عدم ارتياح لبنانيّ لأجواء مفاوضات غزة.. وعينُ بيروت على التجديد لـ “اليونيفيل”
يسود الترقّب والقلق في لبنان، من جرّاء الأوضاع الميدانيّة التي تنزلق يومًا بعد آخر نحو مسار التصعيد الأكبر، لا سيما بعد الاستهداف الإسرائيلي الأخير للعمق اللبناني بقاعًا، في وقت يتمثّل الهم الأول للبنان الرسميّ في التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل” لعامٍ جديد.
في ظلّ هذا الواقع، لم يكن أمام رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في مقاربته لما آلت إليه المباحثات لوقف النار، في ضوء ما لديه من معلومات دقيقة تتعلق بالأجواء التي سادت لقاءاتها حتى الساعة، سوى التحسُّب للتداعيات المترتبة على تمرّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الإدارة الأميركية، ما لم تنزل بكل ثقلها للانخراط في الجهود الرامية للتوصل لوقف النار في غزة.
وعلمت “الشرق الأوسط” أن بري لم يكن مرتاحًا للتمهل الأميركي بمراعاة نتنياهو، بدلًا من الضغط عليه، وهذا ما عكسه بترؤسه، في الساعات الماضية، اجتماع هيئة الرئاسة في حركة “أمل”.
إذ أبدى بري قلقه حيال تمادي إسرائيل في تصعيدها الذي لم يقتصر على الجنوب، وطاول بلدات بقاعية في العمق اللبناني.
ونقل مصدر في “أمل” عن بري تشديده على ضرورة تحصين الجبهة الداخلية، ليكون في وسع اللبنانيين استيعاب التصعيد الإسرائيلي الذي لا مبرر له سوى استدراج الحزب لتوسعة الحرب.
وحذّر المصدر، بحسب قوله لـ “الشرق الأوسط”، من رضوخ واشنطن للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو على الرئيس الأميركي جو بايدن، لجهة أنه يتصرف وكأنه أحد أبرز الناخبين في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
فنتنياهو يريد أن يبيع موقفه لواشنطن بأثمان سياسية باهظة، اعتقادًا منه، كما يقول مصدر سياسي بارز، بأن استجابته لطلب بايدن بإزالة العقبات التي تمنع التوصل لوقف النار في غزة، ستسمح لمرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأميركية كامالا هاريس بأن تسجل تقدمًا على منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، بخلاف عدم تجاوبه الذي يبقي على حظوظ الأخير قائمة.
بدورها، أبْدت أوساط سياسية في بيروت لـ “الراي الكويتية” عدم ارتياح كبير لحرص نتنياهو بعد جولته في قاعدة “رمات ديفيد” قرب الحدود مع لبنان، على تأكيد “أننا مستعدّون لأي سيناريو سواء في الدفاع أو الهجوم، وسلاح الجو هو القبضة الحديد التي نستخدمها لضرب نقاط ضعف أعدائنا”.
بالتوازي مع كلام الرئيس الجديد للاستخبارات العسكرية شلومي بندر عن “أن احتمالات التوسع قائمة”، وقبْلها إعلان وزير الدفاع يوآف غالانت “أن الجيش الإسرائيلي استطاع القضاء على لواء رفح التابع لحركة حماس (…) والآن ننظر إلى الشمال”.
في السياق أيضًا، تؤكد مصادر سياسية لـ “الشرق الأوسط” أن الهم الأول للرئيس نجيب ميقاتي وحكومته يكمن في التمديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل” لعامٍ جديد، من دون أي تعديل في المهام الموكلة إليها، وتقول إنه ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب يواصلان تحركهما لمنع تل أبيب من إدخال أي تعديل يؤدي إلى تجويف قرار التجديد من مضامينه، مع استعداد مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قراره بالتجديد لها قبل نهاية الشهر الحالي، وهذا ما يدعو للارتياح بأنّ الاتصالات تُوّجت بتفهم دولي لموقف لبنان.
مواضيع ذات صلة :
كم بلغ عدد الشهداء والجرحى منذ بدء الحرب؟ | تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | إنقسام في كواليس الفريق الممانع بين مَن يدعو إلى مواصلة الحرب ومَن يعترف بصعوبة الوضع |