عون والمشرقية المنكوبة.. والتأليف يسير على “إيقاع فيينا”
كتب منير الربيع في “المدن”:
ينتظر لبنان “الأنس في فيينا”. وإيران تتجه غرباً. والجنرال يرى “الجنة” في المشرقية. وما كان حسن نصر الله ليبادر إلى القبول بصيغة مقترحة، لو لم يكن يعلم أن لحظة الحوار اقتربت. فهو فتح الطريق أمامها قائلاً إن القوى المنتمية إلى محور الممانعة جاهزة للدخول في تسويات للخروج من هذا الواقع الصعب.
شرق الشرقيين
حتى نصر الله اعترف بالواقع الصعب. أما ميشال عون فلا يزال في مشرقيته، داعياً إلى الانخراط في سوق اقتصادية مشتركة، ولم يوضح ما إذا كانت عربية أم مشرقية. لكنها بالتأكيد سوق لاقتصادات منكوبة. وهي الحال التي لا تزال قائمة بين خيارين: “هانوي أو هونغ كونغ”.
وقد يخرج من يقول إن إيران وقّعت قبل أيام اتفاقاً استراتيجياً بمليارات الدولارات مع الصين. وهذا صحيح، لكنه اتفاق لا يخرج عن سياق الرغبة في الانضمام إلى الشرق، وتسريع خطواتها في هذا السبيل، ولا يمكن أن ينجح بدون موافقة الغرب وترتيب العلاقات به.
وبمعنى أوضح: لو اختار لبنان التوجه شرقاً، لن يكون هذا الشرق قادراً على إنقاذه من محنته ما لم يكن الغرب شريكاً وضامناً وداعماً. فها هي سوريا في قلب الشرق، وإيران من دعاة الترويج له. ويمكن مراقبة أرقام النمو واقتصادات وماليات هذه الدول وأحوالها المعيشية، لنكتشف حجم الكارثة فيها.
اقتصادات عون المنكوبة
لا حاجة للحديث عن سوريا ووضعها المعيشي أو “السوق” التي يدعو عون إلى الانضمام إليها. ربما لا يرى طوابير السوريين بحثاً عن قطرة محروقات أو كسرة خبز. وفاته أيضاً أن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي يبحث عن كيفية العودة إلى الحضن العربي من بوابة السعودية، بحثاً عن أفق، وعن دعم ومساعدة. وربما لا يدرك الرئيس اللبناني الوضع الاقتصادي للأردن.
فات أصحاب نظرية الذهاب إلى السوق المشتركة مع سوريا أن روسيا والصين وكل دول العالم، غير قادرة على ضخ دولار واحد في السوق السوري بفعل قانون قيصر. ولا يمكن لهذه الدول “الشرقية” أن تحدث أي تغيير أو نقلة نوعية في الاقتصاد السوري بدون رضى الغرب، ودعم العرب وشراكتهم.
والعرب يغيبون دوماً عن اهتمامات الرئيس وفريقه. ولو كان الشرق كافياً، فما حاجة طهران للذهاب إلى مفاوضات فيينا، وإعادة ترتيب العلاقة مع الولايات المتحدة والأوروبيين بموجب الاتفاق النووي؟
كلام للابتزاز أو للإثارة؟
يتناقض حصر دعوة الرئيس إلى سوق اقتصادية مشتركة مع سوريا والعراق والأردن، مع جوهر المبادرة الفرنسية والشروط المطلوبة لتشكيل حكومة إصلاح. وموقف عون يتكامل مع ما طرحه نصرالله في خطابه ما قبل الأخير: الاتفاق على البرنامج الاقتصادي للحكومة، وفرض شروطها على صندوق النقد الدولي. وهذا يكفي لنسف أي تفاوض مع الصندوق وكل إمكانية للحصول على مساعدات.
وهنا يكون لبنان أمام احتمالين: إما أن الكلام هو للكلام فقط، أو ابتزازياً لجذب اهتمام الغرب. أو أن التناقض الذي يتحكم بالسياقات والتوجهات كلها لا يزال طاغياً على منهجية العهد وسياسته، لن يعود بأي نتيجة إيجابية على لبنان.
وفي الأحوال كلها، لا بد من انتظار فيينا، سياساً، حكومياً، واقتصادياً. ربما يحلم عون وباسيل بتكرار مشهد محمد جواد ظريف على إحدى الشرفات ضاحكاً وملوحاً بوثيقة الاتفاق مع دول الخمسة زائد واحد.
وينتظر تشكيل الحكومة اللبنانية مباحثات فيينا، ومسارها يوحي أنها تسلك طريقاً متقدماً، بغض النظر عن كل التصريحات التي تخرج من هنا وهناك. وملامح التشكيلة الحكومية اللبنانية، وضعت: 24 وزيراً، بلا ثلث معطل. وتبقى الجوانب التفصيلية الأخرى تتأرجح على إيقاع مباحثات فيينا. وفي مثل هذه المعادلة، لا قيمة لطروحات “السوق المشرقية” أو التوجه شرقاً.
مواضيع ذات صلة :
مش كل صهر سندة ضهر | هوكشتاين يُطلع عون على مسار مفاوضات وقف النار | عون عن اغتيال السيد حسن نصرالله: افتقدُ على الصعيد الشخصي صديقاً شريفاً |