ملف الرئاسة: جدل حول “التشاور” و”الحوار”.. فيما التعطيل “يفوز”!
لا تزال الأزمة الرئاسية في لبنان تُراوح مكانها، في ظلّ فشل أو تعثّر أيّ تحرّك ومبادرة مطروحة في إيصال الرئيس الجديد إلى قصر بعبدا حتى الآن.
وفي ظلّ ما يُحكى عن الطرح أو المبادرة التي ينوي الحزب التقدمي الاشتراكي القيام بها، في إطار البحث عن حلّ للأزمة الرئاسية، وفيما يُنتظر أن يبدأ رئيس الحزب النائب تيمور جنبلاط جولة اللقاءات والمشاورات مع الكتل النيابية، يوم غد الثلاثاء، شدد النائب بلال عبد الله لـ “هنا لبنان”، على أنّه “آن الأوان لإرساء تسوية تؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان”.
وأضاف: “سنلتقي مع جميع الكتل السياسية لنحاول تقريب وجهات النظر، فربما ننجح بإرساء تسوية داخلية.”
كما أكد عبد الله لـ “هنا لبنان”، أنّ الأسماء ليست مهمة، بل المهم هو تثبيت مناخ التسوية داخليًا، مشددًا على أنّه “يجب حث جميع القوى السياسية على إرساء التسوية الداخلية وتحقيق المصلحة الوطنية”.
في الموازاة، برزت أمس الزيارة التي بدأها وفد من حزب “القوات اللبنانية” إلى قطر، والتي تستمر إلى الخميس المقبل، لتمثيل رئيس الحزب سمير جعجع في لقاء كبار المسؤولين القطريين، حيث ضمّ الوفد النائبين بيار بو عاصي وملحم الرياشي، وعضو الهيئة التنفيذية جوزيف جبيلي، حيث تسعى الدوحة إلى إخراج لبنان من مرحلة الشغور الرئاسي، كما تفعل فرنسا ضمن اللجنة الخماسية.
جعجع يردّ على بري
إلى ذلك، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنّ “حديث رئيس مجلس النواب نبيه بري اليوم أسقط عنه القناع، ولا يحلمَنّ أحد ببلوغ لحظة يصبح في لبنان مرشد أعلى”.
وفنّد جعجع عبر “المركزية” مواقف بري والاتهامات التي كالها إليه عبر صحيفة “الجمهورية”، لا سيما تحميله مسؤولية عرقلة الحوار ورئاسة الجمهورية والسعي إلى الفدرلة.
من مقولة بري إن “المكان الطبيعي لأي تشاور هو مجلس النواب وإن المجلس مؤسسة لها رئيس والرئيس أيًا كان اسمه هو المعني بأن يترأس جلسة التشاور بين الكتل”، يبدأ جعجع بالقول: خطأ خطأ وخطأ. بري رئيس مجلس نواب وليس رئيسًا لكل الكتل النيابية لأن الكتل مستقلة، لها تمثيلها الشعبي، وطبيعي أن تتشاور في ما بينها ساعة تريد وحيث تريد، وأذكره على سبيل المثال بزيارات الكتل إلى معراب في أكثر من ملف من كتلة الاعتدال في مبادرتها الرئاسية التي حينما وافقنا عليها نقضها الرئيس بري بعدما أعطى موافقته، إلى كتلة اللقاء الديموقراطي التي تزور معراب أيضًا غدًا للتشاور. إذا مبدأ بري يتعارض مع كل أسس العمل الديموقراطي. الكتل النيابية كيانات قائمة لا يحق لرئيس المجلس التحكم بها.
ويتابع: صحيح أن المجلس النيابي مؤسسة لها رئيس، لكن لا يمكن للرئيس ان يتخطى صلاحياته ويشرّع، هو رئيس بما اعطاه اياه الدستور وليس بمحاولة السيطرة على سائر المؤسسات الدستورية. طبعًا هو رئيس ونتعاطى معه على هذا الأساس انطلاقًا من طبيعتنا الجمهورية، ولو أنه فاز بالكاد بصوت، وأننا أخصام في السياسة. وهنا أسأل، بربكم أي مادة في الدستور اللبناني تنص على أن “قبل كل انتخابات رئاسية يدعو رئيس المجلس الى طاولة حوار تحضرها الكتل للتشاور في انتخابات رئاسة الجمهورية”؟ بري اليوم أسقط عن وجهه القناع. هو يحاول خلق عرف ومواد دستورية غير منصوص عنها . لسنا مع طاولة الحوار برئاسة بري انما مع الاتصالات والمشاورات بين الكتل.
عن قول بري إن جعجع يتحمل مسؤولية تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية وأنه لا يريد الحوار ولا انتخاب رئيس يؤكد “الحكيم” أن تكتل الجمهورية القوية” هو أكثر فريق يجري حوارات على الاطلاق، ومستعد لها كل لحظة، إنما من ضمن الأطر الطبيعية والدستورية لا عبر خلق أعراف من خارج الدستور لزيادة صلاحيات بري، وأكرر: يستحيل ان نصل الى وقت يكون في لبنان مرشد أعلى للجمهورية. ويسأل: اسألوا الرئيس بري الذي يتهمنا بتعطيل انتخاب رئيس، هل من جلسة رئاسية دعا اليها ولم يحضرها نواب “الجمهورية القوية”؟ في المقابل، هل من جلسة لم يخرج منها نواب كتلته مع حلفائهم في محور الممانعة لتعطيل الدورة الثانية التي كانت كفيلة حتما بانتخاب رئيس وأخرها جلسة 15 حزيران الشهيرة؟ واستتباعا، ان كان الرئيس بري والسيد حسن نصرالله يملكان من القوة ما يدّعون فلماذا اذا يعطلون جلسات الانتخاب ويهرول نوابهم الى خارج القاعة فور انتهاء الدورة الاولى؟ ولماذا يتحججون بالحوارات ووجوب ترؤس بري جلساتها ليحولوا دون انتخاب رئيس؟
أما عن تهمة رفضه الحوار للدفع نحو اعتماد الفدرالية التي لم يتخلَ عنها وأنه ما زال يقيم في حالات حتما، فيرد جعجع قائلًا: هذا افتراض من بري لا علاقة له بالواقع. وما دام هو أثار موضوع الفدرالية فليسمع. إن من يقيم تقسيمًا كاملًا وليس فقط فدرالية، هو محور الممانعة وبالدليل القاطع. من لديه جيش رديف وأمن رديف ومؤسسات رديفة ويسيطر على مؤسسات الدولة ،وينشئ معابر خاصة به، ومن يتخذ قرار الحرب بمعزل عن رأي اللبنانيين وحتى عن الحكومة التي يملك الأكثرية فيها هو من يقسّم لبنان. إن كنا نأخذ في الاعتبار الوضع الدقيق في البلاد، فليسمح لنا الرئيس بري، هذا قول لا يصح إلا على محوره الممانع؟