لهذه الأسباب ملف الرئاسة لم ينضج بعد!
على الرغم من الإيجابيات التي سادت بها الأيام الأخيرة حول مصير الاستحقاق الرئاسي، رأت جهات سياسية وديبلوماسية أن “ليس هناك انتخابات رئاسية، فهذا الملف لم ينضج بعد، خصوصًا أن “حزب الله” لا يزال يقول: إما تنتخبون مرشحي، أو يربط موقفه الرئاسي بموضوع غزة والجنوب ويكون “مش فاضي” أن يدخل في بحث ونقاش وجدل خارج الحرب.”
وأشارت المصادر نفسها لصحيفة “نداء الوطن” إلى أن “الانتخابات تتطلب ظرفًا، فيما هذا الظرف غير متوافر بالنسبة إلى “الثنائي الشيعي” بعد، لذلك يستمر في تشغيل أسطوانة الحوار نفسها. ولو أن هناك استعدادًا لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكان تم ذلك بسهولة من دون حوار أو عراقيل، تمامًا كما جرى إنضاج التوصية النيابية في ملف النازحين من خلال نقاشات وتشاورات بعيدة من الإعلام، وقبلها التمديد العسكري. وهذا ما يدل على أن المسألة غير ناضجة بعد.”
التأخير يهدد بالتقسيم
في مقابل ذلك، أفادت معلومات خاصة بصحيفة “الأنباء الكويتية” بأن العد العكسي لانتخاب رئيس للجمهورية بدأ على نار حامية، بناء على المعطيات الإقليمية والدولية وبيان اللجنة الخماسية الأخير، الذي أعطى الإشارة إلى المسارعة في الانتخاب، “لأن التأخير يهدد بتقسيم لبنان إلى كانتونات طائفية أو إلى فيديرالية، بالإضافة إلى تعريضه اتفاق الطائف إلى اهتزاز تتحمله الأطراف السياسية المعنية بالاستحقاق الرئاسي”.
وفي السياق، قال مصدر نيابي بارز لـ”الأنباء الكويتية”: “اننا أمام اتصالات حاسمة خلال الايام المقبلة قد تحدد المسار الذي ستذهب إليه الأمور لجهة الاستحقاق الرئاسي، وان كانت هناك بعض الإشارات بأن الأمور تسير بالمنحى الإيجابي، الذي يمكن ان يؤسس لإحداث خرق يمكن ان يبنى عليه لإيجاد قواسم مشتركة تؤدي إلى وصوله إلى خواتيمه السعيدة”.
ولفت إلى “أنه لا خيار بين أمرين، إما الاتفاق على انتخاب رئيس والمسارعة إلى التوافق الشهر المقبل في حزيران، أي قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وإما ان يرحل الملف الرئاسي – بسبب التأخير – إلى ما بعد انتخاب رئيس للولايات المتحدة الأميركية، وعندها لا أحد يضمن ما سيحصل على الساحة اللبنانية من تطورات على الأصعدة كافة، خصوصا لجهة حصول عملية عسكرية إسرائيلية واسعة على لبنان قد تشبه الاجتياح الذي نفذته إسرائيل عام 1982”.
وأضاف المصدر: “في المعلومات أن بعض الشخصيات السياسية تحاول تمرير تسريبات وطروحات وأفكار إلى القوى المعنية بانتخاب رئيس، بأن تكون رئاسة الجمهورية لفريق سياسي وحلفائه، بالتزامن مع أن يكون لفريق سياسي آخر وحلفائه رئاسة مجلس الوزراء على قاعدة لا غالب ولا مغلوب. وهذه الصيغة هي قيد التداول لإنضاجها وتسويقها محليا وخارجيا، وهذا يعني أن هناك توجها لإدارة الأزمة في لبنان، بعيدا من تقديم حل نهائي لأزمة الحكم فيه”.
لودريان في بيروت قريبًا
إلى ذلك، علمت صحيفة “الجمهورية” من مصادر سياسية بارزة، انّ محاولات فرنسية تجري حالياً لترتيب زيارة عاجلة للموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان لتحريك المياه الراكدة وإعطاء دفع لمهمّة المجموعة الخماسية التي بدأت تترنح.
وقالت هذه المصادر، إنّ “تحرّك المجموعة الخماسية على مستوى السفراء الخمسة تمّ تعليقه حالياً، ولن نشهد في الفترة المقبلة اجتماعات لجميع الأعضاء لا بين بعضهم البعض ولا مع كتل أو شخصيات، لأنّ بيانهم الختامي الذي صدر عنهم كان بمثابة خلاصة لعملهم الجماعي، أما ما يحصل حالياً فهو اجتماعات فردية، بمبادرة من البعض منهم بالتنسيق والتفاهم مع أعضاء المجموعة الخمسة، حتى لا يبرز الصدام في ما بينهم اكثر.
وعُلِم في هذا الإطار، أن الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان سيصل بيروت الثلاثاء المقبل في ٢٨ أيّار الحالي، بحسب صحيفة “اللواء”، ليعرض نتائج جولاته السابقة، ويعرض مع سفراء الخماسية ما تم التوصل إليه في لقاءاتهم مع رؤساء الأحزاب والكتل النيابية، كما أنه سيجري مشاورات مع كبار المسؤولين، في مقدمتهم الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي، إلى جانب الإجتماعات التي سيعقدها مع القيادات السياسية.
ويبدو أن زيارة الموفد الفرنسي مُنسّقة مع الجانب الاميركي، حيث زار لودريان واشنطن وإلتقى الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين، واحتل الملف الرئاسي مركز الصدارة في الإجتماع.
إنقاذ جهود “الخماسية”
واعتبر مصدر ديبلوماسي أن مجيء لودريان في هذا الوقت بالذات، سيكون بمثابة الرافعة لإنقاذ جهود سفراء الخماسية، التي إستنفدت كل الطروحات القابلة لصياغة تسوية ما، تعتمد مرتكزات بيان الدوحة القاضية بتشجيع اللبنانيين وحثّهم على إنجاز الإنتخابات الرئاسية في أسرع وقت ممكن، والحرص على أن يكون الرئيس على مسافة واحدة من المحاور السياسية، ويكون على علاقات جيدة ومنفتحة مع كل الأطراف الحزبية، وبعيد عن شِلل الفساد التي أفلست الدولة، ويملك من الكفاءة والخبرة الإقتصادية ما يمكنه من التعاطي الإيجابي مع البرنامج الحكومي الإنقاذي، ولا يشكل وصوله إلى الرئاسة إستفزازاً لمحور معين، ولا إنتصاراً لمحور آخر.
وتجنب المصدر الديبلوماسي الرد عن سؤال حول ما يعنيه من الكلام عن “إنقاذ جهود الخماسية”، وإكتفى بالإشارة إلى أن سفراء الخماسية عقدوا إجتماعاً أول أمس في منزل السفير المصري علاء موسى، لم يُعلن عنه، ولم يصدر بيان في نهايته، وغاب عنه السفير السعودي وليد البخاري.
مواضيع ذات صلة :
“الخماسية” تعيد “الزخم” إلى ملف الرئاسة ودعوات للتجاوب معها.. فهل اقترب موعد الإنتخابات؟ | بعد سقوط مبادرتها الرئاسية.. “المعارضة” تدرس خيارات “المواجهة” | هل عاد ملف الرئاسة إلى “المربع الأول”؟ |