خسائر مادية وبشرية هائلة.. قطاعات الدولة استُنزفت وهواجس اللبنانيين إلى ارتفاع
يعيش اللبنانيون هاجس توسع رقعة الأعمال القتالية الحربية بين لبنان وإسرائيل ومدى تأثير ذلك سلبا على اقتصاد لبنان، في وقت تُنذر المؤشرات السلبية المتتالية بمستقبل اقتصادي أكثر اضطرابا لبلد يواجه أزمة اقتصادية وصفت بالأصعب في تاريخ البلاد منذ نهاية عام 2019 ولا زالت تلقي بظلالها على مختلف القطاعات حتى اللحظة.
خسائر مادية وبشرية
وفي موازاة ارتفاع منسوب القلق والترقب من الساعات المقبلة، يعيش المواطن اللبناني والمعنيون هواجس منطقيّة تُحاكي الواقع مفادها بأن نهاية الحرب ستكون مفاجئة وأن الخسائر كبيرة جدا.
إذ أجمع خبراء معنيون في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية على أن الضغوط التي فرضتها “حرب المساندة” نتج عنها الكثير من الخسائر وأبرزها نزوح مئات آلاف العائلات وتوقف النشاط الزراعي كليا على الحدود الممتدة من بلدة الناقورة في القطاع الغربي إلى شبعا في القطاع الشرقي”.
وتشير الأخبار وفق معلومات خاصة بموقع سكاي نيوز عربية أن “هناك بلدات لم يبق فيها منازل على الإطلاق واختلطت حجارة البيوت المهدمة ببعضها البعض “.
من ناحية أخرى كشف الباحث في نشرة الدولية للمعلومات الكاتب محمد شمس الدين لموقع سكاي نيوز عربية: “أن أخر تحديث لأرقام الخسائر يوم الإثنين، يشير إلى 571 قتيلا، وأكثر من 2180 إصابة ونحو 100 ألف نازح من البلدات الحدودية”.
وأضاف: “أدَّت الحرب إلى خسائر زراعية لحقت بـ3 ملايين و200 ألف متر مربع تعرَّضت للحرائق، وطالت بساتين الزيتون والحمضيات والمناطق الحرجية”.
وقال شمس الدين أن “1940 منزلا دمرت دمارا شاملا و1700 منزلا دمارها كبير بينما بلغ عدد البيوت المتضررة 7000”.
ولفت إلى أن هذه الأرقام هي حصاد اليوم الأثنين وتغطي كامل الأراضي اللبنانية، وقدر شمس الدين عدد المؤسسات التجارية والصناعية المدمرة بـ220 مؤسسة.
بدوره قال الخبير في الشؤون الاقتصادية الكاتب والمحلل منير يونس لموقع سكاي نيوز عربية أن “الأضرار كبيرة جدا ومنها المباشر وغير المباشر وتتراوح حتى اليوم ما بين مليارين و10 مليارات دولار”.
وقال: ” لا تقديرات نهائية للخسائر لأن الأعمال الحربية مستمرة “.
وأشار إلى ” وجود ما بين 7 و10 آلاف وحدة سكنية متضررة إما كليا أو جزئيا داخل البلدات الحدودية”.
وقال” هناك عشرات آلاف الهكتارات الزراعية في الجنوب تضررت نتيجة القصف بالقنابل الفسفورية والمشهد يشبه الأرض المحروقة، وهذه التربة سوف تحتاج الى علاج على مدى سنوات.”
وأوضح أن “الحرب منعت المزارعين من زراعة 17 مليون متر مربع من الأراضي الزراعية. ”
وتابع يونس: “من المواسم التي تضررت، موسم الزيتون والتبغ وغيرها كما لحق الضرر بآلاف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في محافظة الجنوب عموما “.
وأشار يونس إلى ” وجود مئة ألف نازح ” وقال ” كلفة ذلك كبيرة جدا على الجميع في لبنان.”
وتابع” لم ينجح الاعتماد على موسم السياحة هذا الصيف لأنه لم يصل الى نسبة 20 بالمئة من موسم السنة الماضية 2023 حيث كان موسماً استثنائيا أعطى جرعة أمل للاقتصاد إلى أن وصلت أحداث 7 تشرين الأول”.
حال قطاعات الدولة
على المقلب الآخر يواصل كل قطاع من قطاعات الدولة صموده بمواجهة السيناريوهات المفتوحة لحرب شاملة ودحض المغالطات والتأويلات في مسألة انقطاع الأدوية.
حيث يعيش اللبنانيون هاجس الحرب على صعيد الأمن الغذائيّ والدوائيّ، وتعود تجربة حرب الـ2006 إلى ذاكرتهم خوفاً من تكرار أحداثها بقصف المطار وفرض حصار شديد على الموانىء البحرية، في حين يخرج المسؤولون في الحكومة إلى العلن في محاولات تطمين بأن “السلع والأدوية متوافرة لأشهر” ولا خوف من أيّ انقطاع.
وينطلق المعنيون من المخزون الاحتياطيّ للدواء المتوافر لدى مستوردي الأدوية كما لدى مصانع الأدوية اللبنانية. وفي هذا الصدد، يؤكّد نقيب مستوردي الأدوية جو غريّب في حديثه لـ”النهار” أن المخزون الاستراتيجي أو العام المتوافر عند المستوردين يكفي لمدة 4 أشهر، والمخزون الموجود في صيدليات المستشفيات يكفي لمدة شهر ونصف، مما يعني أن مخزون الأدوية في البلد يخدم لخمسة أشهر ونصف. أما بالنسبة إلى الأدوية الخاصّة بمعالجة مصابي الحروب فهي متوافرة بكثافة”.
إذن، لا خوف من انقطاع الأدوية المزمنة والمستعصية إذا اندلعت الحرب المتوقعة في إطارها التقليدي. لكن ما يتخوّف منه غريّب ويعتبره ضربة موجعة “يتمثل بفرض حصار جويّ وبحريّ يصعّب عملية الاستيراد. وفي النزاعات العسكرية أو المواجهات العسكرية، تلجأ الدولة إلى التواصل مع المنظّمات الأمميّة لوضع ممرّات آمنة للموادّ الأوليّة الأساسيّة، ومنها الدواء”.
من جانبه، يشير نقيب الصيادلة جو سلّوم إلى أن المشكلة تكمن في أدوية الأمراض المستعصية (أدوية السرطان وأدوية التصلّب اللويحيّ)، التي نعاني شحاً كبيراً بها، وانقطاعاً في السوق اللبنانية، لكونها ما زالت مدعومة، وليست ضمن الأدوية التي تُصرف في الصيدليّات، والتي هي متوافرة بشكل طبيعيّ، والتي تعتمد على الصناعة المحليّة وعلى الاستيراد”.
ما يتخوّف منه سلوم هو أن نشهد إقفالاً للطرقات، وقطعاً لطرق الإمدادات لإيصال الدواء، في ظل غياب خطة طوارئ تُحاكي هذه الهواجس. وعليه، إذا اندلعت حرب شاملة فقد نواجه صعوبة في الحصول على الأدوية خارج لبنان، لا سيّما الأدوية المدعومة التي نعاني بسبب قلّتها بالأساس حتى قبل اندلاع الحرب.
لا شكّ في أن مرضى السرطان، الذين يعانون من انقطاع الأدوية مراراً، هم في دائرة المخاوف إذا توسّعت الحرب. وهنا، يرى وزير الصحة في حديث سابق لـ”النهار” أنه بعد المناقصة الأخيرة، التي أجرتها الوزارة، “بات الاعتماد على مدى عام. وهناك كميّة كبيرة إمّا وصلت أو هي في طريقها. وفي الفترة الأخيرة تمكنّا من تلبية عدد كبير من المرضى مقارنة بالفترة السابقة، ومع وصول الأدوية المرتقبة سيكون وضع المرضى أفضل”.
تحسباً لأيّ سيناريو محتمل، اتصلت نقابة مستوردي الأدوية ببعض الشركات اللوجتسية في قبرص والإمارات لتأمين الأدوية المزمنة والمستعصية، سواء عن طريق الإمارات أو قبرص، بشرط أن يتفق طرفا النزاع على تأمين ممرّ آمن. وتكمن أهمية هذه الاتصالات بتجميع احتياجات البلد في مكان واحد، واستيراد ما يلزم بأقلّ تكلفة ممكنة، بدل أن يكون لكل مستورد طلبيّته الخاصّة في بلد معيّن”.
وعليه، يتمنى غريّب تحييد ملف الدواء عن حرب الشائعات، لأن خطورتها تكمن في إحداث أزمة غير موجودة. ويسترجع ما حدث في الأزمات السابقة حين كانت عملية الاستيراد متوقفة نتيجة نقص التمويل، أو لأن إمكانيات المالية غير متوافرة. أمّا اليوم فالوضع مختلف، إذ يُسلّم المصنعون البضاعة المطلوبة، ويُعيد المستوردون بناء مخزوناتهم منذ 9 أشهر، وليس منذ أسبوعين.
في موازاة ذلك، استلمت وزارة الصحة أطناناً من المستلزمات الطبية المخصّصة لمعالجة إصابات الحرب، بهدف دعم القطاع الصحي وتمكينه وتجهيزه، لاستقبال العدد الأكبر من المصابين، إذا توسّعت رقعة الحرب، وطال الاستهداف الإسرائيلي العاصمة بيروت.
فهل تهدّئ التطمينات قلق اللبنانيين تجاه انقطاع الأدوية وتكرار سيناريو الأزمة الاقتصادية التي ضربت البلد منذ 4 سنوات، حين دفع البعضُ ثمن احتكار البعض للدواء بالتهافت الكبير لشراء كميّات كبيرة خوفاً من انقطاع الدواء، فيما استغلّ التجار الأزمة لبيع الأدوية في السوق السوداء بأسعار مرتفعة جداً؟
مواضيع ذات صلة :
هولندا تتوعّد بإلقاء القبض على نتنياهو | هل يحقّ لرئيسي مجلسي النواب والوزراء التفاوض مع إسرائيل؟ خبراء يشرحون! | شقير: هناك جدية لدى حزب الله في إنهاء القتال والطابة اليوم بيد إسرائيل |