في زمن الصوم.. دعوات من الراعي وعودة إلى التوبة وتنازل الطوائف للدولة

لبنان 6 نيسان, 2025

 

لطالما كان الدور الديني لا ينفصل عن الدور السياسي في لبنان، حيث لا تغيب عن عظات يوم الأحد التوصيات الروحية والوطنية سعياً إلى تغيير الواقع السياسي في لبنان وتزويده بقيمٍ إنسانية.

في التفاصيل، ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الأحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، أمين سر البطريرك الأب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان- حريصا الأب فادي تابت، الأب جورج يرق، وبمشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور حشد من الفاعليات والمؤمنين.

بعد الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان: “يا معلّم أريد أن أبصر”، قال خلالها: “على الصعيد الوطنيّ ، الكلّ يطالب بتغيير النظام في لبنان، لكنّ اللبنانيّين يختلفون على تعريف النظام الذي يريدون تطويره، وعلى توقيت إطلاق هذه الورشة المفعمة بالمغامرات والمفاجآت. نحن نعيش في ظلّ نظام ديمقراطيّ برلمانيّ لا غبار عليه، وفي ظلّ صيغة تعايش مسيحيّ- إسلاميّ نموذجيّة، وفي ظلّ ميثاق وطنيّ يرعى النظام والصيغة. عاش لبنان مراحل نشوئه واستقلاله واستقراره على ثلاثيّة: النظام والصيغة والميثاق. لم تكن الديموغرافيا معيار هذه الثلاثيّة بل الشراكة. وكانت الخلافات ذات طابع قوميّ مستقلّ عن الديموغرافيا. وكانت التعدّدية والفدراليّة والمركزيّة، حتى السبعينيات الماضية، مفردات غريبة عن قاموسنا السياسيّ والدستوريّ. كان العدد تعبيرًا حسابيًّا لا وطنيًّا. كان للفكرة اللبنانيّة فلاسفتها، وللعروبة روّادها”.

وختم الراعي: “غاية البعض هي السيطرة على الدولة، وليست تحديث النظام. يوم يصبح العدّ والطائفة معيار التقدّم تموت الحضارة. وحين يصبح تطوير النظام انتزاعَ الحكم، تولد الحرب الأهليّة. إنّ بعض الذين يطالبون بالتغيير الدستوريّ يرمون إلى توسيع سلطتهم في إدارة الدولة، لا إلى تحسين الدولة. المطلوب اليوم أن تتنازل الطوائف للدولة، لا الدولة للطوائف، وأن يحضن الطرفان المواطنين الباحثين عن دولة مدنيّة. فدور المواطن هو الغائب في دولة لبنان. فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، لكي تستنير الضمائر بنور الحقيقة التي مصدرها الله، فنصوّب نظرتنا إلى حياتنا ودعوتنا ورسالتنا، تمجيدًا للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين”.

بدوره، ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: “يوفر لنا موسم الصوم الكبير فرصة مقدسة للإنخراط في أعمال التوبة والصوم والصلاة والصدقة، فيما نستعد لعيش ذكرى آلام ربنا يسوع المسيح وموته وقيامته. تعمل هذه التدريبات والممارسات الروحية على تطهير قلوبنا وتقوية عزيمتنا وتعميق شراكتنا مع الله، وبعضنا مع بعض. عندما نصوم عن الملذات الأرضية، نتذكر اعتمادنا على الله في حاجاتنا اليومية، ومنها الطعام. من خلال الصلاة الحارة والشفاعة، نقدم قلوبنا وحياتنا لله، طالبين إرشاده ونعمته للتغلب على التجارب والخطيئة. أما من خلال أعمال المحبة والرحمة، فنمد محبة الله ورأفته للمحتاجين، مجسدين روح تضحية المسيح غير الأنانية على الصليب. علاوة على ذلك، ترتبط التوبة ارتباطا وثيقا بالحياة الأسرارية للكنيسة، لا سيما الإعتراف. لذلك، جمعت الكنيسة المقدسة هاتين العمليتين في سر واحد هو سر التوبة والإعتراف. في سر التوبة والإعتراف لدينا الفرصة لنعترف بخطايانا أمام الكاهن ونتلقى المشورة والتوجيه الروحيين، ونختبر القوة الشافية لمغفرة الله. يعلمنا التقليد الأرثوذكسي أن الإعتراف ليس مجرد عمل شكلي، بل لقاء مقدس مع الله الحي الذي يقدم لنا عطية المصالحة واستعادة الشركة معه. تغفر خطايانا بصلوات الكاهن ونعمة الروح القدس، فنتصالح مع الله وكنيسته، ونستعد لتناول الأسرار المقدسة باستحقاق”.

وتابع: “إلى ذلك، فإن التوبة ضرورية لمشاركتنا في زمن الفصح المقدس، لأنها تهيئنا للدخول إلى ملء قيامة المسيح. فإذ نحن نقترب من عيد الفصح المشرق، نحن مدعوون إلى اعتناق السر الفصحي بقلوب تطهرها التوبة وتتجدد بالنعمة بالتوبة، نموت عن الخطيئة والأنانية، ونقوم إلى جدة الحياة في المسيح، مشاركين في انتصاره على الخطيئة والموت.”

وختم: “ختاما، التوبة هي البوابة إلى زمن الفصح المقدس، وهي رحلة تحول وتجدد مقدسة تقودنا إلى الإحتفال البهج بقيامة المسيح. فبينما نواصل «جهادنا في الصوم»، علينا أن نتوب بتواضع وانسحاق، طالبين رحمة الله ومغفرته بقلوب صادقة. الصوم بانضباط، والصلاة بحرارة، والعطاء بسخاء، هي ما يرشدنا في هذه الرحلة الروحية التي نستعد فيها لاستقبال الرب القائم من بين الأموات بقلوب مشتعلة بالحب والفرح”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us