لبنان أمام موجة حرّ جديدة.. وعلماء يشبهون ما يحدث لنا بـ”الفرن”
لا يزال الطقس “الحار” هو المسيطر على لبنان، فيما يلحظ المواطنون أنّ درجات الحرارة باتت تفوق معدلاتها الموسمية، إلى ذلك يربط أهل الاختصاص هذه الموجات بالتغيّر المناخي.
وفي جديد طقس لبننا، أفاد الأب ايلي خنيصر المتخصص بالأحوال الجوية وعلم المُناخ ان لبنان سيشهد موجة حارّة بعد 15 تموز الحالي، وبخاصة بين 18 و 21 منه بحيث ستلامس درجات الحرارة في بعض المناطق اللبنانية الـ38 درجة، في حين في الساحل ستتراوح الحرارة بين 32 و 35 درجة بخاصة في شمال لبنان، مع رطوبة ستلامس 90%.
ولفت خنيصر إلى ان كل موجة تتخطى فيها درجات الحرارة الـ 34-35 درجة تُسمّى بـ “حارة” وكل موجة تتخطى فيها درجات الحرارة الـ 40 درجة تُسمى “لاهبة” بسبب تحوّل الهواء الى ساخن مع ارتفاع بنسبة الرطوبة.
من جهته، أوضح رئيس قسم التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت محمد كنج في حديث صحفي أنّ “الخرائط تشير بأن هناك ارتفاع محدود في درجات الحرارة بالمناطق الداخلية, وستكون أعلى من معدلاتها بدرجتين، وعلى المناطق الساحلية سيكون الإرتفاع محدود, فهذا لا يعني أننا أمام موجة حارة”.
وفي وقت سابق كان قد نبهت وزارة البيئة، في بيان، الى أنّ ” أن التوقعات تشير إلى ارتفاع ملحوظ في خطر الحرائق في لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً في مناطق المنية – الضنية وأقسام أخرى من محافظتي الشمال وعكار”.
ودعت إلى “توخي الحذر الشديد وتجنُّب استخدام أي مصدر للنار قرب الغطاء النباتي”.
كذلك دعت البلديات ولجان المحميات وفرق رصد الحرائق في المناطق والهيئات الاهلية، الى “مراقبة أي خطر للحرائق والرصد المبكر لضمان تدخل فرق الدفاع المدني وفرق المستجيب الأول في الوقت المناسب”.
في حين كانت قد طالبت المديرية العامة للدفاع المدنيّ في الأيام السابقة روّاد الشاطئ بضرورة التقيد بإرشادات السلامة العامة الصادرة عنها عند التوجه إلى البحر، نظرًا لما يشهده الشاطئ اللبنانيّ اليوم من ارتفاع الأمواج تزامنًا مع سرعة الرياح ونشاط في حركة التيارات البحرية بتأثير من تسارع حركة المد والجزر.
ودعت المديرية العامة بعض المندفعين لإنقاذ من هم بخطر داهم إلى عدم التسرع، ما قد يعرضهم لخطر الغرق بدورهم، بسبب افتقارهم الى الخبرة المطلوبة للتمكن من التدخل في حالات مماثلة.
ونبّهت صيادي الأسماك وأصحاب المراكب السياحية وكل من يمارسون رياضة الدراجات المائية او التحليق الشراعي paragliding وسواها من الرياضات المرتبطة بالبحر الى الامتناع عن ممارسة أي نشاط في هذه الأجواء المناخية غير المستقرة.
وذكّرت المواطنين والمقيمين والسائحين بالاتصال على الرقم 125 لطلب المساعدة عند الضرورة.
ما علاقة الموجات الحارة بتغيّر المناخ؟
إلى ذلك، كشفت دراسة حديثة أن تغير المناخ يخلق موجات حارة هائلة تزحف ببطء في أنحاء العالم، وتؤثر على عدد أكبر من الأشخاص لفترات أطول من خلال درجات حرارة أعلى على مساحات أكبر، فيما شبه العلماء ما يحدث للبشر بـ”الفرن”. ومنذ عام 1979، جاء تحرك الموجات الحارة العالمية أبطأ بنسبة 20%، ما يعني بقاء مزيد من الناس في الحر لفترة أطول، وتحدث بوتيرة أكبر بنسبة 67%، وفقا لدراسة في دورية “تقدم العلم”.
ووجدت الدراسة أن أعلى درجات حرارة في الموجات الحارة باتت أعلى درجة من 40 عاما مضت، كما باتت المساحات التي تتعرض للحرارة، أكبر، بحسب “أسوشييتد برس”.
وكشفت الدراسة أيضاً أن الموجات الحارة تزداد سوءا منذ زمن، لكن هذه الموجات أصبحت أكثر شمولا وتتركز بكثافة ليس فقط بالنسبة لدرجات الحرارة والمناطق، وإنما أيضا بالنسبة لفترة استمرارها وتحركها في أنحاء القارات، وفق عالمي المناخ وي تشانغ من جامعة يوتاه الحكومية، وغابرييل لاو من جامعة بريستون.
موجات حارة عالمية
ومن 1979 حتى 1983، كانت الموجات الحارة عالميا تستمر في المتوسط نحو 8 أيام لكن بحلول 2016 وحتى 2020، بلغ امتدادها حتى 12 يوما، وفقا للدراسة.
وكانت يوراسيا الأكثر تضررا والأطول تعرضا لموجات الحر المستمرة. وتباطأت موجات الحر لأطول فترة في إفريقيا، بينما شهد شمال أميركا وأستراليا أكبر ارتفاعات في درجات الحرارة، وأكبر امتداد لمساحات تضربها موجات الحر، حسبما أشارت الدراسة.
من جانبه، قال مايكل وينر، عالم المناخ في معمل لورانس بيركلي الوطني، وهو غير مشارك في الدراسة “هذه الدراسة ترسل تحذيرا واضحا بأن تغير المناخ يزيد من خطورة الموجات الحارة بأكثر من طريقة”.