التّدبير السعودي: ليس بالتكليفات تُعالج التداعيات!
جاء في “المركزية”:
دخل قرار السلطات السعودية “منع دخول الخضروات والفواكه اللبنانية أو عبورها من أراضيها” حيّز التنفيذ اعتباراً من أمس الاول، بعد أن لاحظت الجهات المعنيّة في الرياض “تزايد استهداف المملكة العربية السعودية من مهربي المخدرات في لبنان”.
والحظر السعودي للمنتجات اللبنانية خسارة كبيرة للاقتصاد حيث أعلن وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عبّاس مرتضى أن “قيمة الصادرات الزراعية عبر السعودية تبلغ 24 مليون دولار سنوياً”. لكن، في المقابل، رأى البعض خلفيات سياسية لهذه الخطوة، عبر توجيه رسالة واضحة وقوية ضد لبنان الرسمي، للضغط على المسؤولين لاستعجال تشكيل حكومة ووقف الانهيار. فما مدى دقّة هذه المعطيات؟
المحلل لشؤون الشرق الأوسط ومدير “مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية” سامي نادر أشار عبر “المركزية” إلى أن “الأكيد أن التدبير حقّ قانوني للسعودية، لأن هناك من يعتدي على سيادة دولة ويهدد أمنها، فالكميات المهرّبة تزعزع مجتمعا بأكمله، والسفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري صرّح بأن المخّدرات المهرّبة من لبنان كافية لإغراق العالم العربي بها. وأقلّ الإيمان أن توقف السعودية دخول كلّ المنتجات الزراعية اللبنانية قبل ضبط الحدود والحركة عبرها”.
واعتبر أن عند قراءة دوافع القرار السعودي “لا يمكن التغاضي عن إدراجه في إطار السياسة السعودية تجاه لبنان، إذ منذ اندلاع حرب اليمن وانخراط “حزب الله” في الإقليم بشدّة باتت هذه السياسة أقل تسامحاً، بمعنى أن ما قبل ذلك كان يغضّ النظر عن بعض المواضيع نظراً إلى خصوصية لبنان، وكانت تمدّ اليد لمساعدته باعتبار أن كلّ مكوّناته لا تمثّل الحزب. لكن، منذ الـ 2011، بدأ يُلاحظ أن الأخير يمسك أكثر وأكثر بمفاصل القرار اللبناني والحكم فيه، مع سيطرته على كامل الحركة عبر الحدود، كذلك نيران الحرب الإيرانية تصل إلى الداخل السعودي، حارقةً أطراف البلاد ومهددةً أمنها، وباتت أنشطة طهران تهدد مصالح الدول الخليجية أيضاً، ما جعل التسامح أقلّ، وتغيّر الموقف. باختصار، هامش التسامح السعودي والعربي بشكل عام تجاه لبنان تضاءل إلى حدّ كبير”.
أما في الشق الاقتصادي، وفي ما خصّ تداعيات القرار على هذا الصعيد، شرح نادر أنه “شديد الخطورة، كون توقيته تزامن مع عدم قدرة لبنان على تأمين حاجاته الأساسية، بالتوازي مع حاجته الماسّة حتّى إلى فلس واحد بالعملة الخارجية، نتيجة أزمة السيولة الحادّة والشحّ الكبير بالدولار الأميركي مع استنفاد الاحتياطي غير الإلزامي وبدء استخدام الاحتياطات الإلزامية للمصارف. في المقابل، مصادر العملة النادرة متأثّرة سلبياً كون السياحة معدومة، الاستثمارات الخارجية متوقفة وتحويلات المغتربين تراجعت، بالتالي يبقى التصدير أحد مصادر هذه العملات، في حين تشكّل السعودية الوجهة الأولى للصادرات”.
إضافةً إلى ذلك، لفت إلى أن “صورة البلد وهوّيته ورسالته انضربت ومنتوجاته المعدّة للتصدير (ليس فقط الزراعية) في خطر”، سائلاً “من سيقصد بلدا يهرّب الكبتاغون للسياحة وفيه متفجّرات؟ ومن يثق به؟”، مضيفاً “في حين لبنان الكبير، تحوّل من بلد الرسالة وأرض الحوار إلى منصّة للجريمة المنظّمة وللمتفجرات والمخّدرات”.
وعلّق نادر على مقررات اجتماع بعبدا حول القرار السعودي، سائلاً “أين أجهزة المخابرات والقضاء؟ الموضوع لا يعالج بتكليفات. المطلوب قرارات حازمة ومتّهمون خلف القضبان”.
مواضيع ذات صلة :
“استقرار المنطقة” بين وزيرَي خارجية السعودية وإيران | وصول طائرة إغاثية جديدة ضمن الجسر الجوي السعودي الى مطار بيروت | مواقف عربيّة تُندّد باستهداف إيران.. ومخاوف وتحذيرات من عواقب التصعيد |