القضاء يتصدى لأزمة الكهرباء لمواجهة “العتمة الشاملة”… وفياض: “ما قدرت نام الليل”!
تستمر أزمة الكهرباء في لبنان، حيث يعاني المواطنون من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، في وقت تسعى دول مثل العراق والجزائر لتجنيب لبنان الوقوع في عتمة شاملة عبر اتخاذ تدابير فعالة.
وبينما يعاني لبنان من نقص حاد في الكهرباء، بدأت السلطات القضائية في التعامل مع الأزمة. فقد تولى النائب العام التمييزي، القاضي جمال الحجار، مسؤولية التحقيق في ملف الكهرباء لتحديد المسؤولين واتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية لمواجهة الأزمة.
وكانت قد أفادت معلومات “هنا لبنان” أنّ القاضي الحجار تسلّم كتاباً من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بهذا الخصوص، وبدأ دراسته على أن يحدد المواعيد لبدء التحقيق في القضية.
وأكدت مصادر مواكبة عن قرب لهذا الملفّ داخل قصر العدل، أنّ الحجار “يعكف على وضع لائحة بأسماء الأشخاص الذين سيستدعيهم إلى جلسات استجواب في الساعات المقبلة، تشمل رئيس مجلس إدارة كهرباء لبنان المهندس كمال الحايك وأعضاء مجلس الإدارة وموظفين، مع احتمال مثول وزير الطاقة والمياه وليد فياض أمام القاضي الحجار كشريك في المسؤولية عن هذه الأزمة”، مشيرة إلى أنّ التحقيقات “ستحدد المسؤولين عمّن أغرق البلد في الظلام الشامل وتسبب بتوقف قطاعات حيوية عن العمل لساعات طويلة ومنها المطار والمستشفيات الحكومية والمرافئ البحرية والمحاكم والسجون وغيرها من المؤسسات.
وكان رئيس الحكومة قد أشار في كتابه إلى أنه “رغم تجاوب مجلس الوزراء مع طلب وزير الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان بشراء كميات من مادة الفيول العراقي، بعد إيداع جزء من ثمن هذه المواد في حساب مؤسسة كهرباء لبنان لدى البنك المركزي، فوجئ رئيس الحكومة بأن مجلس إدارة المؤسسة لم ينعقد لتنفيذ الاتفاق، وشراء كميات كافية من الفيول والغاز العراقي، وذلك بسبب سفر رئيس مجلس إدارة مؤسسة الكهرباء كمال الحايك إلى الخارج (لقضاء إجازته الصيفية)، وأن الأخير قطع تواصله نهائياً مع الجميع، ولم يفوّض أياً من أعضاء مجلس الإدارة بالصلاحيات المالية، علماً بأنه كان يفترض بمجلس إدارة الكهرباء أن ينفذ التدابير التي تم الاتفاق عليها بصورة طارئة -تفادياً للوقوع في الظلمة الشاملة، مع ما ينتج عن ذلك من ضرر مباشر للمواطنين والمرافئ العامة- من خلال مقرّرات خلال أداء مجلس إدارة الكهرباء صاحب الصلاحية في اتخاذ القرارات الإدارية”.
وشدّد ميقاتي في كتابه على أنه “رغم موافقة مجلس الوزراء على الصيغة التي وضعها وزير الطاقة، بالاتفاق مع مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، والخطوات التي سيتم اتخاذها لتجنب الوقوع في العتمة الشاملة وتوقّف قطاعات حيوية عن العمل، فإن الوزارة والمؤسسة لم يتخذا الإجراءات الكفيلة بتجنّب الأزمة”.
فياض: “ما قدرت نام الليل”
من جهته قال وزير الطاقة وليد فياض لـ”mtv”: “لم أكن أنتظر هذا الظلم المتمثّل في الإجراء الذي اتخذه ميقاتي، ولا يحقّ له رمي التهم على جهة واحدة. وقلت له خلال لقاء جمعنا أمس “ما قدرت نام الليل”، فضميري لا يسمح لي بذلك أبداً إذ يجب أن نرى سياق الأمور كي نحكم وإلا يكون الحكم غير عادل”، متسائلاً: “لماذا لم يُحقّقوا في العتمة الشاملة التي شهدتها البلاد في السابق؟”.
وأضاف: “السبب وراء الأزمة والعتمة التي نعيشها هو غياب التعدّد في مصادر الطاقة، وهو أحد أسباب دخولي إلى هذه الحكومة. ففي الـ2021 كان الحديث عن أنّنا نريد تأمين الكهرباء بكلفة أرخص للبنان ما يؤمّن الاستقرار الاقتصادي، وبعد ذلك في الـ2022 عندما اقترحت إيران هبة بـ600 ألف طنّ من الفيول وافقتُ عليها ورفعتها إلى رئيس الحكومة لكنّها لم ترَ النور”. وفي لوم واضح للحكومة ورئيسها يسأل فياض، “لماذا؟ ألم تكن تؤمّن تعدّد المصادر وتُساعدنا في حلّ جزء من المشكلة؟ ولماذا نحمل الإداريين الذين يقومون بعملهم مسؤولية أكبر منهم بكثير؟”.
كما أشار فياض إلى أن السبب الثاني هو “الحصار الخارجي المفروض علينا” وهو ما يتجلّى في توقف الغاز المصري والكهرباء من الأردن جراء قانون قيصر.
وللتصدي لهذا الواقع، يقول فياض، “قمنا بإعادة النظر في تعرفة الكهرباء وزدناها بشكل هائل كي نتمكّن من تغطية كلفتها وكي نتمكّن عبر الجباية من جمع الأموال لزيادة التغذية. ولتحقيق ذلك، أوّل ما فعلناه بعد تأمين مبلغ يصل إلى ما بين 50 مليون و100 مليون دولار هو أنّنا عرضنا شراء “سبوت كارغو” والذي تبلغ كلفته بين 20 و25 مليون دولار من أجل تأمين التعدّد في مصادر الطاقة وأجرينا مناقصة في هيئة الشراء العام في حزيران 2024 أي قبل نحو 3 أشهر من دخولنا في العتمة الشاملة وقمنا بترسية موقتة لهذه المناقصة وأرسلنا ذلك إلى كهرباء لبنان التي بدورها أجرت اجتماعات لمتابعة الموضوع ولكنّ القرار كان بحاجة إلى موافقة من قبل الحكومة”، وهو ما لم يأتِ حينها، وبالتالي “أُوقِفت هذه المناقصة جراء المزايدات في السياسة، وفي جلسة شهيرة للحكومة في تموز تمّ التداول بأنّ هذه الصفقة مشبوهة، مع العلم أنّه لا يشوبها أي شائبة، وأنّ العراقيين مستاؤون منها، وهذا أيضاً غير صحيح بدليل أنّنا اليوم قمنا بتلزيمها إلى الشركة الفائزة بالمناقصة وهذا يبرهن أنه لم تكن هناك مشكلة”.
ويُتابع: “من زرع التخوّف في النفوس ومنع التلزيم النهائي لـ”سبوت كارغو” هو تسريب أخبار في الإعلام عن أنّ العراقيين قلقون ولا يريدون الاستمرار في منحنا الفيول العراقي لأنّنا نقوم باستخدام الأموال لشراء الفيول بدل تسديد المستحقّات، ونحن حينها قمنا بالتوضيح أنّ ذلك يحصل بالتنسيق مع العراقيين وأنّنا تواصلنا معهم وأنّ لا مشكلة لديهم وأنّهم يقفون إلى جانب لبنان ويريدون أن تكون لدينا مصادر أخرى للكهرباء حتى لا نقع في ما وقعنا به اليوم من عتمة شاملة”.