“التوغل البري” يهدف إلى تدمير أنفاق “الحزب”.. وإسرائيل: لا نطمح للتوسع لكن كل السيناريوهات مطروحة!
جاءت التحركات الإسرائيلية البرية في أعقاب غارات مكثفة على لبنان على مدى الأسبوعين الماضيين، والتي أسفرت عن سقوط مئات الشهداء والضحايا المدنيين، في محاولة للقوات الإسرائيلية فرض واقع جديد مع حزب الله من أجل تأمين عودة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم.
وتشير طبيعة القوات والمهام الموكلة إليها ومحاولات التسلل إلى بلدات مارون الراس وكفر كلا إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي تسعى لعمليات استطلاع بالنيران الحية لفحص قدرات حزب الله القتالية وإمكانية توسيع العملية البرية أو الاقتصار على عمليات خاصة ومحدودة.
وقال الجيش الاسرائيلي إن القوات البرية ستعمل على استهداف مقاتلي حزب الله والبنية التحتية في القرى الواقعة على طول الحدود، وفي حين أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن المسؤولين العسكريين والسياسيين وافقوا رسميا على “الخطوات التالية” للعملية، تبرز تساؤلات عن السيناريوهات المتوقعة لمسار العمليات البرية للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان.
ورغم أن الجيش الإسرائيلي أعلن أن قواته “بدأت غارات محدودة وموجهة ضد أهداف لحزب الله”، فإن الخطة قد تتطور إلى عملية أوسع وأطول أمدا، خصوصا مع نشر آلاف من القوات الإضافية في الشمال في الأيام الأخيرة.
وفي السياق الحالي، فإن الأهداف التي يكررها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من القادة السياسيين والعسكريين، والتي تشمل تفكيك بنية حزب الله العسكرية وخاصة الصاروخية منها أو ما يسميه نتنياهو “منع تكرار هجوم السابع من أكتوبر”، يعني بالضرورة أن العمليات المحدودة المعلن عنها لا تفي بالغرض.
فتحقيق هذه الأهداف يتطلب سيطرة دائمة أو طويلة الأمد لمنطقة واسعة تصل إلى العمق اللبناني وقد يشمل العاصمة بيروت، وهو الأمر الذي يشكك الكثير من المراقبين بقدرة الجيش الإسرائيلي على تنفيذه في ظل المواجهة مع حزب الله.
إذ شكل الاشتباك الأول بين مقاتلي حزب الله والقوات الخاصة الإسرائيلية درسا قاسيا للأخيرة التي تكبدت خسائر فادحة في الساعات الأولى لعملياتها البرية داخل الأراضي اللبنانية، وأقر الجيش الإسرائيلي بمقتل 8 من العسكريين من بينهم 3 ضباط جراء تعرضهم لكمين.
من جهته، قال مركز “زيف” الطبي الإسرائيلي إنه استقبل 39 جنديا مصابا، وصلوا بواسطة المروحيات ومركبات الإسعاف العسكرية.
وعلى الرغم من النتائج الصعبة التي سجلتها المرحلة الأولى من العمليات البرية، فمن المتوقع أن يعمد الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ إستراتيجية توسيع متدرج لعملياته في جنوب لبنان، فقد سبق له أن أعلن أن الفرقة 98 في الجيش بما في ذلك لواء غولاني وقوات خاصة من مختلف القطاعات قد انضمت للقوات المحتشدة في الجبهة الشمالية للمشاركة في العمليات البرية جنوب لبنان.
في السياق أفادت “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين إسرائيليين بأن هدف التوغل الإسرائيلي في لبنان هو تدمير الأنفاق والأسلحة التي أعدها حزب الله بالقرب من الحدود بين البلدين.
ووفق المصادر، فإن الجيش الإٍسرائيلي لم ينوِ أن يتحول التوغل إلى حرب برية واسعة النطاق في لبنان. وذلك في وقت اعترف أحد المسؤولين الإسرائيليين، بأن الأحداث الجارية يمكن أن تتطور ديناميكيتها الخاصة: “هذا ليس في أذهاننا، ولكن بالطبع يمكن جرنا إلى مثل هذا السيناريو”.
ومن المرجح أن تشبه حرب إسرائيل الأخيرة في لبنان حملتها ضد حماس في غزة، كما نقلت “وول ستريت جورنال عن سنام فاكيل، رئيسة برنامج الشرق الأوسط في مركز شاتام هاوس للأبحاث ومقره لندن.
وأضافت “في غزة، استخدم الجيش الإسرائيلي الغارات والغارات الجوية لتدمير أكبر قدر ممكن من قوة حماس القتالية وأسلحتها ونظام الأنفاق، في حين احتفظ بممرين عبر القطاع.”
وأردفت فاكيل “كما حدث في غزة، أتوقع أنهم سوف يستخدمون التهديد بالتواجد الطويل الأمد كأداة مساومة في المفاوضات”.
وختمت حديثها بالقول إن التوغل سوف يتحول بسهولة إلى احتلال ممتد لمنطقة عازلة، وهو ما من شأنه أن يساعد حزب الله على حشد صفوفه.
وبناء على نتائج هذه المرحلة، من المرجح أن ينتقل الجيش الإسرائيلي إلى اجتياح محدود بعمق أقل من 10 كيلومترات على طول الحدود الجنوبية للبنان، وتهدف هذه العملية إلى التأثير على قدرات حزب الله في استخدام الصواريخ قصيرة المدى ومضادات الدروع التي تستهدف القوات المحتشدة على طول الحدود الشمالية، مما يتيح للقوات الإسرائيلية حرية أوسع في تنظيم عمليات التموضع والحركة لتعزيز حملة الاجتياح في مرحلتها الثانية.
ويرى الإسرائيليون أن المنطقة الواقعة جنوب الليطاني تشكل مسرح العمليات الرئيسي لقوات الرضوان التابعة لحزب الله، والتي تعتبرها إسرائيل تهديدا استثنائيا.
وكان الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله قد أكد أن “الخيارات مفتوحة، وسنواجه أي احتمال في حال دخل الإسرائيلي بريا”، مشددا على أن قوات المقاومة جاهزة للالتحام البري.