الأسوأ في الـ80 سنة الماضية… “سنة شحيحة” في لبنان والعين على ثلوج “أسيل”!

لبنان 4 شباط, 2025

وسط موجة جفافٍ مقلقة، يعيش لبنان بانتظار المنخفضات الجويّة الموعودة ليُعوّض بعضًا من نسبة المُتساقطات التي جاءت خجولةً جدًّا هذا العام، في ظلّ مخاوف كبيرة من انعكاساتها السلبيّة على مختلف الجوانب الحياتيّة، لا سيما تلك المتعلّقة بالزّراعة والأمن الغذائي.

في هذا الوقت، ينتظر لبنان بترقُّب العاصفة الثلجيّة التي أطلق عليها اسم “أسيل”، وهي الأولى لهذا العام، فتتساقط الثلوج اعتبارًا من 1600 متر ويتدنّى مستوى تساقطِها لحدود الـ 900 متر وما دون ذلك في المناطق الشماليّة صباح الخميس، ثم تخفُّ حدّتها تدريجيًّا خلال النّهار مع تقلباتٍ جوية حتى ليل الجمعة، وتبقى الأجواء الباردة حتى نهاية الأسبوع، مع تشكُّل الجليد على الطرقات الجبليّة والداخليّة.

منخفض جوي عالي الفعالية

في التفاصيل، يسيطرُ طقس مستقرّ على لبنان والحوض الشرقي للمتوسط مع درجات حرارة فوق معدَّلاتها الموسمية، حتى مساء اليوم الثلاثاء، حيث تتأثر المنطقة تدريجيًّا، وفق ما أعلنت “مصلحة الأرصاد الجويّة”، بمنخفضٍ جوّي عالي الفعّالية مصدره البحر الأسود ويكون مصحوبًا بأمطار غزيرة ورياح قوية اعتبارًا من صباح غدٍ الأربعاء، وتساقط حبّات البرد وتشكّل السّيول على الطرقات مع دخول كتلٍ هوائية باردة تؤدي إلى انخفاضٍ ملحوظ بدرجات الحرارة.

الطقس المتوقع في لبنان

– الثلاثاء: قليل الغيوم إلى غائم جزئيًّا من دون تعديلٍ يذكر بدرجات الحرارة، وترتفع نسبة الرّطوبة اعتبارًا من بعد الظهر ويتكوَّن الضّباب على المرتفعات ويتحوّل تدريجيًّا خلال الليل إلى غائم وتنشطُ الرياح كما تتساقط أمطار متفرقة تشتدُّ اعتبارًا من فجر الأربعاء مع حدوث برق ورعد.

– الأربعاء: غائم مع انخفاضٍ تدريجي وملحوظ بدرجات الحرارة والتي تصبح دون معدّلاتها الموسميّة، ويتكوّن الضّباب الكثيف على المرتفعات تسوء معه الرؤية وتتساقط أمطار غزيرة أحيانًا ومترافقةً بعواصف رعدية، إلى رياح ناشطة تشتدُّ سرعتُها لتلامس الـ 70 كلم/ساعة يرتفع معها موج البحر. كما تتساقطُ حبَّات البرَد وتتشكّل السّيول على الطرقات وانجراف التربة، وتتساقط الثلوج على ارتفاع 1600 متر خلال النهار ويتدنّى مستوى تساقطِها خلال الليل ليلامس الـ 1100 متر لذا يرجى توخّي الحذر من سلوك الطرقات الجبليّة، خاصةً طريق ضهر البيدر.

– الخميس: غائم مع انخفاضٍ إضافي بدرجات الحرارة وضبابٍ على المرتفعات، وتتساقط أمطار متفرقة تكون غزيرة أحيانًا مع حدوث برق ورعد ورياح ناشطة خاصّةً في المناطق الشمالية لتصل إلى ما يقارب الـ 50 كلم/س، وتتساقط الثلوج على ارتفاع 900 متر وما دون ذلك في المناطق الشماليّة، وتخفّ حدّة الأمطار والثلوج اعتبارًا من بعد الظهر مع حدوث انفراجات، ويتشكَّل الجليد على الطرقات الجبلية والداخلية اعتبارًا من 800 متر خلال الليل، لذلك يرجى الحذر من خطر الانزلاقات.

– الجمعة: غائم جزئيًّا مع ارتفاعٍ بسيط بدرجات الحرارة وضبابٍ على المرتفعات، وتتساقط أمطار خفيفة متفرقة ومتقطعة مع بعض الثلوج الخفيفة على ارتفاع 1100 متر وما فوق، ويستقرّ الطقس اعتبارًا من المساء ويبقى خطر تكوّن الجليد على الطرقات الجبليّة والداخليّة اعتبارًا من ارتفاع 1000 متر خلال ساعات الصباح الأولى والليل.

الأسوأ في الـ80 سنة الماضية!

في سياقٍ متّصلٍ، يعزو رئيس قسم التقديرات الجوية في مطار بيروت محمد كنج، السّبب إلى سيطرة المرتفعات الجويّة على منطقتنا، الأمر الذي منع المنخفضات الفعّالة، موضحًا في حديثٍ لموقع mtv، أنّ “كلّ المنخفضات التي تأثّرنا بها هذا العام لم تكن تَعْبر عبر البوابة التقليدية أي بوابة تركيا – قبرص – لبنان، بل كانت تمرّ عبر مصر – شمال أفريقيا ومنطقة دافئة هناك، فكانت تخسر برودتها وكميّة الأمطار، ما يؤدّي إلى تساقط أمطار خفيفة لا تطول مدّتها بسبب انفلاتها عن الكتلة الباردة الأمّ”.

ويُتابع: “المنخفضات الفعّالة التي عادةً ما تضرب لبنان، تأتي عبر بوابة تركيا وتبقى متّصلة مع الكتلة القطبيّة الأمّ وهذا ما يُغذّيها ويشحنها بالبرودة والرّطوبة وتبقى لفترة أطول في منطقتنا. هذه السنة لم نشهد منخفضات فعّالة، بل قصيرة ودافئة وشحيحة بالأمطار وغير باردة، لذلك لم نرَ تساقط الثلوج دون الـ 1500 متر، لكنّ “الجرّة ستنكسر” اعتبارًا من الأربعاء”.

إذْ يكشف كنج “أنّنا سنشهد بدءًا من الأربعاء أوَّل عاصفة ثلجيّة ستضرب لبنان أطلقت عليها مصلحة الأرصاد الجويّة اسم “أسيل” وسنشهد تساقطًا للثلوج وغزارة بالأمطار. والثلوج تبدأ بالتساقط اعتبارًا من ارتفاع 1500 متر وتتدنّى مساء الأربعاء لتلامس الـ 1000 متر، أما صباح الخميس فهو الأشدّ برودةً وسيشهد ثلوجًا على ارتفاع 900 متر وقد تلامس الـ 700 متر في مناطق الشمال”، مشيرًا إلى أنّه ستكون هناك استراحات في الطّقس ولكنّ التقلّبات ستستمرّ حتى نهاية الأسبوع.

أمّا عن الشحّ في الأمطار والجفاف غير المسبوق، فيقول كنج: “هذه السنة هي من السنوات الشحيحة التي تُعدّ ضمن أسوأ 5 سنوات في الـ 80 سنة المسجّلة لدى مصلحة الأرصاد الجويّة، والسببُ يعود إلى أنّ كانون الثاني الذي عادةً ما يشكّل حوالي 25 في المئة من فصل الشتاء، وصل معدّل الأمطار فيه إلى حدود 191 مليمترًا. ففي بيروت تساقطت الأمطار بحدود الـ 18 مليمترًا أي أقلّ من 10 في المئة من المعدّل وهذا ما أدّى إلى خسارة كبيرة في فصل الشتاء هذا العام، لأنّ هذا الشّهر عادةً ما تتساقط فيه أكبر كمية من الأمطار”.

كما يلفت إلى أنّ “كانون الثاني 2025 كان دافئًا مع درجاتِ حرارةٍ تفوق معدّلاتها الطبيعيّة مع مرتفع جوي مسيطر على الحوض الشرقي للمتوسط، بينما كانت كلّ المنخفضات في الحوض الغربي ووسَط المتوسط، وهذا الأمر زاد من شحّ المياه في لبنان. ففي زحلة مثلاً، تبلغ كمية الأمطار التي تساقطت حتّى الآن 150 مليمترًا في وقت أنّ المعدّل الطبيعي يصل إلى 405 مليمترات تقريبًا، والعام الماضي وصل إلى 530 مليمترًا. أيضًا في بيروت، هذه السنة بلغ المستوى 260 مليمترًا حتى الآن في حين أنّ المعدّل هو 530 – 540 مليمترًا، أمّا العام الماضي فقد شهدت العاصمة تساقطاً للأمطار بلغ حوالي 840 مليمترًا”.

وبطريقةٍ مبسّطةٍ، يُفسّر كنج: “المليمتر الواحد يعادل ليتر مياه بينكبّ على كلّ متر مربّع، أي إذا تساقطت أمطار بحدود الـ 10 مليمترات كأنّها شتّت على كلّ مترِ مربّعٍ في لبنان بحدود الـ 10 عبوات مياه، كلّ عبوة عبارة عن ليتر”. ويُضيف: “من الواضح أنّ كمية الأمطار هذا الموسم لن تصل إلى المعدّل الطّبيعي الذي كنّا نشهده سابقاً، لأنّ التقلّبات في شباط محدودة، حتّى لو شهدنا منخفضات وعواصف مثل “أسيل” التي لن تطول وستدوم حوالي 30 ساعة ما بين الأربعاء والخميس، ثمّ تحدث بعض الانفراجات البسيطة أمّا التقلّبات فتستمرّ حتّى الإثنين”.

ويقول إنَّ “شباط وآذار يشكّلان 30 في المئة من نسبة المُتساقطات (شباط 130 مليمترًا وآذار بحدود 110 مليمترات)، فحتّى لو حقّقنا هذه المعدلات سنبقى متأخّرين على الأقل بحدود 40 في المئة عن المعدّل. وكمعدّل عام، بلغت المُتساقطات حتّى اليوم 260 مليمترًا من أصل 825 مليمترًا (السّنة المطريّة منذ أيلول حتّى آخر آب). على الأكثر، يُمكن أن تصلَ إلى حدود 400 أو 450 مليمتر، إلا إذا حدثت معجزة وبيَّضها آذار مع كميات أمطار وثلوج أكبر من المتوقّع، فهذا سيكون مفيدًا للناس ولكن يضرّ بالموسم الزراعي”، مستشهدًا بالمثل الشهير: “شباط مهما شبّط ولبّط ريحة الصيف فيه”.

كذلك، يرى رئيس قسم التقديرات الجوية في المطار أنّ “مدّة فصل الصيف طالت، وفصلَي الربيع والخريف أخذا من مدّة الشتاء، الذي تقلّص على حساب الصيف”، موضحًا أنّ الخريف بات يبدأ في أواخر أيلول وفصل الربيع بات يبدأ باكرًا، وهذا يُظهر أنّ فصل الشتاء في منطقتنا بدأ يتقلّص.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us