عظات دينية تناشد ضمير المسؤولين.. “انتخبوا رئيساً للجمهورية”

مع بداية العام الجديد، ركزت العظات على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وإخراج لبنان من دائرة الفراغ.
البداية من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والذي ترأس قدّاساً إلهيّاً لمناسبة عيد رأس السنة ويوم السلام العالمي، في بكركي، وقال في عظته: “أرحّب بكم جميعًا للاحتفال معًا بهذه الليتورجيا الإلهيّة، التي بها نحتفل باسم يسوع المخلّص والفادي، ونبدأ العام الجديد 2025. ويطيب لي بالمناسبة أن أقدّم لكم التهاني بالعيد، أنتم الحاضرون ولكلّ الذين يتابعوننا عبر محطّات التلفزيون في لبنان والنطاق البطريركيّ وفي عالم الانتشار. نسأل الله أن يجعلها سنة خير ونعم، وبركات من لدن الله الذي “منه كلّ عطيّة صالحة”.
وأضاف: “لقد حلّت المعموديّة محلّ رتبة الختان بكلّ رموزها: بالمعموديّة ننتسب إلى شعب الله الجديد الذي هو الكنيسة، ونصبح أعضاء في جسد المسيح السرّي. إنّها الولادة الجديدة من الماء والروح، والمشاركة في موت المسيح وقيامته: الموت عن الإنسان القديم، إنسان الخطيئة، والقيامة لحياة جديدة، لإنسان جديد، إنسان النعمة. هذا ما تدلّ عليه رتبة التغطيس في الماء ثلاثًا. وبالمعموديّة، يُعطى الطفل اسمًا. كانت العادة وما زالت أن يعطى المعمّد والمعمّدة اسمًا ثانيًا، اسم قدّيس ليكون شفيعه في الحياة. أمّا اسم “يسوع” فيعني لنا، حسب اللفظة العبريّة-الآراميّة، الانتصار باسمه على الخطيئة والأرواح الشريرة والشفاء منها. فهو بموته افتدى الجنس البشريّ وحرّره من الخطيئة والأرواح الشريرة، وبقيامته أعطى الحياة الجديدة. والمؤمنون والمؤمنات بقوّة نعمته، بالمعموديّة والتوبة والقربان، يحقّقون هذا الانتصار والتحرّر والشفاء”.
وإعتبر الراعي أنّه “في سنة 2025، تحتفل الكنيسة باليوبيل الكبير، وهو حدث يملأ القلوب بالرجاء. انه سنة النعمة التي تأتي من قلب الفادي، وتجعلنا نصغي الى الصراخ اليائس، صراخ الإنسانية المهدّدة. الله لا يتوقف ابدًا عن سماعه، ونحن مدعوون الى ان نكون صوتًا لمختلف حالات الاستغلال والظلم؛ فيجب ان يشعر كل واحد منا انه مسؤول بطريقة او بأخرى عن الدمار الذي يتعرّض له بيتنا المشترك، وأشير خصوصًا الى عدم المساواة بجميع انواعها، والمعاملة اللاإنسانية تجاه المهجرين، والتدهور البيئي، ورفض أي حوار، والتمويل الهائل لصناعة الأسلحة. هذه كلها عوامل تشكّل تهديدًا حقيقيًا لحياة البشرية جمعاء”، داعياً إلى “تحطيم سلاسل الظلم واعلان عدالة الله. ولن تكفي بعض الأعمال الخيرية من حين الى آخر، بل هناك حاجة الى تغييرات ثقافية وهيكلية لتحقيق تغيير دائم”.
وحول الاستحقاق الرئاسي، قال البطريرك: “نتطلّع إلى اليوم التاسع من هذا الشهر، حيث يلتئم المجلس النيابيّ لانتخاب رئيس للجمهوريّة. فإنّا نرافقهم بالصلاة من أجل نجاح مشاوراتهم وانتخاب الرئيس الأقدر والأنسب للبنان وللبنانيّين اليوم”، محذّراً من “تأجيل الانتخاب لسبب أو لآخر، فإن حصل، لا سمح الله، فقد النواب ثقة اللبنانيّين جميعًا، وثقة الأسرة الدوليّة. فحذارِ رهن لبنان لشخص أو لمجموعة. فلبنان يخصّ جميع اللبنانيّين لا فئة دون أخرى. وعليه فالمرشّح الذي يحصل على الأصوات المطلوبة في المادّة 49 من الدستور هو رئيس كلّ لبنان وكلّ اللبنانيّين، وتقتضي أوضاع لبنان اليوم مساندته من الجميع”.
وختم: “فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، من أجل إحلال سلامٍ دائمٍ وعادل في ربوعنا، ومن أجل انتخاب رئيس للجمهوريّة، في التاسع من الشهر الجاري يكون على مستواها، ولخيرها الأكبر. ونرفع نشيد المجد والشكر للآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، الآن وإلى الأبد، آمين”.
من جهته، وجّه كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، مع بداية السنة الجديدة “رسالة إلى رعاة ومطارنة وأساقفة وأبناء وبنات الكنيسة أينما حلّوا في بلاد الوطن والإنتشار”، قال فيها: “نبدأ هذه الأيام المباركة بالتوجه إلى الله، ربّ السماوات والأرض، طالبين منه أن تكون هذه السنة مليئة بالخير والبركات. نرفع أيدينا متضرعين أن يمنحنا الصحة والعافية، ويغمرنا بفيض نعمه، ويرشد خطانا إلى العيش المطمئن في ظل رحمته وسلامه. فلنبدأ هذا العام بإيمان قوي وقلوب مفعمة بالرجاء، مستعدين لتجديد حياتنا وجعلها انعكاسًا لإرادته الصالحة ومحبته غير المحدودة”.
وأضاف: “إنّ الأيام التي تمضي ليست مجرّد صفحات من الزمن تُطوى، بل هي دعوة إلهية لنا للتأمل، والمراجعة، والتجدد. فهل نستطيع أن نترك الحقد والكراهية جانبًا؟ هل نحن قادرون على أن نجعل المحبة أساسًا لعلاقاتنا في عائلاتنا ومجتمعاتنا؟ مع بداية هذا العام، نتأمل في دعوة يوم السلام العالمي التي تُذكّرنا برسالتنا الإنسانية والروحية، وضرورة كسر قيود الأنانية والمخاوف التي تقيّدنا. لبنان والشرق الأوسط، هذا العالم المليء بالآلام والدمار، يحتاج إلينا نحن المؤمنون لنحمل رسالة الرجاء، ونعمل بلا كلل لإحياء النفوس وبناء ما تهدم”.
وتابع: “إنّ السلام يبدأ من أعماقنا، من قلوبنا. فلنجعل المغفرة والمصالحة عنوانًا لحياتنا. لنرفع أنظارنا نحو السماء، طالبين القوة لنحيا على مثال العائلة المقدسة، فنحفظ عائلاتنا متماسكة، ونبني أوطاننا على أساسات المحبة والإيمان والعمل المشترك”.
كما قال: “إلى المسؤولين في لبنان والعالم، أنتم مدعوون لتحمّل مسؤولياتكم أمام الله والشعب. عودوا إلى ضمائركم، اجعلوا مصلحة الأوطان والشعوب فوق كل اعتبار. في هذه اللحظة المصيرية، لبنان بحاجة إلى رئيس يكون للجميع، لا لفئة دون أخرى. رئيس مؤمن يحمل في قلبه روح الخدمة، يعمل بجديّة ووحدة ليجمع اللبنانيين كلهم دون استثناء. نحن بحاجة إلى قادة ينظرون إلى الأمام، يضعون خريطة مستقبلية تمتد لخمسين عامًا، لا مجرد سنوات معدودة. علينا جميعًا أن نكون معه، داعمين وملتزمين، ليكون هذا القائد رمزًا للوحدة والانفتاح والنهضة”.
وختم: “لا ننسى أن نتضرع إلى الله من أجل السلام في الشرق الأوسط. لنرفع الصلوات من أعماق قلوبنا كي ينهي الرب الحروب التي أنهكت منطقتنا، ويزيل الكراهية التي مزّقت الشعوب. لنطلب منه أن يُعيد السلام إلى أرضه المباركة، وينشر نعمة المحبة بين الجميع، ويمنحنا القوة لبناء مستقبل مليء بالفرح والطمأنينة. فلنتحد بالإيمان، ونجعل من هذا العام بداية جديدة حقيقية، عامًا نعيش فيه تحت بركة الله، نعمل معًا بيد واحدة وقلب واحد لصنع الخير والسلام، ونخط طريقًا نحو وطن مزدهر وشرق متجدد ومبارك”.
أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، فقد ترأس لمناسبة ذكرى ختانة يسوع المسيح بالجسد وتذكار القديس باسيليوس الكبير ورأس السنة، خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس في ساحة النجمة.
وأضاف، “يا أحبة، نحن على أعتاب سنة جديدة سوف نصلي بعد قليل لكي تكون سنة خير ورفاه، وأن يوطد الله روح السلام في العالم أجمع ويحفظ هذه المدينة وسائر المدن والقرى من الجوع والوباء والزلازل، ومن غارات القبائل الغريبة والحروب الأهلية والميتات الفجائية، نحن نستقبل السنة الجديدة براحة مصحوبة بالقلق، راحة من أثقال العام الماضي ومآسيه، وقلق على المستقبل الذي نرجو أن يكون، بمشيئة الله، مشرقا. لقد أعطيت لنا فرص كثيرة، في هذا البلد، لانطلاقة جديدة وحياة أفضل، لكن قادة هذا البلد رفضوا اغتنامها، فوصلت بنا الحال إلى الأسوأ”.
وتابع، “بعد أيام، تأتي فرصة أخرى طال انتظارها: اجتماع نواب الأمة لانتخاب رئيس نأمل أن ينتخب بإرادة لبنانية، وقناعة لبنانية بشخصه وكفاءته، وأن يكون مترئسا بحسب قلب الله، وأن يكون قلبه على لبنان، لا مصالح شخصية ضيقة له، ولا ارتباطات تعيق أمانته لبلده، فينقل هذا البلد الجريح إلى بر الأمان، عبر إرساء مبدأ العدالة، وخضوع الجميع للقانون، ومحاسبة كل مقصر، كائنا من كان، وإعادة الهيبة للدولة، وترميم قنوات التواصل مع الداخل والخارج، مرمما الصورة المشوهة التي رسمها المسيئون إلى وطننا الحبيب”.
وأكمل المطران عودة، “نأمل أن يكون الرئيس الجديد غربالا لا يمر عبره أي سوء أو فساد، إنسانا يقف الوقفة الشجاعة في وجه كل مخطئ، على مثال القديس باسيليوس، خادما للشعب لا متسيدا عليه، عاملا بما يمليه عليه ضميره، ومؤمنا أن الله الذي يرى في الخفاء يجازي علانية. ولكي يسير البلد نحو النور، لا يكفي أن يكون هناك رئيس ومجلس وزراء وبرلمان، بل الدور الأهم هو للشعب الذي يعول على وعيه ومحبته لأرضه، وهذا يبدأ من عدم رمي القاذورات في الشوارع، مرورا بمحبة البيئة والطبيعة، وصولا إلى احترام القوانين، ومحاسبة المسؤولين، ومحبة كل مواطن لأخيه المواطن من دون تفرقة على أساس الدين والمذهب والإنتماء. لقد خلقنا الله على صورته ومثاله، وما يميز لبنانيا عن الآخر هو حسه الوطني الصادق، وإيمانه ببلده، وإخلاصه له. متى وصلنا إلى هذه المرحلة، يمكننا أن نطمئن على مستقبل لبناننا الحبيب”.
وقال عودة: “لقد كان العام المنصرم حافلا بالمتغيرات والأحداث والحروب والإغتيالات، وكان لبنان ساحة لتصفية الحسابات وإشهار المواقف. أملنا أن يكون العام القادم عام ولادة جديدة للبنان جديد، بعد إجراء قراءة متأنية لما حصل في العام الماضي، واتخاذ العبر. وأول خطوة تكون بالإنتقال من لبنان الساحة إلى لبنان الدولة التي يحكمها الدستور والقانون، واقتناع الجميع أن لا ملجأ لهم إلا الدولة، وأن الإنتماء إلى الطائفة يأتي بعد الإنتماء للوطن”.
وشدّد على أنَّ “اللبناني أن يفتخر بانتمائه إلى لبنان، وأن يعي مسؤوليته تجاه وطنه. وعلى الدولة أن تعي واجباتها تجاه مواطنيها، وأن تؤمن لهم الإستقرار والأمان، وتعمل على تحفيز الإنتاج وتشجيع المبادرات، والإعتماد على سواعد اللبنانيين وأدمغتهم عوض استجداء المساعدات. اللبناني إنسان مبدع وخلاق، وهو قادر على النهوض ببلده وإنعاش اقتصاده وإنماء مناطقه متى تأمنت الأجواء المريحة له. ما على الدولة إلا أن تستعيد هيبتها وتسترجع ثقة الداخل والخارج بها، وتترك أبناءها للعمل والإبداع”.
مواضيع ذات صلة :
![]() بالفيديو: تفاصيل لقاء الرئيس عون وأورتاغوس | ![]() تأجيل موعد الإفطار الرمضاني في بعبدا من 4 إلى 20 آذار | ![]() الرئيس عون: نحن مع حرية التعبير السلمي.. ولا صحّة إطلاقاً للادعاء بأنّ الطائفة الشيعية محاصرة |