الملف الرئاسي يثير القلق: نصيحة غربية لـ”لبنان” .. وبرّي: “بعدنا محلنا”
لا يزال الفراغ الرئاسي هو المسيطر على لبنان، في ظلّ عرقلة أيّ مبادرات من قبل فريق الممانعة، ورفض أيّ حلول للخروج من هذا المأزق.
وفي سياق هذا التخبط علمت “الجمهورية” أن نصيحة غربية متجدّدة أُبلغت الى معنيين بالملف الرئاسي، تؤكّد أنّ الفرصة ما زالت متاحة أمام الأطراف السياسية في لبنان لبلورة توافق سياسي ورئاسي في آن معاً.
وبحسب “الجمهورية”، فإنّ هذه النصيحة جاءت على لسان سفير دولة غربية كبرى خلال لقاء في الأيام الأخيرة جمعه مع مستويات سياسية وحزبية لبنانية، حيث عبّر عن قلق مزدوج حيال المشهد اللبناني، الأول من الوضع القائم في منطقة الحدود وتصاعد المواجهات بين “حزب الله” واسرائيل، مبدياً ما وصفتها مصادر المعلومات “خشية أكثر من جدّية” من أنّ الوضع المتوتر في الجنوب معرّض للتدحرج الى منزلقات اكثر دراماتيكية وخطورة، حيث أنّ من شأنها أن تثير مخاوف كبرى على لبنان الذي لا يحتمل أن يُمنى بأي خسائر تُضاف الى وضعه الاقتصادي والمالي الصعب.
وأما المصدر الثاني للقلق الذي عبّر عنه السفير المذكور، كما تقول مصادر “الجمهورية”، فهو الوضع السياسي الذي يشهد انقساماً خطيراً، وارتفاعاً ملحوظاً في حدّة السجالات والتباينات، سواء السياسية وغير السياسية (ملمحاً الى الشحن الطائفي). وقال ما مفاده: “إنّ استمرار هذا الامر سيلحق ضرراً كبيراً جداً في لبنان ويهدّد استقراره السياسي وغير السياسي، وكلنا نعلم أنّ الوضع الطائفي في لبنان ليس سليماً، وللبنان تجارب خطيرة في هذا المجال، وهذا ما ينبغي أن يلتفت اليه اللبنانيون. ومن هنا نصيحتنا لكل الأطراف ألا تنتظر ما ستؤول اليه الحرب، بل المسارعة الى محاولة بناء نوع من الالتقاء الداخلي، وتخفيف مستوى التوترات، والاتفاق عاجلاً على إنهاء الازمة الرئاسية على أوسع مساحة من التوافق. و”اللجنة الخماسية” حدّدت المسار في هذا الاتجاه الذي نرى وجوب سلوكه، بما يعيد للبنان انتظام رئاسته ومؤسساته السياسية والدستورية، ويجعله قادراً على احتواء أي تطورات أو أي تداعيات قد تحصل”.
إلى ذلك، سألت “الجمهورية” رئيس مجلس النواب نبيه بري عما اذا كان أمراً ما قد استجد حول الملف الرئاسي.
وأجاب برّي: “لا يوجد شيء على الاطلاق، لا مبادرات ولا غير مبادرات.. بعدنا محلنا”.
وكان بري قد أكّد تمسكه بمبادرته لحوار أو تشاور موقت يفضي الى توافق على مرشّح أو مرشحين، يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية ضمن فترة زمنية لا تتعدّى العشرة أيام، معتبراً انّ الكرة ليست في ملعبه، بل هي في ملعب رافضي التوافق. وأكد استعداده لعقد طاولة الحوار والتشاور فوراً إن كانوا راغبين بالتوافق، وإن لم يرغبوا بذلك “فعلى مهلهم”.
في حين شدّد عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب نزيه متى على أن الممر الوحيد والإلزامي إلى الانتخابات الرئاسية، هو الدستور اللبناني فقط لا غير، وأن كل ما يصاغ حوله من بدع وتخريجات تارة تحت مسمى حوار، وطورا تشاور، مرفوض بالمطلق وباطل بالاساس والتفصيل، خصوصا أن هذا المنطق المنحرف عن المبادئ الدستورية والديمقراطية، أغرق البلاد على مدى عهود خلت بالمآسي والويلات، وأوصلها إلى الافلاس على المستويات كافة.
ولفت في حديث إلى “الأنباء” الكويتية، إلى أن حزب “القوات اللبنانية” وعلى الرغم من اعتراضه على سياسة الانحراف المتعمد عن الدستور، “الا أنه قبل بمبدأ التشاور بين الكتل النيابية تحت قبة البرلمان لملاقاة رئيس مجلس النواب نبيه بري في مساحة تنقذ الاستحقاق الرئاسي وتنهي الشغور الرئاسي، علما أن حلقات التشاور بين النواب قائمة بشكل طبيعي وليست بحاجة إلى دعوات من هنا وهناك لانجازها. القوات ليست متصلبة في مواقفها وتريد انتخاب رئيس اليوم قبل الغد، إنما وفقا للآليات الدستورية وليس وفقا لسياسة التسويف والتمييع بما يتماهى وغاية يعقوب منها”.
وأكد متى أن “القوات ليست ضد الحوار كمبدأ حضاري، انما بعد انتخاب الرئيس وحول الملفات والمواضيع ذات الصلة بمستقبل البلاد ومصيرها، وأبرزها الاستراتيجية الدفاعية وقرار الحرب والسلم”.
واعتبر أن “مفهوم الحوار لدى فريق الممانعة مبتور بالأساس”.
في المقابل، اعتبر مصدر سياسي بارز بأنه آن الأوان لتبادر القوى الناخبة الرئيسية في البرلمان بأن تعترف بلا مواربة بعجزها عن إنضاج الظروف السياسية المحلية لإخراج الاستحقاق الرئاسي من الدوران في حلقة مفرغة.
وأكد في حديث لصحيفة “الشرق الأوسط” أنه من غير الجائز رمي مسؤولية التعطيل على سفراء اللجنة الخماسية الذين لن يسمحوا لأنفسهم بانتخاب الرئيس بالإنابة عنهم، وكانوا أعلنوا مع بدء تحركهم أنهم يشكلون قوة دعم وإسناد للكتل النيابية لتسهيل انتخاب الرئيس، وهذا ما التزم به أيضاً الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بعد أن بادرت باريس إلى سحب مبادرتها من التداول.
ولفت إلى أن تواصل الضغوط الدولية والعربية لوقف النار في غزة وانسحابه على جنوب لبنان لا يعني أن الطريق سالكة سياسياً أمام انتخاب الرئيس ما لم تبادر الأطراف المعنية إلى تقديم التسهيلات المطلوبة لتأمين انتخابه، انطلاقاً من ترجيح الخيار الرئاسي الثالث على سواه من الخيارات، وهذا ما توصلت إليه اللجنة “الخماسية” ومعها لودريان، وإن كان سفراء الدول الأعضاء فيها بادروا إلى تأييد المبادرات لإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم لعلها تفتح الباب لتسهيل انتخابه.
ورأى أن تعطيل انتخاب الرئيس لا يتعلق بالخلاف الدائر حول دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للتشاور، ويقول بأن الخلاف في هذا الشأن يبقى في الشكل بخلاف المضمون في ظل إصرار كل فريق لإيصال مرشحه إلى سدة الرئاسة الأولى، مع أن اللقاء الديمقراطي بتحركه طرح صيغة وسطية تقضي بضرورة التوصل إلى تسوية رئاسية يُفترض، في حال تبنيها، أن تعفي الفريقين المتخاصمين من الإحراج.
واكد المصدر نفسه أن كل فريق يتمسك حالياً بمرشحه، سواء بالنسبة لمحور الممانعة بدعمه رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية أو المعارضة التي تقاطعت مع اللقاء الديمقراطي والتيار الوطني على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، من دون أن تقفل الأبواب أمام البحث عن رئيس توافقي، بخلاف حزب الله الذي يتمسك بترشيح فرنجية بذريعة أنه الأقدر على توفير الضمانات له، فيما يبدي حليفه بري مرونة باقتراحه، إما بالتوافق على اسم الرئيس، أو الذهاب إلى جلسة الانتخاب بثلاثة مرشحين أو أكثر ويُترك القرار للنواب.