سجالات حامية وكباش حادّ.. هل عادت الأزمة الرئاسيّة إلى نقطة الصفر؟
نشطت حركة اللقاءات والمشاورات على الخطّ الرئاسي يوم أمس، من خلال جولات “الحزب التقدمي الاشتراكي” أو تلك التي قام بها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، غير أنّ أيّ إشارات أو بوادر إيجابيّة لم تظهر بعد، في ظلّ الإصرار على طروحات غير دستوريّة واستمرار إقفال المجلس النيابيّ وتعطيل النصاب.
في هذا الإطار، أشارت “الأنباء” الكويتية إلى أنّ الطرق كلها في مساعي يوم أمس حول المبادرات الرئاسية، تتجه ناحية مرشح توافقي من “طينة الخيار الثالث”، من دون استبعاد إدراج اسم معيّن ترتاح إليه اللجنة الخماسية بين مرشحي الخيار الثالث من الوسطيين، هو قائد الجيش العماد جوزاف عون، نظرًا إلى اعتبار أن قائد الجيش تاريخيًا يقف في موقع الوسط في الأزمات اللبنانية الكبرى، وإلى كون القائد الحالي نفسه نجح في ضبط حركة النازحين بحرًا، على وجه الخصوص، بالتنسيق مع المجتمع الدولي، إلى إمساك الوضع الأمني الداخلي ومنع انفلاته في مناسبات عدة شكلت أرضًا خصبة للتدهور.
ووسط التحركات المحلية والمبادرات، تحدثت مصادر مطلعة لـ”الأنباء” الكويتية عن “مسعى لجمع القوى التي تتحرك وسطيًا ولم تتموضع مع المعارضة أو الموالاة، بهدف خلق إطار سياسي موحد يشكل ضغطًا على الفريقين لدفعهما نحو تقديم تنازلات، والوصول إلى تفاهم حول انتخاب رئيس الجمهورية”.
من جانبه، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه “لا يرى أيّ مبرر لرفض البعض الحوار أو التشاور، خصوصًا أنّ هذا الرفض يُطيل من عمر الأزمة الرئاسية”.
بري شدد، عبر “الجمهورية”، على أن “التوافق هو المطلوب أولًا وأخيرًا”، موضحًا أن “المبادرة التي أطلقتُها إلى التشاور فيما بين المكونات السياسية، حَدّدتُ سقفها أسبوعًا، ولكن يمكن أن نتّفق في يوم واحد، سواء على رئيس للجمهورية إن أمكَن ذلك، وإن تعذّر ذلك نتّفق على اسمين أو ثلاثة، وننزل إلى مجلس النواب بجلسات متتالية، ودورات متتالية، يعني دورة أولى وثانية وثالثة ورابعة، وهكذا تستمر الجلسات على هذا المنوال حتى نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية”.
في السياق عينه، لفتت صحيفة “النهار” إلى أنّ ما أمكن استخلاصه من معطيات التحركات الأخيرة ووقائعها خصوصًا بعد “انضمام” رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في اليومين الفائتين إلى هذه التحركات يمكن إجماله بأبرز النقاط الآتية:
أولًا: عادت بقوة معادلة التشدد في “الكباش” الحاد بين قوى المعارضة و”الثنائي الشيعي” حول موضوع “التشاور أو الحوار”، إذ شكل تشبّث رئيس بري بشرطه ترؤس أي جلسة تشاور علنًا وإعلاميًا رسالة تصعيدية سرعان ما أدت إلى نتيجة سلبية لم تقتصر على “القوات اللبنانية” التي تشكل رأس الحربة المعارضة لأي تشاور أو تحاور برئاسة بري يكتسب إطار إقامة عرف مخالف للدستور، بل بدا أن قوى المعارضة مجتمعة أبلغت مساء أمس جبران باسيل أنها لا تقبل بتشاور أو حوار برئاسة بري لأنه يضفي طابع التسليم بشرط غير دستوري. ويشكل ذلك تطورًا جديدًا لجهة سقوط محاولات “تلاعب” القوى “الممانعة” على التمايز في سقف الموقف بين “القوات اللبنانية” وقوى المعارضة الأخرى، الأمر الذي يعيد هذه المسألة إلى النقطة الصفر.
ثانيًا: أحيت السجالات التي نشأت بين كل من رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية والنائب باسيل الانطباعات السائدة بقوة حيال شبه استحالة أي توافق حول آلية توافقية يسعى باسيل نفسه، كما أصحاب الوساطات الأخرى مثل الحزب التقدمي الاشتراكي إليها، إذ سرعان ما تحوّل هذا السجال إلى حملة نارية شنّها باسيل ردًا على خصميه اللدودين، فرنجية ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع معًا، ووصفهما بأنهما يتساويان بسوء الحسابات.
ثالثًا: ترسم التحركات الداخلية هذه جملة تساؤلات عما إذا كان دافعها ملء الوقت الضائع في انتظار معرفة مصير الوساطة الفرنسية كما الوساطة القطرية، فيما سيبرز تركيز الأنظار قريبًا على زيارة سيقوم بها أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين للبنان وتبدأ في 23 من الشهر الحالي وما يمكن أن تحمله، علمًا أن بارولين التقى قبل أيام في الفاتيكان المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان خصيصًا لهذه الغاية، عشية زيارته للبنان.