باسيل يدمّر إرث عون.. وكنعان يدعو للمّ الشمل!
هناك من يرى في التيار الوطني الحر قضية، وهناك من يرى به وسيلة لنيل المكاسب والاستيلاء على المناصب، فيعمل على إزاحة من الدرب كلّ من لا يتفق معه ولا يسير في ركبه.
وكان التيار قد شهد في السنوات الأخيرة موجات من الاستقالات والفصل، لتكون باكورة الخزعبلات الجبرانية فصل النائبين آلان عون وإلياس بو صعب، واستقالة النائب سيمون أبي رميا.
وبدل أن يعمل التيار على لملمة نفسه، نراه يتابع في سياسة الإقصاء، فكل من لا يشبه النائب جبران باسيل يجب أن يكون خارجاً، وكل من لا يصفّق له لا يكون وفياً، وذلك بمباركة من العماد ميشال عون الذي لم يدرك حتى تاريخه أنّ إرثه تحت الراية الباسيلية حوّل إلى رماد، وأنّ هناك من استثمر في النضال العوني القديم لتعويم نفسه على حساب من قدموا التضحيات.
وفي جديد هذه المسرحية الهزلية ما تردد أمس عن إسقاط عضوية عدد من اعضاء المجلس السياسي بموجب النظام الداخلي للتيار، ومن بين هؤلاء النائب ابراهيم كنعان.
أما الحجّة فهي التغيّب عن حضور الاجتماعات لأكثر من ثلاث مرات من دون عذر.
من جهته، وفي أوّل تعليق على هذا القرار، عقد النائب ابراهيم كنعان مؤتمراً صحافياً، في مكتبه في الجديدة، موضحاً أنّه لم يكن يرغب في الإطلالة الإعلامية للحديث عن أمور حزبية، ومؤكداً: “ما زلت عند موقفي القائل بضرورة معالجتها داخلياً، لا إعلامياً”.
وأشار كنعان إلى أنّه “بعد التطورات الأخيرة، وما رافقها من مواقف إعلامية وخطوات وتأويلات وتسريبات، وتساؤلات عن موقعي وموقفي، أصبح لزاماً عليّ أن أطل على الرأي العام والقاعدة الحزبية والمناصرين بطريقة واضحة ومختصرة لأقول: نحن تيار وطني سياسي ولد من رحم وطن عانى من الوصاية والإقطاعية والديكتاتورية فالتقينا على واجب تحريره وإصلاحه وتغييره بقيادة قائد ملهم ألهمنا فألزمنا لنتشارك وإياه مسيرة الحرية والكرامة والالتزام بقضايا الوطن من منطلق وطني لا طائفي ولا حزبي، وإن كنا قد انتظمنا فيما بعد في إطار حزبي، إلا أن مبادئنا لم تتغير في واجب تقديم المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية والطائفية. فللوطن الأولوية على كل تنظيم سواه، وإلا فأين نمارس عملنا الحزبي إذا ضاع الوطن؟
على هذه المبادئ نشأنا وبهديها تمرسنا في عملنا السياسي والحزبي والوطني وفي كل موقع كنا فيه”.
وأردف: “ولمن يسأل عن موقف إبراهيم كنعان بعد التطورات الأخيرة أقول، إن المرحلة الراهنة تتطلب لمّ الشمل والحفاظ على دور التيار ووحدته وثقله النيابي. وهذا ما أعتبر أنني كنت وما زلت مؤتمناً عليه قولاً وفعلاً، بالقناعة والعمل، لا كمجرد شعار للمناورة أو لتصفية الحسابات. وتاريخي وممارستي شاهدان على ذلك”.
وتابع: “وفي هذا السياق، أذكِّر بأبرز محطتين في هذا المسار الذي اعتمدته في حياتي السياسية والحزبية: الانتخابات الحزبية في العام 2015، ومبادرتي التي أخرجت التيار من حالة الانقسام الحاد التي كان يمكن أن يصل إليها وأدت إلى تزكية جبران باسيل بالتنسيق مع الرئيس العماد ميشال عون، والانتخابات الرئاسية في العام 2016 وقيامي على المستوى المسيحي في العام 2015، بمسعى أوصل إلى اتفاق مسيحي – مسيحي بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية وأدى إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وذلك بعد مواجهات دامية منذ العام 1989”.
وأضاف كنعان: “لست طارئاً على هذه المبادرات، أو مناوراً ولا أقوم بأجندات شخصية أو أصفّي حسابات. فأنا صاحب فكر وطني وسياسي ومسيحي يعتبر إن الشرذمة طريق النهاية والانهيار. ولنا في تاريخ الأحزاب اللبنانية أكثر من دليل على ذلك، إذ ما من بيت ينقسم على ذاته إلا ويخرب. وإذا كان من حقّ القيادة أن تسهر على تطبيق النظام الداخلي للتيار، فمن حقّ القاعدة القلقة ولديها ملاحظات أن يسمع صوتُها في سياق مقاربة الهدف الاساس، ألا وهو مصلحة التيار وتطورّه”.
وأوضح أنّ “القلق عند القاعدة، لا يعالج بالتجاهل والتمسّك بالنصوص، بل بالحوار والتفهّم والتواصل الهادئ، لأن الشرخ – أي شرخ من أي جهة أتى – سيضرّ بالتيار وبمبادئه ويؤذي نضاله ويتنكر لتاريخه، كما أن النصوص يجب أن تتكيّف وتتطوّر وفق ما يساعد ويقرّب، لا ما يعقّد ويباعد”.
وتابع: “بناء عليه، وللتاريخ، وحرصاً على مسيرة التيار وحاضره ومستقبله، سأقوم، بما تيسّر لي، بعد التطورات المؤسفة التي نشهدها، بمسعى أخير. وأنا على يقين بصعوبته، لا بل ربما باستحالته عند البعض. ولكنني، في بيتي العائلي كما في البيت السياسي مع العماد عون، تربيت على المواجهة في المعارك المستحيلة”.
ووجه كنعان “دعوة لحوار جدي وعميق يجمع بين الأصول والقواعد الحزبية من جهة والتضامن والوحدة من جهة أخرى”، مقترحاً: “التراجع عن كلّ المواقف والقرارات المسبقة من فصل واستقالات وإحالات مسلكية، وقف الحملات الإعلامية بين أبناء البيت الواحد وإعطاء مهلة أسبوع لحل إشكالية الالتزام من خلال حوار مباشر يجب ان يبدأ بالتفاهم على سقفه ومضمونه”.
وأردف: “للأمانة أقول لم يخرُج أحد من التيار إراديا”، أكان فصلاً أو استقالة. وكلّ الزملاء المعنيين بهذا الأمر قد صرّحوا علناً أو بالمراسلة، مع قيادة التيار، بعدم رغبتهم بالانفصال”، مضيفاً: “إن مسألة المقاعد النيابية والوزارية والرئاسية، لم تكن يوماً في حساباتي، لا بالأمس ولا اليوم ولا في المستقبل. وتاريخي شاهد على ذلك في مرحلة النضال، داخل لبنان وخارجه، للسيادة لا المناصب، وصولاً الى الحكومات التي تمثّل فيها التيار، حيث لم أتولَّ أية حقيبة وزارية على مدى تسع عشرة سنة تميزت بالعمل الرقابي والتشريعي”.
وفي ردّ على ما قاله كنعان، صدر عن اللجنة المركزية للإعلام والتواصل في التيار الوطني الحر بياناً جاء فيه: “يستغرب التيار الوطني الحرّ أن يلجأ أي نائب ملتزم بحزبه الى عقد مؤتمر صحافي للحديث عن شؤون حزبه الداخلية، اذ كان الاجدى بالنائب ابراهيم كنعان ان يقوم، حرصاً على التيار، بأي مسعى جدي بشأن “لمّ الشمل” داخل اروقة التيار المفتوحة للنقاش وليس بحركة استعراضية في الاعلام، وهو المدرك جيداً انه ما دقّ باباً الّا ووجده مفتوحاً امامه”.
وأضاف البيان: “كان الأحرى به أن يكون مثالاً للالتزام بالانظمة الحزبية وبسياسة التيار، وليس محرّكاً لحالة سياسية خارجة عن النظام والأصول.”
وتابع: امّا وقد فعل، فإنه مدعو الى الالتزام والانضباط داخل التيار لأنه على دراية تامّة بالاجراء القائم داخله بما يتعلّق بوجوده داخل الهيئة السياسية وداخل المجلس السياسي، وقد اصبح خارجه”.
وختم البيان: “يؤكد التيار ان قيادته منفتحة على الجميع من ضمن احترام انظمة التيار ومبادئه وسياسته ومؤسسته وليس من خلال ابتداع انظمة ومفاهيم حزبية جديدة”.
مواضيع ذات صلة :
كنعان من بكركي: للتمسك بالشرعيتين الدولية والدستورية | كنعان من بكركي: حل الأزمة يبدأ بالالتزام بالقرار 1701 | السفير والنوّاب الأربعة |