العقوبات الفرنسية… تنتظر اجتماع بعبدا اليوم؟!
كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:
“اجتماع الإثنين عامل مقرِّر بالنسبة إلى المقاربة الفرنسية الجديدة”. هكذا لخص مصدر ديبلوماسي فرنسي كيف يمكن ترجمة ما قاله الرئيس إيمانويل ماكرون الخميس الماضي، عن أنه “يتحتم علينا في الأسابيع المقبلة بشكل واضح تغيير النهج والاسلوب”، في مقاربة أزمة الفراغ الحكومي في لبنان، التي تتابع باريس تفاصيلها وخصوصاً بعد اجتماع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري بعد ظهر الخميس.
ومع أن مصادر في باريس سربت أن هناك توجهاً إلى تكثيف الضغوط على المسؤولين اللبنانيين كي ينجزوا الحكومة، تشمل العقوبات، على معرقلي التأليف، فإن المصدر الديبلوماسي الفرنسي في بيروت أبلغ “نداء الوطن” أن “خيار العقوبات لم يكن ليكون مقاربة بناءة من قبلنا قبل 7 أشهر بعيد إعلان مبادرة الرئيس ماكرون في آب الماضي، لكن مقابل الإرادة الطيبة للمجتمع الدولي للمساعدة على معالجة الأزمة التي غرق فيها لبنان، يبدو أن هناك طبقة سياسية ترفض التنازلات، والتخلي عن امتيازات المرحلة السابقة، وتمارس التعطيل في تأليف الحكومة”.
على رغم الرسائل المتواصلة إلى المسؤولين اللبنانيين سواء عبر الاتصالات المباشرة من قبل باريس مع بيروت أو عبر السفارة هنا، “لم يحصل أي تقدم، ولذلك قال الرئيس ماكرون إننا سنلجأ إلى أسلوب مختلف من ضمنه ربما تكون العقوبات، وهو أمر لم نكن نعتبره الأفضل. وفي غياب أي تقدم فإن كبار المسؤولين الفرنسيين حذروا في الأسابيع الماضية من مخاطر استمرار الوضع على ما هو عليه. وهذا ما عبر عنه وزير الخارجية جان إيف لودريان بلومه مسؤولي لبنان بأنهم لا يفعلون شيئاً في وقت لبنان في خطر”.
يحرص المصدر الديبلوماسي إياه على الاستدراك بأن “النهج الجديد الذي تحدث عنه ماكرون لا يعني حكماً أن هناك عقوبات آتية، لكن الواضح أن هذا الخيار بات على الطاولة إذا ليس هناك من تقدم. المواقف بين الفرقاء المعنيين ما زالت متباعدة لكن الجميع يعرف ما عليه أن يفعل. لبنان بحاجة إلى حكومة من وزراء يوحون بالثقة من غير القوى السياسية، يتمتعون بدعم الفرقاء السياسيين، قادرة على تنفيذ الإصلاحات، وفق نصوص المبادرة الفرنسية التي وافق عليها الجميع”.
وعن الجهة المسؤولة عن إعاقة التوافق خصوصاً أن بعض المصادر في باريس يلقي باللائمة على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، أوضح المصدر الديبلوماسي الفرنسي أن الفرقاء يقولون إنهم يبذلون جهوداً “ويجب ألا تضعوا كل الفرقاء في السلة نفسها، لكن نحن نعتقد أن الجميع مسؤول عن الوضع السيئ الذي بلغه البلد، ولا يمكن لأي منهم أن يعتبر أنه غير معني. نكرر على الدوام أن الحلول معروفة من الجميع. يجب وقف تعطيل الحكومة وتسمية وزراء اختصاصيين. بإمكان الفرقاء التوصل إلى تسوية حول ذلك لكننا لسنا متأكدين أن كل الفرقاء لديهم الإرادة للقيام بذلك”. الديبلوماسية الفرنسية لا تعتبر أن دورها توزيع اللوم بالمسؤولية عن التعطيل وتحديد نسبة مسؤولية هذا أو ذاك، على رغم أن ليس لدى كل الفرقاء المسؤولية نفسها، وتفضل القول إن الجميع يتحمل المسؤولية، “لكننا نعرف تفاصيل موقف كل واحد منهم وماذا يقول وماذا يفعل”.
ويشدد المصدر الديبلوماسي الفرنسي على أن المقاربة الجديدة التي تحدث عنها ماكرون متعددة الأوجه، ستشمل خطوات متدرجة في الضغط على اللاعبين لتسريع الحكومة. العقوبات لها آلية قانونية تأخذ وقتاً وباريس لن تقدم على خطوات سخيفة، أو في شكل سريع ومتسرع. الاتصالات مستمرة وننتظر اجتماع الإثنين بين عون والحريري. والمسارات الأخرى تشمل الضغوط، والعقوبات تتم وفق درجات حسب الفريق المعني. الفكرة هي ممارسة الضغط. الخطوات ستُنسّق مع حلفائنا الأوروبيين والأميركيين والإقليميين وسنتحاور معهم حولها.
يستمر الديبلوماسيون الفرنسيون في التواصل مع كل الفرقاء بما فيهم “حزب الله”، وفي اجتماع السفيرة آن غريو مع عون قبل 3 أسابيع شددت على أنه مسؤول عن إيجاد المخارج الممكنة من الجمود، وأصرت عليه أن يناقش مع كل الفرقاء وجوب تسريع تأليف الحكومة، لإن مصلحته إنقاذ عهده والبلد من أزمته، فأقر لها بأن الوضع دقيق جداً لكنه لم يتوسع في الحديث عن المخارج. وهي التقت باسيل وأبلغته الموقف نفسه كونه مسؤولاً وعليه أن يتنازل عن بعض المطالب.
يشير المصدر الديبلوماسي إلى أن الفريق الرئاسي ينفي مطالبته بالثلث المعطل، لكن يقولون أشياء تفيد، بعد إجراء الحسابات لعدد الوزراء، بأنهم يريدون هذا الثلث المعطل حين يتحدثون عن حق الرئاسة بتسمية الوزراء المسيحيين…
لم يبلور الجانب الفرنسي موقفاً محدداً من مطالبة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بحكومة تكنو سياسية، بعدما ترك التباساً حول التزامه السابق بحكومة اختصاصيين غير حزبيين، لكن المصدر الديبلوماسي الفرنسي يتساءل عما إذا كان أراد القول إنه اللاعب الأساسي في السياسة اللبنانية بانتقاده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومطالبته بوقف ارتفاع سعر صرف الدولار، وبدفعه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لتفعيل حكومته…