زحمة مبادرات رئاسيّة في لبنان.. هل تنجح في تعبيد الطريق إلى قصر بعبدا؟
تتزاحم المبادرات الرئاسيّة على الساحة المحليّة، بحثًا عن أرضيّة وسطيّة لإنهاء الشغور والتوصل إلى انتخاب رئيس جديد للجمهوريّة، بعد سيل من النصائح العربيّة والدوليّة بضرورة وضع حدّ لهذه الأزمة التي باتت تُهدّد كيان لبنان السياسي بالزوال.
في هذا الإطار، كشفت مصادر رفيعة المستوى لـ”النهار” أن باريس ترى أن ثمة فرصة متاحة الآن للتوصل إلى اتفاق بشأن الانتخاب الرئاسي في لبنان، خصوصًا في ضوء اجتماع المبعوث الرئاسي جان إيف لودريان مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري ورئيس كتلة نواب “حزب الله” محمد رعد، مستدركة بأنّ جواب الإثنين كان بمثابة موافقة مبدئية على إجراء انتخاب مع نوع من التحفظ (oui mais) وبأنّ الجانبين الأميركي والفرنسي سيستمران في دفع المسار حتى يتم الانتخاب.
وأفادت المصادر بأن عودة لودريان إلى لبنان ليست مطروحة حاليًا، ومن المنتظر أن يتم التطرق إلى هذا الملف في باري في إيطاليا على هامش قمة مجموعة السبع من 13 حزيران الحالي إلى 15 منه، إذ من المتوقع حضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وتوقعت المصادر أن يلتقي ماكرون بن سلمان في حال حضوره، وسيثير معه الملف اللبناني، إذ أن فرنسا والولايات المتحدة تعوّلان على اهتمام السعودية بالملف الرئاسي اللبناني.
لكن المصادر لفتت في هذا السياق إلى أن مزيدًا من الضغوط الأميركية والأوروبية على إيران قد يهدد إمكان انتخاب رئيس، أو وقف القصف من الجنوب اللبناني على المواقع والمستوطنات الإسرائيلية، لأنّ إيران تستخدم ورقة حلفائها في إطار مواجهة الضغوط الغربية عليها.
وبعدما كشف المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان أول من أمس عن قيامه بزيارة للفاتيكان خصصت للبحث في الملف اللبناني، علمت “النهار” أنّ لودريان أجرى بعد عودته من بيروت اتصالًا بالفيديو من باريس مع المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين لوضعه في صورة مشاوراته في لبنان، وكان ذلك قبيل القمة الأميركية الفرنسية التي جمعت الرئيسين ماكرون وبايدن.
كما أجرى هوكشتاين اتصالًا بالمسؤولين عن الملف في الرئاسة الفرنسية آن كلير لوجندر المستشارة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا والسفير إيمانويل بون رئيس المستشارين في الإليزيه الذي شارك إلى جانب رئيسه في أعمال القمة مع بايدن. وهدف الاتصالات بهوكشتاين كان وضع الرئيس بايدن قبل القمة الفرنسية – الأميركية في صورة الملف اللبناني بالنسبة إلى الحرب القائمة في الجنوب وبالنسبة للملف الرئاسي.
في السياق أيضًا، أكد مصدر نيابي معارض لـ “الأنباء” الكويتية، أن “الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية على الأراضي اللبنانية معلّق إلى حين استجابة دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لترؤس الحوار بالشكل، على أن يتم التشاور على المضمون ووقت انعقاده تحت قبة المجلس النيابي بمشاركة المعنيين بالانتخاب”.
وقال المصدر: “إذا تعذر عقد جلسة حوارية استشارية في لبنان، فإن إحدى دول اللجنة الخماسية تستضيف الاجتماع الحواري الاستشاري، وعندها تترأس الدولة المضيفة الحوار بداية، ومن ثم تقدم إلى رئيس المجلس النيابي لمتابعة ترؤس الجلسات، وانتظار ما ستؤول إليه النتائج من توجهات نحو الحلول المؤدية إلى انتخاب رئيس للجمهورية. رئيس يشكل قاسمًا مشتركًا بين جميع الفرقاء المتنافرين، وتتم هذه الخطوة بدعم وتأييد دوليين”.
كما أكد المصدر النيابي أن “الدعوة إلى الحوار والتشاور، ينبغي أن تتم تحت سقف الدستور، ولا يمكن إلا أن تأتي عبر رئاسة الجمهورية – وهذه الخطوة متفق عليها ضمنًا – ولكن بما أن سدة الرئاسة الأولى شاغرة، فإن رئاسة مجلس النواب هي الأولى بالدعوة إلى الحوار أو التشاور، لأن النظام اللبناني جمهوري برلماني. وهذا من حيث الشكل لحفظ مكانة الرئاسات الثلاث ودورها. رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء. ويجري حاليًا تسويق هذا المخرج لدى الجهات المعنية داخليًا وخارجيًا، على رغم أن بعض الفرقاء يعارضون هذا التوجه”.
بدوره، أكد عضو كتلة “الاعتدال الوطني” النائب وليد البعريني أن مبادرة الكتلة المذكورة ستنطلق من جديد خلال الأيام القليلة المقبلة، “إنما بحلة جديدة قوامها التعاون والتنسيق مع كلّ من كتلة اللقاء الديموقراطي، وتكتل لبنان القوي، إضافة إلى عدد من النواب الوسطيين، وذلك ليقين الكتلة أن دقة المرحلة وما تشكله من مخاطر محدقة بلبنان واللبنانيين، تستوجب تكاتف الكتل النيابية على اختلاف انتماءاتها السياسية، لشق الطريق إلى انتخابات رئاسية تنهي الوضع الفوضوي المدمر للبلاد”.
ولفت البعريني في حديث إلى “الأنباء” الكويتية، إلى أنّه “كان لا بد لكتلة الاعتدال الوطني، من أن تتعاون مع الحزب التقدمي الاشتراكي كفريق أساسي مؤثر في المعادلة السياسية، لا سيما أنه بادر مؤخرًا إلى التواصل مع الفرقاء اللبنانيين، في محاولة مشكورة منه لإخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الزجاجة، ناهيك عن أن التعاون مع تكتل لبنان القوي يشكل ركيزة أساسية انطلاقًا من كونه كفريق نيابي وازن لا يمكن تجاوزه، فما بالك والتيار الوطني الحر يتجه بحسب ما أكدت قياداته خلال لقاءاتها مع كتلة الاعتدال، إلى التموضع في الوسط، وذلك بعدما أيقن ألا حل في موضوع الرئاسة إلا بتوافق اللبنانيين جميعهم على قبطان وسطي قادر على إخراج السفينة اللبنانية من عمق العاصفة”.
وأكد البعريني أن التحضيرات لإطلاق مبادرة الاعتدال بحلتها الجديدة، تسير على قدم وساق. وتحدث عن لقاءات متواصلة تعقد بعيدًا من الإعلام بين “التقدمي الاشتراكي” و”التيار الوطني الحر” وبعض النواب المستقلين وكتلة “الاعتدال الوطني”، لرسم الخطوط النهائية ووضع اللمسات الأخيرة عليها، ومن ثم انطلاقها في مهمة تذليل العقبات وبالتالي تعبيد الطريق أمام جلسة انتخاب الرئيس.
مواضيع ذات صلة :
العالم لا يثق بوعود لبنان | “الخماسيّة” تُفعّل محرّكاتها الرئاسيّة.. إشارات إيجابيّة والرهان على “الثقة”! | جهود دولية مكثفة لإبقاء ملف انتخاب الرئيس مطروحاً بقوة.. ولودريان في لبنان قريباً |