لبنان يُحذّر من مغبّة استمرار الخروقات.. ودعواتٌ إسرائيلية لعودة الاستيطان جنوبًا
على وقع التحذيرات التي أطلقها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من القاهرة، من خطورة استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، تواصلت أمس عمليات نسف عدد من المناطق في القرى الحدوديّة، حيث أدّت التفجيرات الضخمة التي نفذها الجيش الإسرائيلي في المنطقة إلى ارتجاجات سمعت أصداؤها في مناطق جنوبيّة عدّة.
في التفاصيل، أدّت تفجيرات وعمليات نسف لمنازل في بلدة كفركلا ليلًا، إلى ارتجاجات سمعت في مختلف أنحاء الجنوب، ولا سيما في أقضية مرجعيون والنبطية.
كما شهدت الوقائع الميدانية استمرار عمل الجرافات الإسرائيلية لليوم الثالث في تدمير وجرف منازل في الأحياء الداخلية في الناقورة.
وبعد يومين من دخولها إلى بلدة بني حيّان، انسحبت القوات الإسرائيلية من البلدة اليوم، إثر قيامها بعمليات تجريف للطرقات وتفجير وهدم عدد من المنازل.
وكانت بلدية بني حيان قد ناشدت “الحكومة اللبنانية وجيشنا الوطني الذي نثق به والمجتمع الدولي والهيئة المولجة مراقبة تنفيذ مضمون القرار 1701، بالعمل الفوري على إجبار العدو الإسرائيلي على الخروج والانسحاب من بلدتنا بني حيّان الذي، يُمعن منذ صباح يوم الأربعاء 18/12/2024 ولا يزال، بتدمير منازل البلدة وأماكن العبادة فيها وتجريف البنية التحتية دون رادع”.
كذلك فجّر الجيش الإسرائيلي عددًا من المنازل في بلدة طير حرفا، فضلًا عن تنفيذ تفجيرات متتالية على أطراف بلدة علما الشعب، قبالة موقع حانيتا.
فيما كشفت وحدات من قوات “اليونيفيل” على الأودية الواقعة عند مجرى نهر الليطاني في ظل تحليق للمسيّرات التجسسية الإسرائيلية على علو منخفض في أجواء المنطقة.
في وقت تواصل وحدات الجيش اللبناني فتح الطرقات ورفع الركام وإجراء مسح هندسي وتفجير الذخائر غير المتفجرة في المناطق، وإفساحًا في المجال لعودة الأهالي إلى منازلهم عندما تتوفر الظروف المؤاتية.
وصباح اليوم، ذكّر المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي مجددًا سكان جنوب لبنان، أنه “حتى إشعار آخر يحظر عليهم الانتقال جنوبًا إلى خط القرى ومحيطها”.
وكتب أدرعي عبر موقع “إكس”: “الجيش الاسرائيلي لا ينوي استهدافكم ولذلك يحظر عليكم في هذه المرحلة العودة إلى بيوتكم من هذا الخط جنوبًا حتى إشعار آخر. كل من ينتقل جنوب هذا الخط – يعرض نفسه للخطر.
وكذلك يرجى عدم العودة إلى القرى التالية: الضهيرة، الطيبة، الطيري، الناقورة، أبو شاش، ابل السقي، البياضة، الجبين، الخريبة، الخيام، خربة، مطمورة، الماري، العديسة، القليعة، ام توته، صليب، ارنون، بنت جبيل، بيت ليف، بليدا، بني حيان، البستان، عين عرب مرجعيون، دبين، دبعال، دير ميماس، دير سريان، حولا، حلتا، حانين، طير حرفا، يحمر، يارون، يارين، كفر حمام، كفر كلا، كفر شوبا، الزلوطية، محيبيب، ميس الجبل، ميسات، مرجعيون، مروحين، مارون الراس، مركبا، عدشيت القصير، عين ابل، عيناتا، عيتا الشعب، عيترون، علما الشعب، عرب اللويزة، القوزح، رب ثلاثين، رامية، رميش، راشيا الفخار، شبعا، شيحين، شمع، طلوسة”.
مطالبة إسرائيلية بعودة التوطين في جنوب لبنان
بالمقابل، وبعد أيام على نصب خيمة في مارون الراس وتأكيدًا على جهودها ومساعيها للاستيطان في جنوب لبنان، قالت حركة “عوري تسافون” الاستيطانية إنها تطالب بعودة التوطين في جنوب لبنان، لأن الاستيطان اليهودي في لبنان هو أمر صحيح أخلاقيًا وتاريخيًا وأمنيًا، فالاستيطان وحده سيجلب الأمن إلى الشمال، وسيبث العزم والقوة ضد أعداء إسرائيل.
وأضافت الحركة في بيانها، بأن المنطقة التي نفذت فيها نشاطها، لن تكون قريبًا خلف الحدود، بل مستوطنة في أرض “إسرائيل”.
في هذا الوقت، لم يعد سكان شمال إسرائيل إلى مستوطناتهم المحاذية للحدود بشكل كبير. ويعود ذلك، وفقًا لمراسل القناة الـ 12 الإسرائيلية في الشمال، غاي بيرون، إلى أنه “في اختبار النتائج، السكان لا يقبلون بالصورة الأمنية التي يقدمها الجيش الإسرائيلي، بحيث أن قلة قليلة هم الذين عادوا إلى منازلهم حتى الآن”.
بيرون أضاف بأنه في نظرة مستقبلية، تبدو الصورة ليست جيدة، لأن نحو 33 في المئة من النازحين في الشمال لا يريدون العودة إلى منازلهم الآن، في حين أن “هذا الرقم كان 13 في المئة فقط قبل ثمانية أشهر”.
ميقاتي يُحذّر
هذه الوقائع دفعت رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى التحذير من مغبة الاستمرار بهذه الخفة بالتعامل مع الخروقات الإسرائيلية المستمرة، ووفق مصادر مطلعة على أجواء زيارته إلى القاهرة أمس، أفادت صحيفة “الديار” بأنّ ميقاتي طالب بالضغط على إسرائيل من أجل وقف خروقاتها، وأبلغ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنه لا يضمن بعد انتهاء مهلة الشهرين، أن لا يبادر حزب الله إلى الرد على الجيش الاسرائيلي بالمثل، بعدما باتت الحكومة ومعها الجيش في وضع لا يحسدان عليه أمام اللبنانيين، الذين باتوا يلمسون أن القرارات الدولية لا تحميهم، ما قد يعيد الأمور إلى “نقطة الصفر” ويهدد مجددًا بجولة جديدة من العنف.
وقد وعد الرئيس المصري بالتحرك على أكثر من صعيد لمحاولة إلزام إسرائيل بالتوقف عن خروقاتها والتزام تنفيذ بنود الاتفاق.
ميقاتي: لبنان يُعوّل على وقوفكم إلى جانبه
يأتي ذلك في وقت شارك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس، غداة زيارته إلى تركيا، في أعمال القمة الـ11 لـمنظمة الدول الثماني النامية للتعاون الاقتصادي التي عقدت في القاهرة، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ميقاتي أثار في كلمته الخسائر الفادحة التي تكبدها لبنان نتيجة الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليه، وقال: “لبنان اليوم يعوّل كثيرًا على وقوفكم إلى جانبه في محنته المستجدة، لكي يستطيع أن ينهض من جديد ويتخطى المصاعب الكبيرة التي تواجهه، بدءًا بمعالجة تداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير”.
أضاف: “جئتكم اليوم من بلدي لبنان برسالة أمل بأننا كنا وسنبقى شركاء فاعلين في كل اللقاءات التي تجمع دول العالم للبحث في الهموم المشتركة والسعي لحل الأزمات المتراكمة. لكن هل يستقيم الحديث عن التعاون الاقتصادي فيما يستمر العدوان الإسرائيلي على لبنان وسوريا وغزة، حاصدًا الشهداء والجرحى والدمار غير المسبوق في كل القطاعات؟ وهل يستقيم الحديث عن التنمية ونحن نشهد كل يوم انتهاكًا جديدًا لحرمة أرضنا وسيادتها”؟
ميقاتي تابع معتبرًا أنّ “المدخل الحقيقي لولوج باب التنمية يبدأ باحترام الشرعية الدولية وتطبيق القوانين والمعاهدات والقرارات ذات الصلة بدءًا من القانون الدولي الإنساني والضغط على إسرائيل التي تواظب على عدوانها التدميري الذي لم يوقف عجلة التنمية في لبنان فحسب، بل أعاد الكثير من القطاعات سنوات طويلة إلى الوراء. ومن جهتنا نؤكد موقفنا الثابت بالالتزام بالقرارات الدولية لا سيما القرار 1701”.
مواضيع ذات صلة :
تداعيات الحرب لم تنتهِ بعد.. التدمير مستمر ورحلة إزالة مخلفات القصف طويلة | إسرائيل الوالي الجديد | معوض: سقوط النظام السوري بداية لعدالة إلهية وندعو لبناء دولة حقيقية |