ميقاتي يُحذّر من “حرب إقليمية واسعة”: ملتزمون بالقرار 1701.. ونريد حلًا جديًا يُعيد الاستقرار
في الوقت الذي يرزح فيه لبنان تحت النيران الإسرائيلية، عقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، جلسة مخصصة للبحث في تطورات الأوضاع والتصعيد القائم بين إسرائيل وحزب الله، حيث شددت كلمات الدول المشاركة على ضرورة وقف إطلاق النار والتوصل إلى اتفاق يُنقذ البلاد من التحول إلى غزة ثانية. بينما ألقى كلمة لبنان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، الذي حذّر من تحوّل ما يحصل إلى اجتياح إسرائيلي بري.
وفي كلمته، عبّر ميقاتي من نيويورك عن ترحيبه بالنداء المشترك الصادر بمبادرة من الولايات المتّحدة الأميركية وفرنسا، وبدعم من الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، لإرساء وقف موقت لإطلاق النار في لبنان”، وقال: “تبقى العبرة في التطبيق عبر التزام إسرائيل تنفيذ القرارات الدولية”.
أضاف: “لقد كانت فرنسا دائمًا صديقة وفية للبنان وشعبه، وقد وقفت إلى جانبنا في أصعب الظروف. وخير دليل على ذلك الجهد المخلص الذي تقوم به فرنسا الآن بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل إصدار بيان مشترك مدعوم دوليًا لوضع نهاية لهذه الحرب القذرة. كما أود أن أعبر عن شكري للجزائر الشقيقة ممثلة المجموعة العربية في مجلس الأمن على دعمها المستمر لنا، وأشكر جميع أعضاء هذا المجلس الكريم على دعمهم المستمر لسيادة لبنان ووحدته واستقراره، كما أنتهز هذه المناسبة لأشكر جميع أعضاء هذا المجلس على دعمهم لقرار تمديد ولاية اليونيفيل بناء لطلب لبنان”.
ميقاتي لفت إلى أننا اليوم، “في لبنان نواجه انتهاكًا واضحًا لسيادة الدولة اللبنانية وحقوق الإنسان عبر الممارسات الوحشية للعدو الإسرائيلي بحق دولتنا وشعبنا اللبناني، من خلال استباحة سيادته عبر إطلاق طائراته ومسيراته في سمائه، وقتل المدنيين فيه شبابًا ونساءً وأطفالاً، وتدمير المنازل، وإرغام العائلات على النزوح في ظل ظروف إنسانية قاسية. هذا عدا عن بث الترهيب والرعب في نفوس المواطنين اللبنانيين وذلك على مرأى من العالم كله دون أن يرف لهم جفن. وللأسف عدد الشهداء المدنيين الأبرياء والجرحى في ارتفاع مستمر، فالمئات من المدنيين قد فقدوا حياتهم في غضون أيام قليلة، والمستشفيات أصبحت غير قادرة على استقبال المزيد من الجرحى. لبنان اليوم ضحية عدوان إلكتروني، سيبراني، جوي وبحري، وقد يتحول إلى عدوان بري، بل إلى مسرح لحرب إقليمية واسعة، وآمل أن أعود إلى بلدي متسلحًا بموقفكم الصريح الداعي لوقف هذا العدوان واحترام سيادة بلدي وسلامته”.
تابع: “ما نشهده اليوم هو تصعيد غير مسبوق، مع اللجوء إلى وسائل وآليات جديدة لا سيما الإلكترونية لإلحاق الأذى بأبناء شعبي. إن المعتدي يزعم أنه لا يستهدف إلا المسلحين والسلاح ولكني أؤكد لكم أن مستشفيات لبنان تعج بالجرحى المدنيين وبينهم العشرات من النساء والأطفال. أمام ذلك يبقى السؤال: من يضمن عدم حصول هكذا اعتداءات على دول أخرى إذا لم تُتّخذ إجراءات رادعة وعقابية حاسمة بحق المعتدي؟ من يكفل لنا كدولة لبنانية أو أي دولة أخرى سلامة غذائها ومائها وأي مواد تدخل أراضيها من أي ضرر”؟
وقال ميقاتي: “إن هذه الأحداث لا يمكن فصلها عن تاريخ طويل من النزاعات والانتهاكات التي عاناها لبنان منذ عقود. وقد شكّلت الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على الأراضي اللبنانية انتهاكًا صارخًا لسيادتنا الوطنية وحقوقنا كدولة عضو في الأمم المتحدة. إن هذا الوضع ليس جديدًا، فلبنان مرّ بفترات طويلة من التوترات والاعتداءات التي كانت تهدد استقراره وسلامة مواطنيه. لكن لبنان يبقى عصيًا على كل التحديات واللبنانيون واجهوا ويواجهون بشجاعة كل الاعتداءات على كل حبة من تراب الوطن”.
ميقاتي أردف قائلًا: “إنني أتحدث باسم لبنان، ووجودي هنا ليس لتقديم شكوى فقط ولا لتقديم عرض مفصل عن عدد الشهداء والجرحى والدمار الذي هجر البشر ودمر الحجر، فذلك مثبت للرأي العام العالمي بالصوت والصورة. إنما وجودي هنا للخروج من هذه الجلسة بحل جدي يقوم على تضافر جهود جميع أعضاء مجلس الأمن للضغط على إسرائيل لوقف فوري لإطلاق النار على كل الجبهات وعودة الأمن والاستقرار لمنطقتنا”.
وشدد رئيس الحكومة على أنّ “الشعب اللبناني يرفض الحرب ويؤمن بالاستقرار ويعمل من أجل المستقبل. ولبنان دولة مؤسسة للأمم المتحدة وهو من المساهمين في وضع ميثاقها، كما شارك لبنان في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، عبر الدكتور شارل مالك. إن هذا الإسهام يعكس إلتزام لبنان العميق القيم الإنسانية والعدالة الدولية. واليوم، باسم هذه القيم التي جمعتنا تحت مظلة الأمم المتحدة، جئنا لنؤكد حق لبنان في الاستقرار والأمن والأمان، وحقه في السيادة والدفاع عنها، وحقه في استعادة أراضيه المحتلة. إن التوترات الحالية ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج تراكمات طويلة من النزاعات والاعتداءات التي لم تجد حلولًا جذرية. إن إسرائيل لم تتوقف عن انتهاك قرارات الأمم المتحدة التي صدرت على مدى سنوات عدة، وخصوصًا القرار 1701، الذي كان من المفترض أن يشكل إطارًا لتحقيق الاستقرار الدائم في جنوب لبنان. لكن للأسف، ما زلنا نرى الانتهاكات الإسرائيلية لسيادتنا على مدار الساعة، برًا وبحرًا وجوًا. إن هذه الانتهاكات المتكررة تقوض كل جهود الاستقرار، وتعرض المنطقة كلها لخطر الانفجار في أي لحظة.
من هنا، أكد ميقاتي “التزام الحكومة اللبنانية القرار ١٧٠١ الصادر عام ٢٠٠٦ عن مجلسكم الكريم الذي أطالبه اليوم بالعمل الجاد والفوري لضمان انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الانتهاكات التي تتكرر يوميًا. كما نؤكد ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على غزة بشكل فوري، لأن تداعيات ما يجري هناك تنعكس بشكل مباشر على الوضع في لبنان والمنطقة وهي لن تقف عند حدوده وإنما قد تشمل كل الشرق الأوسط إن لم يتم معالجتها بالسرعة الممكنة. إن عدم التوصل إلى حل، من شأنه أن يجعل الأمور أكثر تعقيدًا. فاستمرار هذا العنف لن يؤدي إلا إلى المزيد من التصعيد، وهو ما لا يخدم مصلحة أي طرف في هذه المعادلة المعقدة”.
ختم: “إن الأمم المتحدة وُجدت من أجل تعزيز الاستقرار ولكن ما نشهده اليوم هو أن العالم ما زال عاجزًا عن وقف المأساة الإنسانية المستمرة في منطقتنا. لذا، وباسم الشعب اللبناني نضع مجلسكم الكريم أمام مسؤولياته الكاملة لاتخاذ موقف فوري وحاسم ينهي المعاناة المستمرة لشعبنا، تمهيدًا لتعبيد الطريق أمام الحلول الدبلوماسية. لبنان لا يطلب معروفًا، نحن نطالب بحقوقنا المشروعة بموجب القانون الدولي، حقنا كلبنانيين في العيش بأمان، حقنا في حماية سيادتنا الوطنية، وحقنا في مستقبل يُبعِد عن أطفالنا شبح الحروب وأهوال الصراعات. إني أتوجه إلى مجلسكم الكريم وإلى المجتمع الدولي وأقول إنه حان الوقت لرفض العنف والحروب وتطبيق القرارات الدولية بحيث ألا تبقى حبراً على ورق. الأدوات موجودة وما نحتاجه الآن هو الإرادة الصادقة والتعاون الفعال. دعونا لا نضيع هذه الفرصة، يجب أن نتحرك الآن لأننا لا نستطيع تحمل خسارة جيل آخر بسبب الحرب”.
مواضيع ذات صلة :
هولندا تتوعّد بإلقاء القبض على نتنياهو | هل يحقّ لرئيسي مجلسي النواب والوزراء التفاوض مع إسرائيل؟ خبراء يشرحون! | شقير: هناك جدية لدى حزب الله في إنهاء القتال والطابة اليوم بيد إسرائيل |