مالية أكبر مهما تكاثرت اصفارها وأيا يكن مصدرها”.
واعتبر “ان التآمر على لبنان في ملف النزوح السوري، جريمة موصوفة لا يمكن التغاضي عنها، خصوصا ان النزوح اصبح خطرا داهما يهدد وجود الدولة اللبنانية شعبا وتاريخا، ولا بد من معالجته بشكل جذري ونهائي”.
ولفت سكاف “إلى وجود نيات مبيتة خارجية وداخلية تقضي بعدم إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، لأسباب مصلحية متعددة، أهمها ثلاثة:
1 – تمسك الاتحاد الأوروبي ببقاء السوريين في لبنان لمنعهم من التوجه إلى أوروبا.
2 – عدم رغبة النظام السوري بعودة السوريين إلى سوريا بهدف استعمالهم ورقة ضغط رابحة تؤمن مصالحه الاستراتيجية.
3 – ضجيج المنظمات غير الحكومية التي ترفع تجاريا شعار “الإنسانية” للاستفادة من أموال النزوح السوري بما يؤمن لها أرباحا وفيرة واستمرارية”.
ورأى انه على الدولة اللبنانية توجيه انذار إلى الاتحاد الأوروبي، يقضي بتحميله أولا تبعات قراره بإبقاء النازحين السوريين في لبنان، وما يخفي من رغبة عارمة لدى الكثيرين منهم بالهجرة إلى أوروبا. وتحميله ثانيا مسؤولية ما يشكله النزوح السوري على لبنان من مخاطر أمنية واجتماعية واقتصادية وديموغرافية.
وردا على سؤال، أكد سكاف ان زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس إلى بيروت “لم تأت من العدم، انما جاء مدفوعا من الاتحاد الأوروبي، لكون دولته تشكل السد المنيع أمام هجرة النازحين السوريين إلى أوروبا عن طريق الشواطئ الشمالية للبنان”.
واعتبر سكاف “ان الاهتمام القبرصي المفاجئ بلبنان، لم يكن بخلفية الاعجاب والغرام بدولة تحتضر اقتصاديا وماليا، انما بخلفية تكليف قبرص أوروبيا بقطع الطريق أمام النازحين السوريين من ركوب البحر اللبناني باتجاه أوروبا عموما واليونان وإيطاليا خصوصا”.
وبناء على ما تقدم، ختم سكاف معتبرا ان ملف النزوح السوري “خطير ومتشعب، وبحاجة إلى دراسة معمقة بعيدا عن كل اشكال العنصرية والكراهية، والى قرارات حكومية استراتيجية حاسمة، قوامها إعادة النازحين السوريين إلى سوريا، لا الاستفادة المادية من وجودهم في لبنان”.
مواضيع ذات صلة :
الاتحاد الأوروبيّ ينظم رحلة جوية إنسانية جديدة للبنان | سفيرة الاتحاد الأوروبي: لوقف فوري لإطلاق النار | بوريل: الوضع الإنساني في لبنان يتدهور بسرعة |