فضيحة الطحين العراقي تشعل لبنان.. وتقرير يحذر من الأسوأ
تحت عنوان: “فضيحة الطحين العراقي تشعل لبنان.. وتقرير يحذر من الأسوأ”، كتب حسين طليس:
يحاول وزير الاقتصاد اللبناني، راؤول نعمة، جاهدا التغطية على “فضيحة الطحين العراقي” التي هزت الرأي العام اللبناني على مدى الشهرين الماضيين.
وقلل نعمة من شأن التقارير والمعلومات التي تكشف عن سوء إدارة وتخزين وتوزيع واستثمار هذه الهبة التي قدمها العراق للشعب اللبناني في إطار المساعدات الدولية الممنوحة للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت.
وفي آخر تصريح له من السراي الحكومي، طالب نعمة بـ”وقف التداول بهذا الملف” معتبرا أن “التوضيحات” التي قدمها حول هذه القضية كافية لتجيب على الأسئلة التي طرحها الرأي العام اللبناني بعد الفضيحة، حول ظروف التخزين والسلامة الغذائية والتوزيع.
إلا أنه وبالعودة إلى “توضيحات” الوزير والمسؤولين في وزارته، يتضح وجود تناقضات كبيرة ظهرت في تسلسل التبريرات التي رافقت توالي فصول الفضيحة.
تناقضات تدفع لإعادة النظر بالطلب الذي كرره الوزير أكثر من مرة في تصريحه بـ” وقف التداول بهذه القضية” والهدف منه، لاسيما وأن الطحين العراقي دخل مرحلة التوزيع على الأفران ليدخل في صناعة الخبز اللبناني، وسيكون على مدى الشهر المقبل جزءا من الغذاء اليومي لمواطنين لم يتلقوا جواباً شافياً مبرهن علمياً حول سلامة هذا الطحين.
كل ذلك في ظل تقارير تناقض تطمينات الوزير وتحذر من مخاطر تهدد السلامة الغذائية في حال كان الطحين لا يطابق المواصفات الصحية اللازمة، بالإضافة إلى رائحة فساد ومحسوبيات تنبعث من عملية التوزيع وآليتها بعد ورود معطيات موثقة تثبت بيع الطحين في الأسواق. اللبنانية بدلا من توزيعه.
الكشف ممنوع والوزير يناور
بلدية الغبيري كانت أول من كشف عن هذه الفضيحة عبر شرطتها التي توجهت إلى المدينة الرياضية في بيروت لفحص المكان، وأخرجت إلى الرأي العام الصور والفيديوهات الأولى من أسفل مدرجات ملعب كرة القدم التي اعتمدتها وزارة الاقتصاد بالتنسيق مع الجيش اللبناني، كمخزن مؤقت للطحين العراقي، مبينة ظروف تخزين بالغة السوء، لا تستوفي أبسط المعايير الصحية والسلامة الغذائية.
شرطة بلدية #الغبيري تكشف عن كارثة في مستودعات المدينة الرياضية. الطحين عرضة للمياه والرطوبة والهواء. الاف الأطنان من الطحين من المساعدات المرسلة من دولة العراق تخزن بشكل سيئ أسفل المدرجات وفي القاعات السفلية.
بلدية #الغبيري pic.twitter.com/DJtiOpIDdn— Maan M. Khalil (@MaanKhalil71) November 4, 2020
في ذلك الحين دخل وزير الاقتصاد بصفة شخصية على خط التجاذب الإعلامي في هذه القضية مع ما كشفته البلدية، مجيرا حسابه الخاص على تويتر للرد وتقديم التوضيحات، التي بدأت بنكران كامل للفضيحة وتصويرها على قياس “3 أكياس متعفنة” فقط لا غير، مستعرضاً فيديوهات أخرى صورت فيما بعد، تظهر جانباً محدداً من الطحين المخزن ويظهر ملفوفاً بشوادر مختلفة باللون والنوعية عن أكياس النايلون التي ظهرت في الفيديو المنشور من قبل بلدية الغبيري.
تم تخزين حوالي ٧٠٠٠ طن من الطحين في المدينة الرياضية بشكل مؤقت وبسعي من الجيش اللبناني، وذلك لتوزيعه على مراحل على الأفران والمطاحن ليستفيد اللبنانيين من الهبة عبر زيادة وزن ربطة الخبز، مع اخذ كافة التدابير الوقائية الممكنة للحفاظ على الطحين كما يُظهر الفيديو. pic.twitter.com/oM90jRRVBL
— Raoul Nehme (@RaoulNehme) November 4, 2020
إضافة إلى ذلك نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة أخرى تظهر زيف ادعاء الوزير، حيث تبدو أكياس الطحين مرصوفة تحت المدرجات مكشوفة للهواء والأمطار والرطوبة، قبالة الطريق العام الذي يمثل خط سير رئيسي في البلاد، مع ما يعنيه ذلك من انبعاثات وغبار من شأنه أن يصل إلى الطحين.
يا حضرة معالي الوزير، ما في مشكلة بالطحين المشكلة فيك لأنك فاشل وعاطل عن العمل، ما تحاول تغطي فشلك بتخزين الطحين بنتايج المختبرات، ألف شكر إلى دولة العراق وأهل العراق الطيبين https://t.co/rUES5LZ6kH
— Samer N. Eldine (@Samer_Eldine) November 27, 2020
ممكن تشرح لنا بلدية الغبيري كيف “عثرت” على البضاعة المخزنة وكيف ما كان معها خبر فيها 😏
الهبة العينية العراقية (طحين) إجت لأهالي بيروت او للتخزين والإخفاء وفضحتكم الأمطار؟؟؟
— Mariam Majdoline Lahham | مريم مجدولين اللحام (@Majdolineblog) November 4, 2020
وكان فريق من سلامة الغذاء التابع للبلدية قد حاول الكشف في اليوم التالي للفضيحة على المكان لكنه قوبل بمنع من قبل وزير الاقتصاد بحسب ما ذكر أعضاء الفريق.
هنا، يؤكد رئيس بلدية الغبيري معن الخليل في تصريح لموقع “الحرة” أن “فريق البلدية وبعد مرور نحو شهرين على الفضيحة كان لا يزال ينتظر الحصول على إذن للكشف الدقيق على مكان التخزين وأخذ عينات من المكان، لكن هذا الإذن لم يمنح ولم يتم توضيح سبب المنع”.
وزير الاقتصاد يصدر أوامره بمنع فريق سلامة الغذاء في بلدية #الغبيري من الكشف على الطحين في المدينة الرياضية.
مصدر الخبر والفيديو بلدية الغبيري. pic.twitter.com/JeCIVtL70p— edmondsassine ادمون ساسين (@edmondsassine) November 5, 2020
تقرير يكشف الأسوأ
وحول الواقع الحالي للطحين الذي يزال جزءا كبيرا منه مخزن بالظروف نفسها في المكان نفسه، يحيلنا رئيس البلدية إلى التقرير الأولي الذي أصدرته البلدية وفيه كشفت عن مشاهدات سجلها فريق سلامة الغذاء بتاريخ 24\11\2020 أبرزها بحسب البيان:
“- كميات كبيرة من الطحين موزعة بشكل عشوائي بالقرب من مجاري المياه الآسنة التي تنبعث منها الروائح الكريهة والبعض الآخر بشكل مباشر فوق المصافي على قواعد خشبية صغيرة وقليلة الارتفاع. في حين أن المكان غير مجهز بشفاطات لتغيير الهواء وليس هناك اضاءة وهناك رطوبة عالية مع روائح منبعثة من كافة أرجاء المكان.
– أثر كبير للقوارض والحشرات حيث يوجد كميات كبيرة من براز الجرادين والحشرات منتشرة بالقرب من أكياس الطحين.
– أكياس طحين متعفنة وأخرى عليها علامات وروائح عفن. وهناك كميات كبيرة من الطحين المنتشر والموزع في أرجاء المكان بدون طبليات والبعض مرمي ومفتوح على الأرض
– أكياس الطحين متكدسة بشكل مرتفع على مقربة من الأسقف وهي تلامس الأسقف التالفة الرطبة والمتقشرة.
– أنابيب المصارف مفتوحة مباشرة على مصافي وفتحات مصارف بشكل مباشر قرب الطحين المتكدس، وهناك قوارض ميتة بين الأكياس بسبب المعالجة الخاطئة.
– أطنان من الطحين جزء منها مغطى بالنايلون وجزء مكشوف للشمس والهواء الشتاء. بعض الاماكن المغطاة بالنايلون تحتوي على برغش وذباب كثيف يتحرك تحت النايلون وينبعث منه روائح كريحة.”
وتخلص البلدية إلى أن “آلاف الأطنان من الطحين مخزنة بطريقة لا تستوفي أي شرط من شروط التخزين السليمة. مع الاشارة الى أن هذا الطحين قد تعرض أيضا لدرجات حرارة متفاوتة بدأ من تاريخ التخزين في الوقت حيث كان الجو حارا جدا الى يومنا هذا، وهو الامر الذي يؤدي إلى إفساده أيضا. وعليه يمكن اعتبار أن جزءا كبيرا من الطحين أصبح فاسدا وغير صالح للاستخدام.”
وبدلا من تفنيد كل تلك المعطيات المقدمة للرأي العام حول ظروف التخزين، اكتفى وزير الاقتصاد بعرض تقرير عبر تويتر صادر عن مختبر معهد البحوث الصناعية لـ4 عينات مأخوذة من الطحين العراقي، يفيد بأنها صالحة للإستخدام.
لقراءة التحقيق كاملاً، اضغط هنا
مواضيع ذات صلة :
بيان توضيحي من وزير الاقتصاد عن هبة الطحين العراقي… هذا ما تضمنه! |