أهل الجنوب “يستحقون خيرات الدنيا”.. ولكن من “جيبة” من ورّطهم بحرب لا يريدونها!
أمام مشهد التدمير الكلّي للكثير من القرى الحدودية الجنوبية جرّاء القصف الإسرائيلي المستمر منذ أشهر، يقف الجنوبيون “المغلوب على أمرهم” أمام جدل حول الجهة المسؤولة عن التعويض عن خسائرهم الجسيمة جرّاء حربٍ فُرضت عليهم، والتي يشككون في دفعها، رغم الوعود الرسمية وغير الرسمية، كما وفي حال دُفعت فلن تتناسب مع الكلفة الفعلية لخسائر المتضررين.
ولم تُحسَم بعد كلفة الدمار نظراً لاستمرار القصف الذي يُنبىء حجمه بضخامة المبالغ المطلوبة، ولكن حتى نهاية شهر نيسان الماضي قدَّر خبراء الاقتصاد حجم الخسائر المباشرة وغير المباشرة للحرب بحوالي المليار ونصف المليار دولار.
في جلسته الأخيرة، أقر مجلس الوزراء تعويضات بقيمة 93 مليار ليرة للمتضررين في الحرب على الجنوب، دون تحديد آلية التوزيع أو توقيتها، غير أن هذه القيمة المالية لن تغطي الواقع الحقيقي للأضرار.
وقد أثار هذا الأمر الجدل، لا سيما من جهة المعارضة، التي تعتبر أن “حزب الله” هو من ورّط لبنان في حرب الاستنزاف هذه، وبالتالي لا يجب أن يحمّل كل اللبنانيين تبعات الحرب.
وفي هذا السياق، وردًا على قول رئيس مجلس النواب نبيه بري “أن أهل الجنوب يستحقون التعويضات لأنهم يدفعون ثمن مواجهة العدو الإسرائيلي نيابة عن كل لبنان وبالتأكيد من واجب كل لبنان أن يساهم في إعادة الإعمار وتعويض الخسائر”، قال ردّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، عبر “المركزية”: “أهل الجنوب مغلوب على أمرهم ويستحقون كل خيرات الدنيا، فليكن الله بعونهم. لكن غير صحيح أنهم يدفعون نيابة عن كل لبنان، لأن أحدًا لم يسأل كل لبنان، ولا سأل الحكومة أيضًا حينما قرر فريق أن يفتح مواجهة عسكرية ويورط الجنوبيين. أهل الجنوب يدفعون ثمن الحفاظ على موقع إيران الإقليمي، وعليها وحدها أن تدفع لهم التعويضات”.
بدورها، وجّهت عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غادة أيوب من مجلس النواب، أسئلة عدّة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حول مشروعيّة دفع تعويضات من جيوب اللبنانيين، إلى مقاتلين اتخذوا قرار الحرب من دون العودة إلى الدولة اللبنانية.
أيوب قالت في حديث إلى “هنا لبنان”: من منطلق وطني، ونحن كنواب عن الأمة من حقنا السؤال أنّنا عندما ندفع الضرائب والرسوم، هل يحقّ للحكومة اللبنانية التعويض من أموالنا للمقاتلين الذين اتخذوا قرار الحرب خلافًا للدستور والقوانين؟
ولفتت أيوب إلى أنّ “الأحقّ أن نعطي هذه الأموال لمساعدة الجيش اللبناني والقوى الأمنية ورفع رواتب وأجور موظفي القطاع العام بدلًا من التعويض على مقاتلين اتخذوا قرار الحرب بدلًا من الدولة اللبنانية”.
أيوب وفي مؤتمر صحافي من مجلس النواب أضافت: الحكومة اللبنانية لم تُعلن هذه الحرب، فكيف لها أن تقوم بالتعويض عن من قام بالإعلان عنها؟، مشيرة إلى أنّ من قام بإعلان هذه الحرب هم مقاتلون ومسلحون ضربوا بعرض الحائط القوانين والدستور، فكيف للحكومة اللبنانية أن تأخذ قرارًا بالتعويض على هؤلاء المقاتلين؟
كما شددت أيوب على أنّ على الحكومة اللبنانية تبنّي التعويض على المدنيين فقط، وسألت: بأي حق تأخذ الدولة اللبنانية الأموال من جيوب المواطنين للتعويض على المقاتلين الذين أعلنوا الحرب من دون العودة إليها؟ وعلى أي أساس تُدفع التعويضات اليوم ولمن تُدفع؟ وهناك أسئلة مشروعة حول هذا الموضوع.
وفي سياق متّصل، اعتبر رئيس حزب “حركة التغيير” ايلي محفوض في بيان، أن “لبنان الدولة مخطوف من منظمة مسلحة تستأثر وتصادر قرارات الدولة المركزية وتصادرها، ولبنان المؤسسات شبه معطل بسبب الغياب الكلي للمعالجات الفعلية نظرا لهيمنة فريق على كل المقدرات والقرارات، ولبنان العلاقات الخارجية مبتور مشوه بعد تخريب صداقاته مع الدول العربية، ولبنان الذي بات ساحة مستباحة زج به في حرب لا ناقة له بها ولا جمل وباتت سيادته في مهب الريح ولبنان ليس فقط الرئاسة بل كل المؤسسات والرئاسات مخطوفة من فريق يسعى باستمرار لتطويع السلطة المركزية في خدمة مشروعه الغريب عن لبنان”.
مواضيع ذات صلة :
بيان تحذيري لإتحاد المؤسسات التربويّة الخاصة | “التعويض على.. الله” | سلطة “متلازمة ستوكهولم” |